كتب الدكتور محمّد كاظم المهاجر .. منارة الأحرار و الفكر.
مقالات
كتب الدكتور محمّد كاظم المهاجر .. منارة الأحرار و الفكر.
2 آب 2022 , 21:58 م


وأنا أستعرض الكتابات على الفيسبوك في بعض الأحيان ؛شريطاً طويلاً من سياقاتٍ في الكتابة يحكمها التباين الواسع في المستوى الفكري والمعرفة والمنهج والنص ؛ ولكنها بكل الأحوال تعكس مستوى العقول التي تفرزها ؛ وإذا سمحت لنفسي أن أُصنِّفها , وهو أمر لم يخطر على بالي في يوم من الأيام , حيث كانت الحكمة الماثلة أمامي:"احترام النفس تجنب صغار العقول"؛ ولكن هذا الكمّ من مسارات الِاستفزاز في أحيانٍ كثيرةٍ دفعني لهذا التصنيف:

1- كبارُ العقول المزودون بالفكر والمعرفة والمنهج , تنحو سياقات كتاباتهم بعرضٍ وتحليلٍ ُمدَعَّمٍ بالبَيِّنَةِ والمنطقِ، والِاستخدامِ الدقيق للمعرفة، وتذهب آراؤهم الحكيمة بسياقٍ كُلِّيٍّ منطلق من الفكر والمنهج , ليصوِّب الحالة الجزئية والنسبية؛ أي الذهاب من العام إلى الخاص.

وهؤلاء نادرون على الفيسبوك, وننتظر كتاباتهم بشيء من الشوق ومتعةٍ في القراءة , بغضِّ النظر عمّا إنْ كنّا نتّفق معهم في آرائهم أم لا .

2-كتابات متوسطي العقول، الذين يحملون قدراً من المعرفة ورغبةً في التَّعَقُّل , ولكنَّ منهجهم الذي غالبا مايكون ضمن إطار الِاستِقراء , يقف عند حدود الأحداث الآنيّة، فتأتي آراؤهم الحكمية نسبيةً ومحدّدةً بالحدث، ولا ترقى إلى التعميم والكُلِّيَّة , ويمكن فهمُهم ضمن هذه الحدود .

3- كتابات صغار العقول, الذين يعوزهم الكثير من المعرفة, ولايمتلكون أيّة بَيِّنة , وتنصبُّ أحكامهم وآراؤهم على الأشخاص, محملين بشيء من الِاندِفاع العاطفي والنصوص التهجُّمية والآراء غير المقبولة .

4- كتابات مستوى الإسفاف والِاستخدام البذيء، وغير المؤدب للنص . وآراؤهم غالباً ما

تكون قطعية بمستوىً مُنْحَطٍّ غير قابل للنقاش،

مُسْتَفِزٍّ ومسيء.

- وأنا في هذا التصنيف لم أذكر بينهم الكتابات المغرضةالمستهدفة والمنطلقة من موقع هادف غالباً ما يكون مأجوراً .

لم أذكرهم في التصنيف لأنّني صنّفت الحالات السابقةمع الافتراض بصفاء النوايا.

أما هؤلاء فيشكلون النوايا الخبيثة التي ليس لها مكان بينهم، وإنّما تستوجب المحاسبة والإحالة على القضاء.

-وفي هذه الأيام خرجت علينا إحدى الكتابات المؤذية التي يُمكن أن تقع ضمن التصنيف (3) إذ ربما نية كاتبها لاتتماثل مع ماكتبه , ولكن الصفات التي ذكرناها أعلاه لهذا التصنيف دفعته للوقوع في المحظور، تحت عنوان حرية الرأي , وأعرف جيداً أن مستوى فهمه لحرية الرأي واستخدامه محدود، هذا إذا لم يكن مشوها.

