بجيشنا وإقتصادنا ووجودنا لاحقون بكم، نتيجَة إجرامنا وعنادنا وإصرارنا بإطالة أمد الحرب.

والأمرُ بانَ واتَضَح، معَ دخولِ الصينِ وروسيا على خط الحرب في غَزَّة، من بَوَّابَة مجلس الأمن الدولي، خلال رفع الفيتو المزدوِج في وجهِ أمريكا، عَطَّلَت به موسكو وبكين مشروعَ قرارٍ قدَّمتهُ واشنطُن، يُدينُ حركةَ حماس، ولا يدعو لوقفِ إطلاقِ النار، ووقف الإبادةِ الجماعيةِ والمجازرِ التي تُرتَكَبُ على مدار الساعة، بصواريخ سلاح الجو الصهيوني.

الموقفُ الثُنائِيُّ يُشِيرُ إلى اِنتِقامٍ روسيٍّ صينيٍّ مزدوج من الكيان الصهيونيِّ على موقفهِ السلبيِّ تُجاهَ موسكو من الحرب الأوكرانيةِ الروسية،وبهذا الفيتو اكتَمَلَ مشهدُالعالم، حيثُ خرجَتْ صورةُ التحالفِ بينَ مكوِّناتِ مِحوَرِ المقاومة، الذي يَمتدُّ من فلسطينَ إلى طهران، لِيَصلَ إلى موسكو وبكين،

وهذا التعطيلُ سيُقابِلُهُ تعطيلٌ أمريكيٌّ لِمَشاريعَ صينيةٍ روسية، ما يُجبِرُ الأطرافَ على التحدُّثِ والتفاوضِ والتَّقدُّم، مقابلَ بعضِهم البعض، خطوةً بخطوة، للمقايضة.

تدويلُ القضايا بِعُرفِنا،وكما عرفناه، يُشبِهُ المجلسَ العدليَّ اللبنانيّ، يعني انتزاعَ ملفٍّ من يدِ قاضٍ نشيطٍ ونزيه، ونقلَهُ إلى مقبرةِ الحقوق.

نحن كَمحورِ مقاومة، يجب أن لا تتعدّى خطوةُ الصينِ وروسيا حدودَ الدعمِ كحلفاء، ويجب أن نعتبرَها جزءاً من مواجهةِ المشروعِ الأميركيِّ في المنطقةِ والعالم، وليسَ نقلاً أو انتزاعاً لِملفِّ غزةَ، من يَدِ قويِّ المِحوَرِ الى يَدِ الرّوسيِّ والصينيّ، لأنَّ رؤيةَ هاتَيْن ِ الدولتَيْن ِ لِإسرائيلَ تختلفُ عن رؤيتِنا ونظرتِنا لها.

إسرائيلُ عدوٌّ وكِيانٌ لقيطٌ غاصِبٌ ومغتصب، وتعامُلُنا معه لن يتغيرَ، ويجبُ أنْ لا يتغير، ويجبُ التعبيرُ دائماً من قِبَلِنا أنّنا نتعاملُ مع عصابةٍ صهيونيةٍ مُجرِمة،

بينما الصينُ وروسيا تَعترفان ِ بوجودِ إسرائيلَ كدولة، ويتعاطَوْنَ معها على هذا الأساس، من هنا نذَكِّرُ الجمهوريةَ الإسلاميةَ الإيرانيةَ بِخُبْثِ الاعداءِ من مخططاتِهِم، لأنَّ أمريكا ستكونُ أوّلَ المُرحِّبينَ بنقلِ الملفِّ من اليدِ الإيرانيةِ إلى اليدِ الأُخرى صينيةًكانت أم روسية.

هذا ليس خيالاً ولا أضغاثَ أحلام، إنما هو واقعٌ يجب أخذُهُ بعينٍ الِاعتبار، وعدمُ الِاستخفافِ بِه.

ملفُّ غزّةَ يَجِبُ أنْ يَبقى إقليمياً بإمتياز، وروسيا والصينُ عاملٌ مساعدٌ، في مجلس الأمن، ليس أكثر.

