فرادة ايران النووية وديبلوماسية صناعة القرار
منوعات
فرادة ايران النووية وديبلوماسية صناعة القرار "السجادية"..!\ د. محمد صادق الحسيني
29 آب 2022 , 13:47 م


توقع ايران او لا توقع لم يعد هو الخبر

فاي حدث من هذا النوع سيكون مؤقتاً ومصيره قابل للإبطال من احد الطرفين بعدما ادلى كل بدلوه حتى النهاية…

‏الخبر ، الحدث ، الاهم ، هو ان ايران تجاوزت كل مخاطر التجربة النووية وباتت صاحبة دورة نووية كاملة (علمياً يعني انتاج العلوم من الالف للياء وهذا هو الاهم ،وهو ما يغيظهم) ودولة نووية بامتياز وستبقى كذلك مهما حصل، وبامكانها كذلك ان تصنع القنبلة النووية في غضون وقت قصير جداً ان ارادت.

هذا هو الخبر

والذين يطالبونها اليوم ويلحون عليها بالتوقيع او الامتناع عن التوقيع او صناعة القنبلة ، او عدمها لا يعرفونها جيدا..!

فما يجب ان نعرفه عن ايران هو :

انها ليست العراق ولا ليبيا

‏حيث يقرر الحاكم فيها ان تصبح نووية فتصبح كذلك وفي وقت آخر يقرر ان يتخلى عن ذلك فتصبح لانووية…!

‏وهي ايضا ليست باكستان ذو الفقار علي بوتو ، يقتنص فرصة دولية ليتفق مع اوروبا لتصنيع قنبلة نووية محكومة بصراع قومي مع الهند…

‏ولا كوريا الشعبية الديمقراطية ، الدرع المتقدم للاتحاد السوفياتي والصين الشعبية ضد المعسكر الامبريالي…

‏علينا ان نتذكر ان مؤسس هذه الدولة الفتية منذ نحو ٤٣ عاما و امامها العظيم قال قولته الشهيرة يومها في لحظة الاستفتاء على نوع النظام :

‏نريد جمهورية اسلامية لا كلمة زائدة ولا كلمة ناقصة…

‏اي نريد نظاما جمهوريا عصرياً يستند الى راي الجمهور ومشاركة الجمهور وممارسة الجمهور ، وديناميكية حضور الجمهور "بعجره وبجره " يجرب ويجرب حتى ينصهر ويشذب ويهذب نفسه بالعمل السياسي حتى يتمكن من الدفاع عن جمهوريته بقوته الذاتية متى ما تطلب الامر…

ولكن لابد من ترموميتر عالي المواصفات مرتبط بما هو اقوى واشد تماسكا واكثر صلابة من المألوف في الجمهوريات ، تربطه علاقة غيبية - واقعية بفوق كل ذي علم عليم ، ليراقب ويعمل ناظرا عاما حاضراً للتدخل في اللحظة الحاسمة ليس فقط لمنع وقوع الخطر على الجمهورية ، بل ولمنع تآكل الجمهورية من الداخل، ألا وهو القائد العام للثورة الاسلامية اي الولي الفقيه.

اي نظام دولة يطير بجناحين جناح الجمهور وجناح الفقيه.

يوم استأذن وزير جارجية الدولة على اكبر صالحي الامام الخامنئي ليذهب الى مسقط ليلتقي موفدا اميركيا ليفاوضه سراً على النووي ، كان رئيس الجمهورية احمدي نجاد معارضاً ، وكان رئيس مجلس الامن القومي سعيد جليلي معارضا ايضاً..

لكن ذلك حصل باذن الحاكم الشرعي والدستوري بشروط واضحة وصارمة ، وتفاعلت الامور حتى وصلنا الى اتفاق ٢٠١٥ المعروف بالاتفاق النووي محل الجدل الان …

كانت هذه ليست المرة الاولى التي يجرب فيها ممثلي الجمهور حظهم في ادارة الملف النووي..

قبلها جربوا كثيرا ، نجح منهم من نجح وفشل منهم من فشل وكانت المستويات متعددة، ومتفاوتة ، وكلها كانت تتحرك بين خطين احمرين ، احدهما مرتبط بالشرع الاسلامي والذي تتحكم به الفتوى ، والاخر بالقانون الحكومي الذي تتحكم به تشريعات مجلس الشورى..

وهذه الخطوط الحمر لا يستطيع احد اي احد بمن فيهم راس النظام اي الامام الخروج عليها اعتباطاً..

وادارة هذه الخطوط تجري بدقة متناهية تشبه دقة عُقَد السجادة العجمية البديعة والتي قد تتطلب ستة اعوام او اكثر لتتبين جماليتها ودرجة استحكامها…

في احدى المرات دخل على الخط عشرة نواب قدموا يومها مشروعا معجلا لرئاسة مجلس الشورى يقضي بمنع التسلح النووي ، فجاءت المشورة من مكان ما ليسحبوا المشروع سريعاً …!

والحجة يومها لماذا تشرعون قانونا تلزمون به الحكومة والولي الفقيه وانتم لستم المعنيين به في ظل وجود الفتوى المعنية هي بالتحكم في مساره هذا بالتحديد…!

في كل مراحل الصعود والهبوط التي مرت على الملف النووي الايراني ، كان هذان الخطان الشرعي و القانوني ، هما الراعيان لعمل ونشاط الاف العلماء ومئات المراكز والتجارب العلمية ، دون ان تصطدم ارادة اي منهما بالاخر حتى صارت ايران ما هي عليه الان…

فما هو للجمهور يجب ان ياخذ مداه واقصى مداه، وما هو للفقيه سياخذ مداه والشرع المقدس هو من يحدد متى واين ياخذ مداه…

ولما كان الامام الخامنئي هو القائد للثورة والجمهورية معاً باعتباره المقام الاول قانونياً ودستورياً ، وهو الولي الفقيه اي المشرع الاول في البلاد، حتى بين المراجع الدينية العليا .

ولما اخذ الجمهور بممثليه الحكوميين والبرلمانيين دوره بالكامل في الموضوع

بقي من حق القائد فقط لا غير ان يستنبط هو ومن يعمل معه من لجان ومستشارين ومؤسسات تتبع موقع القيادة الدستوري والشرعي ، ليقرر بناء على تجربته الغنية بالحكم وبالشرع

ان توقع ايران وعلى ماذا توقع ، وان يبقي على الفتوى التي تمنع صناعة القنبلة،

أو يجد لها مخرجا

من باب : "عند الضرورات تباح المحظورات"

ومن يعرف طبيعة عمل الامام الخامنئي يعرف كيف ان الرجل ظل حريصاً جداً طوال فترة قيادته، ان ياخذ كل جانب من الدستور مداه الاقصى دون تداخل احدهما على حساب الاخر ، حتى من جانبه هو شخصياً…

ولا ينبئُك مثل خبير

*بعدنا طيبين قولوا الله*

المصدر: موقع إضاءات الإخباري