في الخامس من حزيران سنة ٦٧، هزم العرب حتى قبل أن يقاتلوا...
إعلامياً، تحقق اختراق الجبهات حتى قبل اختراقها...
سقط الجولان بينما كان الجيش السوري لا يزال منتشرا على الهضبة...
بفعل نشر روح الهزيمة، راح بعض الجنود يخلعون الثياب العسكرية، يرمون السلاح، وينسحبون على أنهم مدنيون...
من يقرأ "عظات" بطرك البيت الأبيض في لبنان، يرى كيف يلعب هذا الرجل نفس اللعبة، وكيف يتبع نفس اسلوب ما حدث ايام النكسة...
يصور البطرك وضع البرلمان الجديد على أنه انتصار جماعة اميركا في لبنان... رغم علمه ويقينه أن من وصل من عملاء أميركا الجدد لم ينجح في قلب الموازين كما يأمل البطرك وكما أملت وصرحت اميركا...
قد يكون البطرك الراعي انتقل إلى المرحلة التالية بعد أفول مرحلة الدعوة إلى الحياد...
لقد أسقطت الحرب في أوكرانيا أقنعة الحياد الكاذب...
سويسرا التي احتفظت بقناع الحياد حتى أثناء الحرب العالمية الثانية، كانت أول من خلع هذا القناع، واصطف إلى جانب مركز السلطة المالية العالمية في وول ستريت...
آخر حبات عنقود الحياد الكاذب، كانت فنلندا والسويد...
من يمعن النظر بمواقف تلك الأنظمة المقنعة، يجد أنها لم تكن يوما على الحياد وأنها كانت تشارك حلف الأطلسي في كل غزواته تحت شعارات مزيفة من الحفاظ على الديمقراطية أو محاربة الإرهاب، في الوقت الذي لا يخفى على أحد أن كل ما كان يجري هو محاولات لمنع صعود الصين وروسيا إلى مستوى الدول العظمى، والحفاظ على احتكار اميركا لقب الدولة الأعظم...
دول الحياد المزعوم لم تكن سوى بيادق في خدمة مركز السلطة المالية العالمية... وهي لا تزال كذلك...
من يتابع البطرك الراعي، يظن أن الثورة الملونة قد نجحت في لبنان...
رغم كل الكره الذي يكنه المرء لمنظومة الفساد التي سقط بعض رموزها إلا أن بعض من يعول عليهم البطرك من الوافدين الجدد هم أسوأ بدرجات من الفاسدين...
مصيبة البلد أنه واقع بين مطرقة الفساد وسندان العمالة وعجز الحداد...
البطرك الذي رسم في السابق خطوطا حمراء لحماية رأس وكر الفساد من الطغمة المالية، انتقل هذه الأيام إلى المستوى الأعلى المتقدم الذي تريده الإدارة الأميركية... الاستعانة بالعملاء لمواجهة سلاح الكرامة والتحرير...
صحيح أن بعض الوافدين الجدد يأتون من نفس ينابيع جورج سوروس وقد حصلوا على تهنئة إخوانهم من الماسونية العالمية عبر أندية الليونز...
إلا أن الثورة الملونة في لبنان، لا تزال بعيدة عن تحقيق النصر...
لا بل يمكن القول إن الظروف الآن، ورغم كل العجز وعدم وجود نية مواجهة هؤلاء الفاسدين والعملاء الجدد؛ إلا أن الظروف افضل ألف مرة من تلك التي أنتجت ١٧ أيار المشؤوم...
قد تكون طمأنينة البطرك ومن يلف لفه، ناتجة عن الحلم الزائد الذي تبديه المقاومة...
البطرك وأميركا والخليج وإسرائيل ينظرون فيرون سلاحا هزم كل المشاريع...
ينظرون إلى حامل السلاح، يرون وجها حليما مبتسما لا يكشر عن أنيابه رغم كل ما يجري...
لأن البطرك والجوقة حوله لا يرون ابعد من انوفهم، صعب عليهم رؤية مدى التصميم الذي تكنه ولا تظهره المقاومة إلا حين يجد الجد...
المسألة لم تعد في رئاسة البرلمان، ولا في رئاسة الحكومة...
باتت المسألة اليوم هي أن يكون هذا البلد أو لا يكون...
لكي يكون هذا البلد وبيقى عزيزا حرا مستقلاً...
على ألسنة السوء أن تخرس قليلا لأن اليد التي حررت لا تزال
تمسك الزناد...
رغم الحلم الظاهر...
عند الجد لن ترى جبال لبنان وسفوحه إلا ما كان في حربي التحرير الأولى والثانية...
عند الضرورة... الثالثة سوف تكون الثابتة...
حليم خاتون