حكومةُ نتانياهو، التي كَبَّرَتِ الحجرَ، لم تتمكَّنْ من ضربِهِ، فوقعَ من فوقِ رأسِها على أصابع ِ قَدَمَيْها؛

هذه الحكومةُ الخائبة، وهذا الجيشُ الجبانُ سيخرجونَ من هذِهِ المعركةِ بارتكابِ كثيرٍ منَ المجازرِ، بالنساءِ والأطفال، وجرائمِ حربٍ وقتل ٍوتدميرٍ منَ الجَوِّ فقط، من دونِ تحقيقِ أيِّ هدفٍ، أو إنجازٍ عسكرِيّ، وهُم سيخرجون بهزيمةٍ نَكْراءَ مُنُوا بها خلالَ المواجهاتِ البريَةِ على الأرضِ، في مستوطنات غلافِ غزّة.

اليومَ تخرُجُ إلى العلن ِ أصواتٌ صهيونيةٌ رسميةٌ تُبْدي استعدادَها لِتَبادُلِ الأسرى الصهاينة الموجودينَ في غزة،ببعضِ الآلافِ منَ المُعتقلينَ الفلسطينيينَ في السجونِ الصهيونية، ما يعني أنَّ القيادتَيْن ِ الصهيونِيَّتَيْن ِ العسكريةِ والسياسية، باتوا على يقين ٍ بأنَّ العالمَ تغيَّرَ مِزاجُهُ تُجاهَ تل أبيب، نتيجةَ إجرام القيادة الصهيونية، و هَوْل ِالمجازرِ والدمارِ اللَّذَيْن ِ ارتكبتهما آلَتُهُم العسكرية،وإنَّ الرأيَ العامَّ العالمِيَّ بدأ يضغطُ على إدارةِ بايدن،التي بدأتْ بِدَوْرِها بالتّراجُعِ عن تَصريحاتِها السابقة، وعن تحريضِها لِاجتثاثِ حماسَ وفصائل ِ المقاومة، والمسألةُ أصبحتْ مسألةَ وقت، ولعبةِ عَضِّ أصابع، وإنّما النَّصرُ صبرُ ساعة.

أمّا بالنسبةِ لحركةِ حماسَ والجهادِ وباقي الفصائل الفلسطينيةِ الذين لديهم أسرىَ صهاينة نقول: هذِهِ فُرصتُكُمُ الفعّالة لِتَبييضِ المُعتقلاتِ من أبنائِكم، ومنع إعادة اعتقلهم من قِبَلِ الصهاينة، لأيِّ سببٍ كان، إنَّ الفرصةَ تاريخيةٌ،ولن تتكرر، وقدبلغت كلفتهادمارَنِصفِ القطاعِ وأكثرَ من سبعةِ آلافِ شهيد، أيْ بِعَدَدِ الأسرى الذينَ تَهدِفُونَ تحريرَهم، وأكثرَ من ١٨٠٠٠ جريح، فلا تُفَوِّتوا الفُرصةَ

ولا تقبلوا بأقلِّ من تحريرِ كاملِ الأسرىَ والكشف عن المفقودينَ واستعادةِ جثامين ِ الأبطالِ من مقبرةِ الأرقام، ومَنعِ إعادةِ الِاعتِقال ِمُجدّداً، وفكِّ الحصارِ وإعادةِ الإعمار.

أنتُم المنتصِرون،ولَدَيكُم أوراقُ ضَغْطٍ وقوّةٍ كبيرة، لن تتكرر بين أيديكم؛ تستطيعون من خِلالِها تحقيقَ كلِّ ما تَبْتَغون، لأنَّ الجُندِيَّ الصهيونِيَّ لهُ قيمتُه لدى العالمِ، بعكسِ اعتِبارهم لنا كذباب.

لا لا ترضخوا للضغوط القطريةِ والمِصريّة والأردنيّة، لِأَنّكُم عندما ذُبِحتُم كانَ هؤلاءِ شركاءَ حَمَلَةِ السَّكاكين، ولم يَرِفَّ لهم جَفْنٌ لِما كنتم تتعرضونَ له، ولم يهتزوا لِصُوَرِ أشلاءِ أطفالِكم وحرائرِكم.

قِفُوا، واحزِموا أمرَكم... فاللهُ معكم يُمدِدْكم بجنودٍ لم ترَوها.

بيروت في...

27/10/2023