كَتَبَ د. إسماعيل النجار: لبنان يتراجع ٦ خطوات إلى الخلف، من الخط ٢٩ إلى ٢٣ وإسرائيل تطالب بالشراكة في حقل قانا،
مقالات
كَتَبَ د. إسماعيل النجار: لبنان يتراجع ٦ خطوات إلى الخلف، من الخط ٢٩ إلى ٢٣ وإسرائيل تطالب بالشراكة في حقل قانا،
د. إسماعيل النجار
16 حزيران 2022 , 07:16 ص


نَومٌ على الأوهام المصطَنَعه، وآمالٌ كبيرة بَنوها لنا على أوهام ما أسموهُ حقولٌ مليئةٌ بالخير، ليتبين لاحقاً أنها ستطعمنا بَدَل اللحوم بقول؟

نحن لسنا مهندسي بترول ولا إقتصاديين، ولكننا مُبصِرين ولسنا فاقدي البصر ولا البصيرة؛

لقد زارنا المبعوث الصهيوأميركي آموس هوكشتاين والتقى المسؤولين اللبنانيين المعنيين في المفاوضات والطاقة واستمع إليهم جميعاً ولم ينطقوا ببنت شَفَة حول الخط ٢٩!، وسلمهُ رئيس جمهورية لبنان جواباً شفهياً غير مكتوب حول ملف الترسيم والتنقيب بإنتظار الرد الصهيوني، خوفاً من أمرٍ قد يُوَرطُ لبنان نفسه بمستند قبل إستلام الرد الإسرائيلي على رسالته،

الرد الذي إستلمه هوكشتاين من عَون بقيَ طَي الكتمان ومُبهَم ولكنه قال أن كافة اللبنانيين مُجمعين عليه،والحقيقة أن كل اللبنانيين مخدوعين، ولم يعرفوا ماذا قالَ رئيسهم للرسول الأميركي أو بماذا طالبَ فخامته بإسم اللبنانيين الذين لا يعرفون شيئاً؟ سوىَ أن البعض بَنَىَ على ما قاله جبران باسيل في إطلالته المتلفزة هذا الإسبوع بأن خط ٢٣ وحقل قانا كاملاً بزيادة ٤٠٠ كلم°مقابل الخط ٢٩ وإلا تعديل المرسوم (٦٤٣٣) كورقة ضغط وإبلاغ الأمم المتحدة به،

لكن ما بين التخمينات والتسريبات ومعرفتنا بسياسيينا كيف يتصرفون بالحقوق وكيف يتنازلون عن السيادة سراً وعلناً ويتشنفخون في تصريحاتهم على شاشات التلفزَة ووسائل الإعلام ويتظاهرون بأنهم يُظهرون حرصهم على الوطن وسيادته وخيراته،

فأننا نعتقد أن الخط ٢٩ أصبَح في ذِمَّة الله وأن المرسوم (٦٤٣٣) أصبَح غير صالح ولا جَدوَىَ له في ظِل الموقف الضعيف والتخلي، وأن جُل ما يطالب بهِ لبنان من الخط ٢٣ وكامل ما أسموه حقل قانا تريد إسرائيل مشاركتنا به وبالقوة الأميركية، أيضاً ظناً منها بأن ما يَدَعون أنه حقل نفطي يخبئ في جوفه ثروة غازية كبيرة تريد تل أبيب حصة لا بأس فيها منه،

أما ضحكة هوكشتاين الكبيرة والمُعَبِرَة عندما سُئِلَ عن رأيهُ في موضوع الترسيم فأنها دَلَّت وبشكلٍ واضح على إستهزائه بكل ما يقوله اللبنانيون، وأشار إلى أن إسرائيل سوف تشاركنا حقل قانا لإمتلاكها ملف قانوني متين لبنان من وُجهَة نظره لا يمتلكه،

بالأمس قرأت كلاماً للعميد الركن المتقاعد أمين حطيط يتحدث عن حقل قانا بأنه حتى الآن لم يُثبَت بالدليل العلمي أن بداخله مواد كربونية وأن تسمية المنطقة بالحقل سابقة لأوانها وعَبَّرَ العميد حطيط بأننا ربما نكون مُعَرَّضون لإنتكاسة إقتصادية إذا لم يثبت وجود غاز فيه،

