المسار الثوري الفلسطيني البديل/ بديل ضبابي, تقويض اليسار لصالح اليمين والدين السياسي
فلسطين
المسار الثوري الفلسطيني البديل/ بديل ضبابي, تقويض اليسار لصالح اليمين والدين السياسي
24 تشرين الأول 2022 , 17:11 م


كتب أحمد ناصر

الأرض المحتلة

يرتكز أحد أسس الثورة في توفير التحليل الملموس للواقع الملموس. هذا صحيح، لكنه يشترط في النهاية العمل الملموس وليس مجرد التنظير اللغوي.

فقراءة الواقع الملموس اساسي في إثبات مصداقية اي نضال في اي مجتمع. وأهم عامل للتعامل مع الواقع هو معرفة ماذا تريد الناس وخاصة الطبقات الشعبية في مطلق مجتمع! هذا ما تقيد به ماوتسي تونغ دائماً التعلُّم من الشعب باعتباره المعلم الذي لا يخطىء لأنه في عين الواقع ولديه الرؤية.

هل فشل النضال الفلسطيني؟

في تقييم التجربة النضالية الفلسطينية للتحرير، لا بد من أخذ الصورة باتساعها كي نتمكن من رؤية حقيقية ودقيقة. بدأ النضال الفلسطيني قبل أكثر من قرن ولا زال لتحرير وطنه من عدوان استيطاني حظي بدعم معولم أي من:

الغرب الرأسمالي الإمبريالي الذي لولا احتلاله لفلسطين لما تمكن المستوطنون من استيطانها.

وتم دعمه من الكتلة الإشتراكية السوفييتية متوهمة أن الاستيطان سيقيماً نظام اشتراكياً! على أرض غيره.

وتم دعمه من الاشتراكية الدولية

وتم دعمه من الأنظمة العربية التابعة.

هذا يعني أن شعبنا قاتل كل هؤلاء وليس الكيان الصهيوني وحده إلى أن جرى تشريده عام 1948.

لقد قاتلت الأنظمة العربية التقدمية (قومية الاتجاه) في حرب 1967 لتحرير فلسطين لكنها هٌزمت لعوامل خارجية حيث اوضحت الوثائق أن راس حربة العدوان الصهيوني كانت من جميع أنظمة الغرب الراسمالي الإمبريالي.هذا الغرب الذي يدرك أن تحرير فلسطين هو مشروع عروبي وليس فلسطيني فقط.بل ليس ممكنا إلا عبر الثورة العربية.

بعد هزيمة 1967 تورط كثير من الفلسطينيين، وخاصة اليمين الفلسطيني في الانحصار في دور الفلسطينيين فقط في تحرير فلسطين. وبقي هذا الطابع العام ل م.ت.ف. بينما بقي اليسار الثوري على قناعته بأن الصراع عربي صهيوني ضمن سياق الصراع العالمي بين الثورة والثورة المضادة. لكن اليسار هذا لم يتمكن من حسم الموقف لصالح رؤيته. وعليه، فإن اي مشروع خارج عروبة الصراع يصب في النهاية لصالح الثورة المضادة.

للتوضيح، فإن هزيمة مشروع الوحدة العربية يتضمن بلا شك أحد أسباب هزيمة م.ت.ف في عجزها عن التحرير ووصولها الطريق المسدود الذي نراه اليوم. حيث لجأ اليمين إلى حلول تصفوية متوهماً بالحصول على دولة في المحتل 1967 أي قرر تقاسم الوطن مع عدو يطمح لاحتلال ما بين النيل والفرات. ولجأت بعض الفصائل لتبني حلولاً من نمط دولة واحدة :ديمقراطية، علمانية، دينية ثلاثية، ثنائية القومية، دولة مع المستوطنين ...الخ وهو مشروع مطروح منذ قرن وبلا نتائج. ومختلف هذه الحلول هي هروب من التحرير.

في هذا السياق لم يتخلى اليسار الثوري عن مشروعه في التحرير والبعد العربي، لكنه لم يتمكن من هزيمة كل هذه التيارات بمن فيها تيار الدين الإسلامي السياسي.

ماذا يريد الشعب الفلسطيني ، وماذا يريد من غيره؟

مطلب الشعب الفلسطيني متعلق بوضعه تحت استعمار استيطاني راسمالي معولم،أي تحرير وطنه وهذا يعني أن المركز الإمبريالي هو نفسه في اشتباك مع الشعب الفلسطيني وليس الكيان الصهيوني فقط ، اي ان الغرب هو عدو تماما كما هو الكيان الصهيوني الإشكنازي وكما هي أنظمة التبعية والتطبيع العربية وما تسمى الأمة الإسلامية التي ترى الصراع والحل في الأديان.

