روى لنا الأجداد أن تقشيط العثمانيين لشعبنا وخاصة في الحرب الإمبريالية الأولى وصل حد اقتلاع اشجار الزيتون لاستخدامها لتحريك قطارات العثماني..
بعد أن تراجع خطر كوفيد 19 فتح الكيان ابوابه لتشغيل أي عدد واي تخصص بل ومن وبلا تخصص من قوة العمل وخاصة من الضفة الغربية وكذلك من قطاع غزة.
طبعاً لا أعتقد أن هناك من يزعم أن اقتصاد المحتل 1967 ليس مُلحقاً باقتصاد الكيان، إلحاق قسري بقوة التبادل اللامتكافىء المسلح Armed unequal Exchange، وطوعي بموجب اتفاقات أوسلو وبروتوكولات باريس.
ترتب على فتح ابواب التشغيل لدى الاحتلال استيعاب مختلف مستويات خبرة وقدرة الطبقة العاملة في الأرض المحتلة 1967 من متخصصي برمجة الحواسيب وصولا إلى تنظيف الشوارع وهذه درجة استيعاب غير مسبوقة.
ونتيجة لهذا تضائلت البطالة في هذه المناطق وربما اختفت بينما تضائل الإنتاج وجرى تقويض أكثر لمواقع الإنتاج. واتضح هذا في القطاع الزراعي بما يعنيه هذا القطاع اي إهمال الأرض.
فقد تم ابتلاع قوة العمل الريفية الشابة للعمل في المحتل 1948، وعليه لم يعد يجد من يحتاج للعمل الزراعي يداً عاملة مأجورة. ولا شك طبعاً لأن أحد الأسباب أو أهمها هي المعادلة الشاذة في علاقة العمل بالأجرة:
· فأجور العمل في المحتل 1967 لا تكاد تصل ربع الأجور في المحتل 1948
· بينما اسعار السلع للمستهلِك في كلا الاحتلالين الأول والثاني هي نفسها.
· ويزيد الأمر خطورة أن المستهلك في المحتل 1967 لا يكاد يعتمد على ميزة قانون قيمة محلي لأن الإنتاج المحلي ضئيل ويتضائل في السوق.
· غياب دائرة تخطيط وتنمية تعنى بهذه الإشكالات ولو بالتفكير بحلها أو تسهيلها.
التناقض الفظيع:
إضافة إلى تغير سياسة التشغيل لدى الكيان بعد تراجع كوفيد 19 شأنه شأن مختلف الأنظمة التي لديها قطاعات إنتاج صار لا بد من توسيع الشغل والإنتاج بعد فترة القعود في البيوت، وإن كان القعود نسبياً في حالة الاحتلال، إضافة لهذا أو على النقيض منه، كان هناك تطور العمليات الفردية من الفدائيين الجدد في المحتل 1967 وهذا بخلاف مفارز النضال غير حرب 1967 وبخلاف الانتفاضة الشعبية الكبرى عام 1987 وبخلاف الشكل المسلح لانتفاضة عام 2000 التي ووجهت بكثير من النقد والهجوم والتفشيل. أي في المحتل 1948 توسع اقتصادي إنتاجي وفي المحتل 1967 توسع كفاحي بعمليات فردية أو مزدوجة مع احتفال جماهيري بها. نعم حالتين من التناقض الطبيعي لا شك.
قد لا يمكننا اللجوء إلى نظرية المؤامرة بالقول بأن:
· الكيان وسَّع تشغيل قوة العمل المحلية رداً على النشاط الكفاحي
· ولكن، لماذا لا يمكننا القول بأن هدف الكيان هو تقويض مواقع الإنتاج في المحتل 1967 لأن التناقض تناحري وتحديداً على الأرض!
تتضح معالم هذا الأمر في زيادة إهمال الأرض في المحتل 1967، وقيام الكيان بمنع إصلاح الأراضي في هذه المناطق رغم أكاذيب الاتحاد الأوروبي ك.ع.د.و تاريخي بأنه يضغط على الكيان بعدم منع الإصلاح في مناطق (ج) وهي 60% من الأراضي المحتلة 1967. كما تتضح معالم هذه المشكلة من خلال إهمال قوة العمل الشابة حتى للأراضي قيد الاستغلال والتوجه للعمل داخل الكيان.
ولا شك بأن لهذا اسباب علاوة على ما ذُكر أعلاه وهي تعمُّق النزعة الاستهلاكية محلياً مما يستدعي مداخيلاً أعلى وأجوراً أعلى لتغطية الإنفاق المصاب بحُمَّى الاستهلاك وكذلك بعامل التقليد في الاستهلاك اي تشبه الفقير بالغني والمحلي بالأجنبي الغربي.
لذا، يشكو الكثير في الأرض المحتلة 1967 من عدم وجود قوة عمل حتى بأجور أفضل مما كان سابقاً. كما يشكو اصحاب كروم الزيتون من عدم وجود قوة عمل:
· لا التي تعمل بأجر
· ولا تعمل مناصفة
· ولا حتى تأخذ ثلثين مقابل ثلثاً للمالك.
حالة الزيتون تمثل بشكل تراجيدي الصلع الإنتاجي. وإذا ما استمر هذا الوضع فقد يلجأ كثيرون لقطع الزيتون وهو عماد الزراعة في الضفة العربية خاصة وبيعه لورش تصنيع الخشب للسواح ليكون الوضع كمن يُصدِّر عظام أجداده.
كانت عراق حمو رابي ملك بابل ـوقف التعليم ليتفرغ الطلاب لمساعدة أهليهم في عيد جز الصوف هناك حينها. في المحتل 1067 هناك يوم أو يومين عطلة للطلبة في موسم الزيتون. لكن التوقيت غير مناسب لأن قطاف الزيتون متغير بين منطقة وأخرى.لذا، من الممكن أن تكون عطلة مدارس كل منطقة متواقتةً مع فترة قطف الزيتون فيها. وبالطبع، لا نعتقد أن لدى السلطة اية سياسة لمواجهة الصلع الإنتاجي، وحبذا لو تكون.
وسؤالنا هنا: كيف يمكن لأحد فهم هذه الصورة السوريالية في المحتل 1967 بمعنى:
· إهمال الأرض حتى الصلع وانشغال كثيرين في التجارة بالأرض لأجل البناء
· واتساع نضال الفدائيين الجدد دفاعا عن نفس الأرض؟"
لم يعد خافياً بأن الركض وراء شواكل أكثر يعني اقتلاع اشجار الزيتون على أهميتها المتعددة.
هل هكذا نحتضن هؤلاء الشباب؟