وفي حال ثبت كلام حطيط فأن لبنان سيخرج من مولد قانا بلا غاز ولا نفط،

المسؤولون اللبنانيون الذين هدَّدَتهم أميركا بالعقوبات واللذين تمت معاقبتهم أيضاً جميعهم يبحثون حلول لمشاكلهم الشخصية وعن إرضاء واشنطن لكي تمر العاصفة من فوق رؤوسهم بسلام ومن دون عقوبات يذهب معها جنىَ العمر الذي نهبوه من تعب اللبنانيين الخاملين الخائفين،

من هنا نستطيع أن نؤكد أن كاريش ستصبح سيادته إسرائيلية، وخط ٢٣ ربما سيكون جائزة ترضية شرط حصول إسرائيل على ٢٠٪ منه، على قاعدة من (دِهنو سَئِّيلو) كل ذلك لأننا نعيش في وطن مليئ بالذئاب والخَوَنة والصامتين عن الحق،

بعد كل ما جرى ويجري فإن كثيرين من اللبنانيين سيطرحون أسئلتهم المتوقعه على المَلَئ وبصوت عالي أين هو حزب الله من ما يجري من مؤامرات للتخلي عن ثرواتنا ضمن الخط ٢٩ وجزء من حقل قانا،؟

سؤال وجيه الجواب عليه بسيط جداً :

هُوَ أن المقاومة التي تحتفل اليوم بعيدها الأربعين والتي قاتلت الإحتلال الصهيوني وصنعت التحرير وحافظت على الإنجازات كانَ كل ذلك بالعمل العسكري والأمني الميداني وليسَ بالسياسة،

/ولو كان القرار السياسي بيد هذه المقاومة لكانت مياهنا الإقليمية اليوم تحت سيطرة بحريتنا وتحت سيادتنا،

لكن حزب الله أيها الإخوة ليسَ بديلاً عن الدولة، ولم يكُن يوماً كذلك، ولن يكون يوماً كذلك، ولن يتجاوز لبنان الرسمي في هذا الأمر، وإلَّا سيعتبره العالم بأجمعه بأنه فعلاً دويلة داخل الدولة تقوم بمحاولة السيطرة على قرار لبنان،

لدى المقاومة كتلة نيابيه داخل البرلمان تُشكِلُ ما نسبته ١٠٪ من مجموع النواب العام البالغ ١٢٨ نائب تستطيع هذه الكتلة إبداء الرأي والإعتراض بحجمها العددي المنظور وليس بحجم حزبها العسكري على الأرض، ومَن بعتقد بأن حزب الله سيفرض رأيه بقوة السلاح فإنه مشتبه وواهم، لأن هذا السلاح للضغط على العدو وليس على الشركاء في الوطن، وغير ذلك إن تحقيق أي شيء هو ضرب من الخيال والمستحيل إذا لم تفوضه القيادة السياسية الرسمية بذلك،

من هنا نستطيع القول بأن لبنان الرسمي في حال تمسك بحقوقه كاملةً ولم يتنازل عنها من دون خيانة وزعبَرَة، فإن المقاومة جاهزة لحماية هذه الحقوق واستردادها بالقوة كما قال الأمين العام السيد حسن نصرالله حفظه الله، فيدكلام سابق له قبل سنوات حيث أبدىَ السيد نصرالله استعداد المقاومة منع العدو من استخراج النفط والغاز شرط صدور قرار رسمي من الدولة اللبنانية،

حزب الله أيها الإخوة ليسَ خائفاً من الحرب ولا يختبئ خلف قرار الدولة الضعيف ليهرب منها، لكنه لا يقبل أن يكون بديلاِ عنها أو أن يتجاَزها،

أما ما نراه حالياً من تكتم وهمس وإخفاء للحقائق والرسالة اللبنانية المُبهَمة لإسرائيل عبر هوكشتاين بإنتظار الرد الصهيوني الإسبوع المقبل يشير إلى أن الكُرة في ملعب إسرائيل وأن الإتفاق يصبحُ مستبعَداً في حال أصرت على مشاركتنا حقل قانا، وحينها ستصبح المواجهة حتمية وستقع الحرب،

الحرب حكماً لن يخوضها بوجه إسرائيل أشرف ريفي أو أحمد فتفت أو فارس سعَيد أو غيرهم من المنبطحين،

الحرب سيخوضها حزب الله نعم حزب الله،

وفي حال وافقت إسرائيل على التخلي عن حصتها التي تطالب بها في حقل قانا فهذا يؤكد ويدُل أن الآية الكريمة وبشِّر الصابرين أللذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إن لله وإن إليه راجعون هي المطابقة لواقعنا الجديد،

وداعاً حقل كاريش.

بيروت في...

16/6/2022