لا يوجد في الساحة الفلسطينية والعربية سوى محورين متضادين:

محور المقاومة

ومحور المساومة/الثورة المضادة.

ولذا، فأية حركة سياسية يجب ان تصطف في أحدهما. هذا يعني أن الاصطفاف لا يسمح بوقوف في نقطة رمادية فإما هنا أو هناك.

وعليه، فإن ما يسمى ب المسار الثوري الفلسطيني البديل هو محاولة انتهازية استغلت الوضع المتردي ل م.ت.ف لتضرب اليسار بدل اليمين والإسلاميين! وهذا عجيب! فهي:

تقف خارج محور المقاومة بل ضده

وتقف خارج البعد العروبي مما يؤكد تموضعها في المحور الآخر رغم بلاغة لغة ما تنشر.

وتقيم علاقات مالية وإيديولوجية مع الإسلاميين عبر واجهة مضادة للثورة والثقافة العربية متمركزة في مستعمرة قطر!

بل تتموضع في عواصم الإمبريالية! حيث سوف "تحرر" الغرب أولاً وصولا إلى تحرير فلسطين كما تزعم داعش "تحرير" العواصم العربية وصولا إلى فلسطين!

يتواجد محور المقاومة من فلسطين إلى لبنان فسوريا فطهران، ويعمل محور المقاومة على:

تحرير فلسطين وتحرير الوطن العربي، اي مواجهة الإمبريالية والصهيونية والأنظمة العربية التابعة بما هي هذه الثورة المضادة. ولأن فلسطين هي النقطة الساخنة فالمطلوب بلا مواربة تكثيف الجهد لصالح المقاومة المسلحة بشكل أساسي في فلسطين نفسها (حرب غوار الريف وغوار المدن) كما يحصل الآن.

وهذا يعني تجميع كافة الجهود لصالح المقاومة داخل الأرض المحتلة طالما محيط فلسطين ليس جاهزا باستثناء لبنان المقاوِم.

خلفيات التبعثر في النضال الفلسطيني:

لقد تعرضت المقاومة الفلسطينية للكثير من الحصار والقمع في أماكن عديدة، كما عانت من قيادات فشلت في تقدير طاقة الشعب فلجأت للمفاوضات دون رغبة الشعب.

لذا، أمام هذه الإشكالات الذاتية والخارجية فُتح الباب لرقص الشياطين فتعددت الأطراف التي تحاول خلق بديل ل م.ت.ف. وهذا أمر يحتمل الصح والخطىء، يحتوي الثوري والإنتهازي، الصادق والمأجور...الخ

التشكيلات الإنتهازية:

ترافقت مع مسيرة م.ت.ف أخطاء وتراجعات وانحرفات مما فتح الطريق لكل من:

النقد الثوري الجذري بما في ذلك تجاوز م.ت.ف نفسها نحو بديل هو محور المقاومة

وللنقد والبدائل الإنتهازية.

بدورها بدأت قوى الثورة المضادة في تقويض القاعدة الشعبية للمقاومة وخاصة تقويض اليسار عبر:

أولاً: خلق وتمويل مجموعات من اللبراليين وما بعد الحداثيين عبر خلق منظمات الأ نجزة NGOs التي حظيت بتمويل هائل لخلق بُنى تنظيمية سياسية لا تمارس ولا تؤمن بالكفاح المسلح وبهدف امتصاص الكثير من الكوادر اليسارية وخاصة الماركسية لصالحها لكي تحيلهم إلى أبواق دعاية للسلام والمقاومة الشعبية "السلمية"!

بدأت هذه ظاهرة التمويل عبر الأنجزة بشكل متواضع منذ عام 1975 من خلال منظمة أنجزة هولندية NOVIB والتي بدأت مع الحزب الشيوعي وخاصة في المنتى الفكري العربي بالقدس .ونتجت عن ظاهرة الأنجزة هذه ما تسمى المبادرة الوطنية الفلسطينية التي دعى وشارك في تأسيسها حيدر عبد الشافي ويراسها مصطفى البرغوثي الذي يرفض نطق كلمة كفاح مسلح. وكان من دُعاتها إدوارد سعيد الذي رفع شعار: "إن على الفلسطينيين القيام ب :"تفكير جديد"! ولكن اي تفكير جديد في مواجهة الكيان الصهيوني غير الكفاح المسلح وكل نضال مساعد آخر!. وهذا ما تلقفته جماعة المسار البديل بتسمية نفسها "المسار الثوري البديل! لكن واقع الحال يؤكد أن لا جديد ولا بديل عن التحرير وبالكفاح المسلح تحديداً وفي داخل الأرض المحتلة نفسها.

