روسيا على طريق الإنتصار، وأوكرانيا ومن يدعمها نحو الهزيمة
مقالات
روسيا على طريق الإنتصار، وأوكرانيا ومن يدعمها نحو الهزيمة
طارق ناصر ابو بسام
25 حزيران 2022 , 04:47 ص


ولماذا انا مع بوتين

الآن وبعد، مضي اكثر من أربعة أشهر على بدء معركة اوكرانيا والتى سمتها روسيا (عملية خاصة)، يبرز امامنا جميعا عدد من الأسئلة الهامة بعد انقضاء هذه المدة وماحملته معها من تطورات، هل حققت روسيا اهدافها من هذه العملية العسكرية أم هل فشلت، ام اصبحت اقرب الي تحقيق الأهداف التي ارادتها من هذه الحرب، ام انها خسرت هذه الحرب كما تدعي بعض وسائل الإعلام الغربية المنحازة اصلا الي المعسكر المعادي لروسيا.

وللإجابة على هذه الأسئلة، والتي تحمل في داخلها مجموعة أخرى من الأسئلة، علينا ان نعود وبشكل سريع لما قبل بداية الحرب، وماهي الاهداف التي حددتها روسيا لهذه الحرب.

لقد حددت روسيا مجموعة من الاهداف الرئيسة، كما جاء في تصريحات الرئيس بوتين ووزير خارجيته ووزير الدفاع الروسي وغيرهم من المسؤولين، وأكدوا عليها مرات عديدة، فما هي هذه الاهداف:

أولا/ حماية منطقة الدونباس والدفاع عنها في مواجهة هجمات الجيش الأوكراني والنازيين

ثانيا/ نزع سلاح أوكرانيا وجعلها دولة محايدة

ثالثا/ عدم انضمام اوكرانيا الي حلف الناتو

رابعا/ اما اهداف اوكرانيا والناتو فيمكن تلخيصها بالتالي:

اولا/ استعادة جزيرة القرم التي اعادتها روسيا لسيادتها عام ١٩١٤

ثانيا/ تحرير المناطق التي تم الاستيلاء عليها في منطقة الدونباس، جمهوريتي لوغانسك ودانيتسك

ثالثاً/ انضمام اوكرانيا الي حلف الناتو والإتحاد الاوروبي

رابعا/ محاصرة روسيا واضعافها واستنزافها اقتصاديا، وعدم السماح لها ان تصبح لاعبا رئيسا في السياسة الدولية، وهزيمتها عسكريا وتفتيتها وتقسيمها داخليا .

والان وبعد انقضاء هذه المدة على بدء المعركة، وحتى نكون موضوعيين في تقييم الحرب ونتائجها، حتى الان نستطيع القول وبكل ثقة ان روسيا تسير نحو تحقيق أهدافها، نقول ذلك للأسباب التالية:

اولا/ روسيا اعترفت بجمهوريتي لوغانسك و دينيتسك وقدمت لهما الدعم واوشكت على تحريرهما بالكامل، وقد أعترف الرئيس الأوكراني قبل بضعة ايام ان اوكرانيا خسرت 20% من أراضيها واصبحت تحت السيطرة الروسية.

ثانيا/ اصبح واضحا ان انضمام اوكرانيا الى حلف الناتو اصبح هدفا غير واقعي وبات حلما لن يتحقق وهذا ما تعترف به اوكرانيا والدول الغربية.

ثالثا/ لقد تم تدمير البنية العسكرية الاوكرانية بشكل شبه كامل (سلاح الجو والدبابات والمصانع والمراكز والمطارات...الخ)، ومن يتابع تصريحات الناطق باسم وزارة الدفاع الروسية يستطيع ان يرى ذلك بوضوح.

صحيح ان الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبا قدمت الدعم المالي الكبير وقدمت الإمدادات الكبيرة بمختلف انواع الأسلحة... لكن الصحيح ايضا ان هذه الاسلحة يتم تدميرها قبل ان تصل، او يتم الاستيلاء عليها، وفي كل الأحوال فهي لن تستطيع الإخلال بميزان القوى العسكري الذي يميل بقوة لصالح روسيا.

