كتبت مها علي,
الجميع يترقب زيارة بايدن إلى السعودية , وما سينتج عنها من قرارات سياسية , فأمريكا تحاول أن تلعب بذكاء على السعودية, وتسعى بكل قوتها أن تكسب السعودية لجانبها حتى تزيد من انتاج النفط لأجل الوقوف في وجه روسيا التي يزداد تقدمها يوماً بعد يوم في أوكرانيا, ولكن حصل ماهو جديد ومهم جداً, حيث ظهر الدعم العلني من قبل كوريا الشمالية لروسيا باعترافها بدونباس جمهورية مستقلة, وهي ثاني دولة تعترف بدونباس بعد سوريا, وهذا تطور مهم لأنه يعتبر دعماً رسمياً لروسيا, ومن المعلوم أن كوريا الشمالية تملك قدرة صاروخية كبيرة, بالإضافة للقدرات البحرية الكامنة في الغواصات التي تحمل صواريخ بالستية بعيدة ومتوسطة المدى,
بالمقابل الصين طردت مدمرة أمريكية من بحر الصين الجنوبي, وهو الموقع المتنازع عليه بين الولايات المتحدة والصين, فكل واحدة منهم تريد السيطرة علية نظراً لأهميتة الإستراتيجية في التجارة العالمية,
وطبعاً أمريكا لم تصمت وأرسلت حاملة طائرات إلى بحر الصين الجنوبي
والعالم يراقب المستجدات.
نعود إلى زيارة جوبايدن للشرق الأوسط, حيث أنه زار القدس المحتلة لأجل أن يؤكد للكيان الصهيوني أن أمريكا لن تسمح للجمهورية الإسلامية الإيرانية بامتلاك قنبلة نووية وأنها تدعم وجود ما يسمى إسرائيل
في الشرق الأوسط, وفعلاً تم توقيع وثيقة تاريخية توطد العلاقات بين الكيان الصهيوني وأمريكا, وتمهد الطريق نحو هذه الشراكة المبنية على الرؤية المشتركة,(نعم هما يشتركان بنفس القِيم بتدمير الشعوب الآمنة ونهب ثرواتها والسيطرة على أراضيها).
سيعرج جو بايدن على محمود عباس وبعدها سيتوجه إلى السعودية لينجز المهمة الرئيسية التي جاء من أجلها ومن المرجح فشلها, فلا يوجد شيء يؤكد أن السعودية ستقبل طلبات أمريكا , لأن السعودية في زمن محمد بن سلمان أصبحت أكثر حنكة وبدأت ترفض التبعية العمياء بعد أن تلقت عدة خيبات من حليفتها الولايات المتحدة على خلفية قضية الخاشقجي, وحربها مع اليمن, بالإضافة إلى أن جو بايدن كان قد أعلن من بداية مرحلته أنه سيجعل السعودية منبوذة .
الآن السعودية تجيد اللعب على الساحة الدولية وتريد عدة مطالب من أمريكا, أولها عدم وجود اتفاق نووي مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية يدعمها في إكمال برنامجها النووي, كما تريد دعم أمريكا لأجل إنهاء حرب اليمن لصالح السعودية, بالإضافة إلى ملف التسليح الذي من المفترض أن يعود بطريقة غير مشروطة كي تتمكن السعودية من الدفاع عن نفسها كما تدعي, لكن جو بايدن لا يريد تقديم أي شيء من هذا,
يريد فقط من السعودية أن تنتهك اتفاق أوبك بلاس وأن تعمل على زيادة إنتاج النفط, بطريقة الابتزاز وعرض لعبة قذرة, وذلك بتوضيح أن إيران وروسيا حليفتان والآن الأخيرة ستأخذ من إيران طائرات مُسيرة بأعداد كبيرة, وهذا يعني أن السعودية تدعم روسيا الحليفة لإيران والتي من المفترض أنها عدوة للسعودية حسبما يدعون, أي أن بن سلمان يدعم الدولة التي يخاف منها وهي إيران دون أن يشعر, وعلى هذا الوتر يعزف جو بايدن فهل سيستطيع كسب السعودية لجانب أمريكا ضد الروس؟
من المرجح لا, والصفعة القاتلة لأمريكا و رداً على زيارة جو بايدن للشرق الأوسط أعلنت منظمة البريكس أن السعودية ومصر وتركيا سوف ينضموا إلى تكتل ضرب الدولار العام القادم, وهذا يعارض مصالح الولايات المتحدة.
والسؤال الذي يطرح نفسه , إذا كانت أمريكا لن تستطيع حل مشكلة النفط مع السعودية فلماذا هذه الزيارة؟
بدأ الإعلام الصهيوني بالأمس الكشف عن أهداف زيارة جو بايدن إلى السعودية, موضحاً أن هدف الزيارة ليس سياسي بل هو اقتصادي بحت, حيث ستحصل خلاله اتفاقات اقتصادية ضخمة مع السعودية,
وستشمل المنطقة كلها, والكيان الصهيوني يريد المشاركة في هذا الإنجاز الضخم المسمى مدينة نيوم وهو المشروع الأكبر من الخليج إلى أفريقيا الذي أطلقه محمد بن سلمان آل سعود عام 2017, فمن المقرر أن تكون مدينة نيوم اقتصادية, زراعية, صناعية, سكنية وكل ما يمكن تخيله, وستمتد حتى مصر, ومن غير المستغرب أن السعودية تستطيع دعم المشروع اقتصادياً وحدها, فما هو دور الكيان الصهيوني وأمريكا؟
هنا نقول أن الكيان الصهيوني سوف يُقدم ما يملك من تكنولوجيا متطورة جداً لأجل تحلية مياه البحرالأحمر, من أجل دعم المشروع الزراعي بما أن السعودية تفتقر للمياه وغالبية أراضيها صحراوية, بالإضافة إلى أن أمريكا تمتلك الخبرات العلمية لدعم البحث العلمي الضخم الذي سيقام في مدينة نيوم السعودية,
الخلاصة: الكيان الصهيوني يحاول أن يقول للسعودية أن مصلحتها الإقتصادية معه لأنه سيجعل المدينة جنه خضراء من خلال تكنولوجيا تحلية المياه, بعيداً عن موضوع التطبيع لأنه بات اليوم أمراً هامشياً.