ثانيا: ظاهرة البديل الفلسطيني تحت تسمية "الهيئة الوطنية للحفاظ على الثوابت" التي دعى لها عزمي بشارة متموضعا في مستعمرة قطر قاعدة نظام وقوى الدين الإسلامي السياسي وذلك عامي 2009-2010 . وكان قد حمل الفكرة قبل هروبه من فلسطين من خلال علاقته مع الحركة التروتسكية في الكيان الصهيوني وذلك بعد أن كان قد اثر على بعض قياديين من الجبهة الشعبية قبل هروبه والذين أصبحوا دُعاة ما يُسمى حل الدولة الواحدة، ومنهم ممن انتهى إلى ما يسمى المسار البديل.

وهنا يجب الانتباه: لماذا جرى تركيز مبعوث قطر والتروتسك والمسار على تفكيك الجبهة الشعبية والتقاط كوادرها!

بعد خروج عزمي بشاره من الأرض المحتلة وتموضعه في قطر حافظ على علاقة مع سوريا وهناك طرح مشروعه الجديد "الهيئة الوطنية للحفاظ على الثوابت"الذي يتضمن التطبيع مع الكيان الصهيوني. وحيث فشل في هذا عاد إلى قطر وانقلب ضد سوريا وإيران وحزب الله مع بداية عدوان "الربيع العربي" بعد أن خدع هؤلاء لسنوات مديدة!.

وهنا غير تكتيكه حيث أخذ يعمل مع جماعة المسار البديل والتروتسك من الكيان منذ 2010 ولكن تدريجيا وبخبث. ومن يطالع مجلة الآداب عام 2010 يرى كيف تقاطعت اطروحات خالد بركات وسماح إدريس وعزمي بشارة!

وللمرء هنا أن يسأل: ألم يعرف بركات وإدريس أن بشارة عضو كنيست وداعية لدولة لكل مواطنيها ويتمترس في قطر! أي هو مع الاعتراف بالكيان ويتموضع قطر قاعدة الإخوان المسلمين.

وهذا يطرح السؤال: هل حقاً لم تتنبه قيادة اليسار إلى هذا الخطر الذي بقي يتغلغل بهدوء في جسد الجبهة الشعبية حتى بعد أن أعلن بشاره موقفه مع إرهاب معولم وديني ضد سوريا الوطن والشعب والدولة. أم أن في صفوفها القيادية من يتماهى مع هذه التوجهات بدل أن يذهب باتجاه جذري كفاحي عبر محور المقاومة تحديداً.

ثالثاً: تعلَّم التروتسك، وبشارة ودُعاة التطبيع الدرس فأخذوا يعملون بشكل خفي دون أن يكشفوا نواياهم، ولذا لجأوا إلى الشكل التآمري الجديد وهو البقاء في الأطر وتنظيم اشخاص منها بشكل سري دون أن يعلنوا انفسهم ولكن مع نقد حاد ضد الفصائل نفسها وخاصة نقد الجبهة الشعبية. وهذا ما تبلور تحت تسمية المسار الثوري الفلسطيني البديل! والذي بدأت تظهر نشاطاته قبل بضع سنوات. ولكن التاسيس له ، كما اشرنا أعلاه، كان في مجلة الآداب عدد 2010 التي كان يرأس تحريرها سماح إدريس والذي كان يدعي أنه ضد التطبيع ولكنه كان يقف في معسكر مضاد لمحور المقاومة ويدعم إرهابيي الإسلام السياسي ضد سوريا وشارك علانية في بيان ضد سوريا. فكيف يمكن أن يكون أحد ضد التطبيع وضد الكيان وفي نفس الوقت ضد سوريا. بينما تقول أطروحات مؤسسي الكيان الصهيوني سواء بن غوريون أو بيجن ولاحقاً نتنياهو بأن بقاء "إسرائيل" مرهون بتفكيك سوريا.

تتلخص المؤامرة التي مارستها جماعة المسار البديل وأهم سماتها:

عدم إعلان الخروج من الجبهة الشعبية

الاستقطاب السري من عناصر الجبهة لصالح المسار المذكور

مهاجمة عزمي بشاره لغويا لإخفاء العلاقة الخاصة به والتي بدأت على الأقل منذ 2010.

العلاقة الحذرة مع التروتسك ، وخاصة تروتسك الكيان وفرنسا، كي لا تنحرق أوراقهم؟

اغتصاب تراث الجبهة الشعبية ما أمكن.

