كثيراً أو أحياناً أتخيل و أتساءل:
ماذا لو كان بعض شهدائنا مازالوا على قيد الحياة أو إستمروا في الحياة حتى أمد قريب. و كيف ستكون أوضاعهم في ظل مانراه من منظومات أخلاقية أو لا أخلاقية أو سمّها ما شئت و على الأقل حتى أصل لبيت القصيد أو شرح ما أريد !
غالبيتنا نحن الفلسطينيين نحتفي ب و نمجد شهداء مثل وديع حداد و غسان كنفاني و ناجي العلي و غيرهم .. و هنا كمثال فقط ..
طبعاً لو كانوا مع أمثالهم من القادة و العظماء على قيد الحياة، لم تكن الأمور لتصل لهذا الحدّ من السوء و الإنحطاط. لانه بوجود وديع حداد و أبو جهاد و أبو إياد مثلاً لن يتجرأ عرفات و عباس و جيش العملاء على حكمنا و الفرعنة و الوقاحة بهذا الشكل ..
و بوجود كنفاني و ناجي العلي و كمال ناصر و أبو شرار مثلاً يصعب تخيل وجود الأنجزة و مرتزقة الطابور السادس و مسار بديل من بروكسل و الفوانيس الحمر من أمستردام و فتى الموساد عزمي براخا بشارة .. أو على الأقل بهذا الشكل القميء و المبتذل جداً.
و لكن لو إفترضنا عودة الشهداء أعلاه أحياءاً و في ظل الوضع الحالي و كما نعيشه و نعرفه:
ببساطة شديدة سيتم إتهام وديع حداد بكل تهم الإرهاب و الإجرام و تماماً كما يفعلون و فعلوا مع صدام حسين، حيث سيلحظون القشة في عينه و لا يشاهدون العامود في عيون كل قادة العراق بعد صدام و الذين أحضرهم المحتل.
و سترى وديع حداد يتعرض لابشع و أقسى الإتهامات و ستراه في مسلخ أريحا ينتظر مصير نزار بنات و رفاقه من الأموات و الأحياء و سترى الغالبية الساحقة من إعلام الأرض يشتمه و يحمله مصائب الكون منذ عهد يوحنا المعمدان على الأقل ..
و سترى كنفاني و ناجي العلي و أبو شرار و كمال ناصر بلا عمل و مع حظر أعمالهم و إنتاجاتهم و يتعرضون لمحاكمات لا تنتهي و بل تتوالد و تزيد بأنهم ضد الوحدة الوطنية و عملاء لسورية و إيران و السيد أبو العمامة و حتى للموساد ..
يعني كان الكثيرين من نفس هؤلاء الذين يضعون على بروفايلاتهم حداد و كنفاني و ناجي سيقفون على الضفة الأخرى و يساهمون بتشويه و رجم و ذبح و قتل الشهداء إياهم و الذين يمجدونهم الآن !!
كيف أعرف ذلك ؟؟!!
أعرفه من نفس موقفهم الآن و اليوم من قضية و محاكمة شهدائنا الأحياء رجا إغبارية و عادل سماره لأن هؤلاء الأخيرين يقومان بالضبط و تماماً بما كان يمكن أن يقوم به كنفاني و ناجي و وديع و غيرهم من الأكرمين و الأشرفين.
من لا يساندهما و بكل الوسائل الممكنة، لا يمكن أن يكون مع فلسطين و العروبة و الشهداء و الأسرى و المناضلين.
جريمة رجا إغبارية و عادل سماره الكبرى هي أن الإحتلال الصهيوني أو ذراعه الأمنية في رام الله يسعيان لإغتيالهما معنوياً و ليس جسدياً، حتى الآن على الأقل .