رابعاً/ قامت الولايات المتحدة ومعها دول أوروبا، والدول المتحالفة معها في العالم، بفرض اقسى نظام عقوبات شهده التاريخ ضد روسيا، ظنا منهم ان روسيا لن تصمد امام ذلك، الا ان روسيا بصمودها، وذكاء قيادتها، استطاعت ان تحول العقوبات الى فرصة لصالحها واستطاعت ان تحولها إلى خسارة كبرى لمعسكر أعدائها، وهذا ما نشاهده اليوم في اوروبا بشكل خاص والتي ستدفع الثمن غاليا وتكون الخاسر الأكبر بعد أوكرانيا

خامساً/ روسيا اصبحت اكثر تماسكا، واشد قوة ووحدة، حيث وقف الشعب الروسي في غالبيته العظمى خلف قيادة الرئيس بوتين والجيش الروسي، بينما تعيش دول الغرب حالة واضحة من التفكك، تزداد يوما بعد يوم. وهذا ما نراه من خلال بروز الخلافات بينهم في الكثير من القضايا مثل الموقف من انضمام اوكرانيا الى الاتحاد الأوروبي والناتو، ومن سياسة العقوبات والدعم بالمال والسلاح، وهذا التفكك سوف يتفاقم كلما طالت الحرب وفقدت هذه الدول الأمل في هزيمة روسيا وخسارتها لهذه المعركة.

سادسا/ لقد سقطت امريكا واوروبا سقوطا أخلاقيا مدويا في هذه المعركة من خلال استخدامها المقاييس المزدوجة، ومن خلال تعاملها مع روسيا كدولة معتدية وهي تدرك قبل غيرها ان روسيا دخلت هذه الحرب مجبرة، وبعد ان استنفذت كافة الخيارات الأخرى، ودول الغرب هي من دفعتها الى ذلك. كذلك كيف تعاملت هذه الدول مع قضية اللاجئين الأوكران، حيث استقبلتهم وقدمت لهم كل شيء لدرجة نستطيع ان نسميهم لاجئين الـ ٥ نجوم (سكن، فنادق، مساعدات مالية، ضمان صحي، فرص عمل الخ)، بينما رفضت استقبال اللاجئين من سوريا والعراق وليبيا واليمن وافغانستان وعاملتهم بطريقة مختلفة و وضعتهم في معسكرات في ظروف صعبة وأغلقت الحدود امامهم مما أدى إلى موت الكثير منهم غرقا في البحر او في الطريق اثناء البرد

كما ان هذه الدول خاصة امريكا وبريطانيا هي من افتعلت الحروب واشعلت نيرانها في كل مكان وهل هذا حلال لهم وحرام على غيرهم.

نعم انها ازدواجية المعايير

ولا يحق لهم اطلاقا التكلم في موضوع الحرب، وأنه عدوان ...الخ

اليست امريكا هي من دمر ت العراق وسوريا وافغانستان واليمن وليبيا، ومن قبلهم يوغسلافيا في وسط أوروبا، اليست امريكا هي الدولة الوحيدة التي استخدمت السلاح النووي ضد اليابان. عن اية ديمقراطية وحقوق انسان يتحدثون

اجل انها امبراطوريه الكذب كما اسماها بوتين وهو محق في ذلك

اما الآن اقول لكم لماذا انا مع بوتين، وماهي الأسباب التي تدفعني لذلك، وعندما اكون مع بوتين، فانا وقبل كل شيء مع روسيا.

بداية انا لا اعبد الأشخاص، ولست ممن يصفقون لهم، احدد موقفي منهم بناءاً على مواقفهم وممارساتهم.

لا شك ان الأشخاص، لعبوا سابقا ولازالوا يلعبون، دورا كبير في صناعة التاريخ وهذا ماحصل سابقا ويحصل الآن، الم يقم الكثير من القادة بترك بصماتهم في مجريات الأحداث في العالم وغيرت التاريخ سلبا وايجابا والأمثلة كثيرة من تاريخنا الخاص، أو من تاريخ البشرية بشكل عام، (عمر بن الخطاب، علي بن ابي طالب، نابليون، لينين، ماو، ستالين، هتلر، عبد الناصر، تيتو، غاندي، السادات، كاسترو، مانديلا، هوشي منه، الخميني)، وغيرهم الكثيرين حيث تطول القائمه.