اللجوء للعمل الدعاوي والإعلامي البحت في عواصم الغرب مما يطرح السؤال: هل تسمح بروكسل قاعدة الناتو والاتحاد الإمبريالي الأوروبي وبرلين لحركة فلسطينية مسلحة ضد الكيان الصهيوني أن تعمل منها! فلماذا يتمتع المسار البديل بهذه الحركة الحرة؟

ولذا، لا نجد الآن علاقات معلنة بين بشارة والتروتسك (سواء تروتسك الكيان وتروتسك فرنسا) والمسار البديل المذكور.

وهنا يجب التذكير بأن الثوري لا يتآمر بل يعلن موقفه بوضوح. لكن جماعة المسار لجأوا إلى أسلوب تآمري مخفي من جهة وكذلك إلى سرقة تراث الجبهة الشعبية وإنشاء منظمات أو انشطة بأسماء من تراث الجبهة مثل غسان كنفاني...الخ.

محور المقاومة:

في الجانب الآخر فلسطينيا وعربياً يقوم محور المقاومة على شعار وممارسة النضال من أجل التحرير بلا مواربة. بل حتى شعار العودة لم يعد له معنى لأنه ليس أكثر من استجداء الأمم المتحدة منذ سبعة عقود لإعادة الشعب الفسطيني لوطنه ولم يحصل شيئا. لذا حتى شعار العودة والتحرير لا معنى له لأن التحرير يعني كتحصيل حاصل العودة. وعليه، فإن المظاهرات المرخصة للمسار البديل في الغرب هي شكل تنفيسي تحتويه المخابرات الغربية لأنها تظاهرات دعاوية في المكان الغلط وهي تتهرب من رفع شعار الكفاح المسلح لتحرير فلسطين وتُغيِّب عروبة الصراع والحل. .

محور المقاومة هو تصدي بالكفاح المسلح للكيان الصهيوني وللثورة المضادة. وعليه، فإن تشكيل اي فصيل خارج الأرض المحتلة وخارج محور المقاومة يثير علامات استفهام كبيرة لأن اي فصيل ثوري حقا هو مسلح ويتواجد إما داخل فلسطين أو داخل محور المقاومة وهذا فقط هو المعنى الحقيقي للتخلص من تهاوي م.ت.ف أي تعيد بناء نفسها عبر محور المقاومةفقط.

وعليه، فالمسار البديل يمكن لو احترم نفسه لأقام موقع إلكتروني وتوقف عن استنزاف كثير من الشباب والشابات في حرب كلامية لغوية واستبدال هذا الهُراء بالتبرع لأسر الشهداء والجرحى في الوطن.

ما الذي يمكن أن يقدمه المسار حينما يقيم بُنى نقابية طلابية أو شعبية في الغرب متنافسة وموازية للتي اقامتها المقاومة كما يفعل المسار البديل حيث لا يقدم سوى تكرار واستنزاف الطاقات.

لكن الفارق أن مؤيدي المقاومة في الشتات هم تكملة للكفاح المسلح بينما المسار البديل هو ضد محور الكفاح المسلح كما كتب وتحدث كثير من مؤسسيه بلا مواربة ناهيك عن استخدامهم خطاب اللبرالية المزيف وخاصة مفردات : "الاستبداد والديمقراطية" والتي يستخدمها معسكر الثورة المضادة وممثله عزمي بشاره ضد الدول التي تقف ضد هذا المعسكر وتحاول خلق نظام عالمي جديد لا تسيطر عليه الإمبريالية. لقد كشفت الحرب في أوكرانيا عن ديمقراطية الغرب التي وصلت منع كتب ديستوفسكي وموسيقى تشايكوفسكي!أليس هذا استبداداً!

وهذا يطرح السؤال: ما هي مرجعية هذا المسار؟ طالما هو ليس ضمن الجبهة الشعبية بل يقوم بتجويفها من داخلها؟ ولماذا استهداف هذا الفصيل اليساري تحديداً؟ ولماذا يستهدف من بين الدول العربية سوريا؟ التي تتعرض لإرهاب قوى إسلامية ؟ ولماذا يقف ضد حزب الله!

ولأن هذا المسار يقف ضد هؤلاء، فأين ولائه؟ وأين يتخندق!