يقول أحدهم في نصه:"يجب إيقاف إحياء عاشوراء............لأن الموضوع أصبح معيباً ومُخْزِياً ومخجلاً، ونفاقاً وتجارةَ دين " ..."لم يبق من نهج الحسين إلّا اللّطم والتّطبير َوالثيابَ السوداءَ والهريسة "

ملاحظة جوهرية :

1-هذا الكاتب يتكلم عن الموضوع ( إحياء عاشوراء ) وليس عن أشخاص يستخدمون هذا السبيل بشكل غير سوي .

2-ثُمّ هو يتكلم عن النهج( لم يبقَ من نهج الحسين ............. ) .

-كلام رغم المستوى المتدني لهذا الفهم وصدوره عن صغير العقل ,لم يحل دون دفعي لتبيان أبعاده , لان التوقيت الزمني والمكان يحدِّدان إطار الحدث وأبعاده بما يستوجب دفع بلائه، وبحُجّةٍ علميةٍ وبَيِّنَة.

فلو أنّه أشار إلى أشخاصٍ مُعيّنين،أوحدّد أشخاصاً يستخدمون مجالس عاشوراء بالشكل الّذي أشار إليه لأغناني عن كتابة هذا الرد , ولكنّ الكلام الذي ورد بنصوصه لايمكنني التغاضي عنه ؛ وعليه أُورِد ما يلي :

1-جوهر أصول الإسلام بعد التوحيد هو العدل وهومقدم، أي العدل حتى على النبوة .

وعندما تحول الإسلام بعد الخلفاء الراشدين من رسالة إلى مُلك عضوض،في عصر بني أميّة , أطلق الجهميون أفكارهم الِانحِرافيّة وبأن الخير والشر من الله؛ كان هذا المسار هدماً لروح الإسلام وجوهر رسالته .

2- التصدي لهذا النهج في أعلى درجات التضحية جسدتها كربلاء في مقارعة الاِنحراف والظلم ومن أجل المحافظة على روح الإسلام في العداله .

3-على مدى حوالي ألف وأربعماية سنة , حاول كل الطغاة القضاء على عبرة كربلاء بمنع المجالس الحسينية ورُدّوا خائبين .

4-كربلاء مجّدها كل المفكرين وأصحاب الرأي والشعراء، ومن كل المذاهب والأديان السماوية .

5-كربلاء كانت وستبقى أداة رئيسية في حفظ نهج الرسول الكريم وآل بيته الأطهار ووسيلة للتعبئة في مقارعة الظلم والأنظمة المستبدة .

_ اليوم وفي ظل اشتداد الهجمة الصهيوأمريكية التي أخذت منحى التخريب الِاقتصادي والضغط السياسي والتهديد، وإشعال الفتن الطائفية وشوّهت الإسلام، عبر خلق التكفيريين والدواعش، واستخدمت كل ذلك بعد أن عجَزَت عن إخضاع المنطقة بالقتال أو الحرب , وهي اليوم في أشد حالاتها قسوة ولؤماً وغدراً واستخداماً للعملاء والخونة، رغم بيئة كورونا المستوجبة للحضور الإنساني .

في ظل هكذا وضع نحن فيه أحوج مانكون إلى نهج الحسين في التضحية والموقف الشجاع الأصيل ورفض الظلم , عاشوراء هي لرجال الاصالة والعدل والفكر النير والأحرار ومقارعي الظلم القادرون على التضحية وعلى مدى العصور كلها والمنتصرين على كل الطغاة والظالمين والمترسخة عبر كل القرون السابقة منارة للأحرار وهدياًللفكر .

أخيراً أقول: إذا كان مفهوم هذا الكاتب للحرية يعني أن يقول مايريد جزافاًويمشي. فباستخدام هذا المفهوم معاذ الله أن أصل إلى هذا المستوى _

ولكن هنا مجازاً اذا استخدمت هذا المفهوم للحرية كما يفهمه، ووفقا" لذلك فأنا حرّ أيضاً كما يقول هو، وأقول تعبيراً عن اشمئزازي ومع الاعتذار مسبقاً لهذا النص الذي سأورده , الاعتذار من القراء الذين يعرفون معنى الأدب. أقول: ( حريتك ورأيك هم دون مستوى................ )

والسلام على من اتبع الهدى بعقل نير .