وفي ظل ما يجري اليوم من احداث وتطورات على الصعيد العالمي، في اعقاب الحرب في اوكرانيا، والحرب العدوانية التي تشنها الإدارة الأمريكية وحلف الناتو ضد روسيا والموقف الشجاع الذي اتخذه الرئيس بوتين، هذا الموقف الذي يضع اللبنات الأولى على طريق نهاية سياسة القطب الواحد والهيمنة الامريكية المطلقة على العالم، كما أسس لنظام عالمي جديد، متعدد الاقطاب، تقوم فيه العلاقات على قاعدة المصالح المشتركة وبعيدا عن الهيمنة.

اما الأسباب التي تدفعني الى ذلك الخصها بما يلي:

١_كونه يتمتع بشخصية قوية، متماسكة، لديها كاريزما ونفوذ كبيرين، وكونه قادر على التخطيط، يعرف جيدا ماذا يريد بشكل مدروس، بعيدا عن العواطف والانفعالات، وقدرة على اتخاذ الموقف المناسب في الزمان والمكان المناسب. وهذا ماحصل منذ توليه السلطة من (القوقاز الى جورجيا، ومنها الى القرم ..الي سوريا، واخيرا في اوكرانيا، وليست هذه نهاية المطاف)

٢_استطاع ان يقول لا كبيرة، قولا وعملا لسياسات امريكا في العالم، ويقف ضدها، وينهي هيمنة القطب الواحد .

٣_كونه اعاد الإعتبار الى روسيا ودورها على الصعيد العالمي بعد ان تراجع هذا الدور وكاد ان يتلاشى بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، كما اعاد للشعب الروسي ثقته بنفسه، وحقق استقرارا سياسيا واقتصاديا وامنيا على المستوى الداخلي، ومنع تفكك روسيا، كما اراد أعدائها.

٤_كونه وقف الى جانب ايران في الملف النووي، في مواجهة أعدائها.

٥_كونه استطاع ان يقيم تحالفاً استراتيجيا متينا مع الصين لم يسبق له مثيل ولأول مرة في تاريخ العلاقات منذ زمن طويل، ضاربا بنظرية كسينجر عرض الحائط التي تقوم على أساس عدم السماح بإقامة علاقات جيدة بين الصين وروسيا، والدفع الدائم باتجاه توتير العلاقات بينهما.

٦_وقوفه الى جانب سوريا ضد الهجمة العالمية عليها، وخاصة في الوقت المناسب ضد داعش والنصرة، وارسال القوات الروسية اليها لمنع انهيار الدولة والنظام، في وقت كانت تقف فيه اغلبية دول العالم بما فيها العربية ضد سوريا، وترسل الأسلحة والمرتزقة للقتال ضدها (صحيح ان هناك ملاحظات تتناول الموقف الروسي في سوريا من الدور الإسرائيلي والتركي هناك وهذا يحتاج إلى مقال خاص)

٧_ كونه اقام علاقات ايجابية ومتطورة مع قوى المقاومة الفلسطينية واللبنانية، في الوقت الذي اعتبرت فيه امريكا واتباعها العديد من هذه القوى ارهابية. ووضعتها على قائمة الارهاب.

٨_كونه كشف المعايير المزدوجة في مواقف الدول الغربية من قضايا متعددة مثل ( حقوق الانسان، الاحتلال، اللاجئين، وقام بتعرية اكذوبة الديمقراطية في هذه البلدان)

وهذا ما أظهره تعامل هذه الدول مع القضية الفلسطينية والاوكرانية.

هذه وغيرها من الأسباب تجعلني اقف مع الرئيس بوتين واحييه بحرارة، واتمنى لو ان القادة العرب يستفيدون من الدروس التي اعطاها ويخرجون من دائرة التبعية للولايات المتحدة ويهتمون في مصالح شعوبهم.

طارق أبو بسام

‏24‏/06‏/2022، براغ