وهل تحتاج القضية الفلسطينية إلى كل هذا الانشغال في دعاية إعلامية كلامية من جهة وتحتل تراث غيرها؟ هل لدى الشعب الفلسطيني فائض وقت لهذا؟

فالعمل الدعاوي لصالح فلسطين في الغرب وكل الخارج هو مهمة أصدقاء فلسطين والمتضامنين معها وليس مهمة فلسطينيين يتمولون من أطراف مشبوهة ويخلقون بُنى منافسة للموجود دون أن تكون على يساره وليست جذرية أكثر منه!فالفلسطيني ليس مجرد نصير لشعبه.

من اين لهذا المسار اموالاً للإنفاق على مؤسساته ومؤتمراته وتنقلاته في أوروبا وأمريكا حيث التكاليف الباهظة؟ من هو الذي يدفع الفلوس لمؤتمرات مدريد الأول والثاني والذي حضره المآت؟

قيل أن الحزب الشيوعي الإسباني دفع تلك التكاليف، بينما نفى الحزب ذلك. .

ويزعم المسار البديل بأن عناصره يتنقلون على حسابهم!

لو صح هذا، فهو يعني أنه مُكوَّن من برجوازيين يخلقون لأنفسهم متعة الكلام في السياسة والبروز الشخصي. وحتى في هذه الحالة، اليس الأحق بهذه الفلوس قطاع غزة وجنين وكامل الأرض المحتلة بدل هذا الإنفاق العبثي. إن هذا تكرار لبيروقراطية اليمين الفلسطيني مع فارق أن اليمين بدأ بالسلاح وانحرف، أما المسار فبدأ بلا سلاح!أي اخذ الطريق الأقصر للإنتهازية.

لكن هذا الصرف الموسع هو الذي يكشف بأن مصادر تمويل هؤلاء ليست وطنية وهي بين أموال قطر ومنظمات الأنجزة الممولة من دوائر غربية وخاصة وكالة ما وراء البحار في الدول الغربية Overseas Development Agency

يمكن للمتتبع التقاط تجنيد بعض صحفيي جريدة الأخبار اللبنانية لصالح هذا المسار حيث يتم النشر لهم. وهناك تقديرات بأن الأزمة المالية للصحافة الورقية تدفع هكذا صحف لتمرير كتابات ضد المقاومة كي تحفظ الصحف نفسها من الإفلاس وتغطي تورطها ب "حرية التعبير"!.

هناك إشاعات بأن حركة الجهاد الإسلامي المقاتلة تقيم علاقة مع جماعة المسار البديل! وهذا، إن صح، يندرج في قوى دين سياسي ضد اليسار !

المسار الثوري الفلسطيني البديل:حالة هجينية:

نورد هنا بعض مرتكزات هذا المسار:

أولاً: يدعو البيان النهائي للمسار إلى: "إقامة المجتمع الديمقراطي القائم على العدل والمساواة، الخالي من الاستغلال الطبقي ومن العنصرية والصهيونية...".

بغض النظر عن ميوعة "ديمقراطي" يبقى السؤال كيف سيقتلع المسار الاستغلال الطبقي بدون موقف فكري نظري ماركسي ومن ثم نضالي عملي؟هل تطوع أحد بالتخلي عن الملكية الخاصة؟

وكيف يقتلع العنصرية والصهيونية؟ هل بالنصائح والتعاويذ؟ وهل إعلان صهيوني أنه لم يعد صهيونيا يُجيز له البقاء في أرض وبيت الفلسطيني! دائما يتهرب المسار من التحرير والكفاح المسلح. وهذا ما يُسعد الغرب الذي يفتح له ابواب عواصمه.

فبيان المسار يدعو الى الحفاظ على "حق العودة، وحق تقرير المصير على كامل التراب الوطني الفلسطيني" دون التطرق الى اشتراط التحرير اولا. وما ترديد مقولة "من النهر الى البحر،" و"على كامل التراب الفلسطيني،" وتركها عائمة سوى تفريغ كلام طالما بلا سلاح. أي دون اشتراط التحرير.إن طرح هذه الشعارات الفضفاضة هو ما قصد به بالذات "التلاعب بالعواطف وعدم الوضوح." وهذا من اجل ايهام الذين يريدون تحرير كامل التراب الفلسطيني من الوطنيين بأن هذا هو الهدف. وطالما لا يشترط التحرير فليقل لنا كيف سيحقق العودة!

اما الفقرة التي استعملها "المسار الثوري البديل" في دعاياته للترويج عن نفسه: "...... فأننا نؤكد على تعزيز العلاقة مع مختلف الشخصيات اليهودية المناضلة والمناهضة للصهيونية والعنصرية والاستعمار، الداعمة لحقوق شعبنا ومقاومته الباسلة لتحرير فلسطين،" .

نحن نعرف هؤلاء، ولسنا ضدهم ودائما نسألهم: المعيار هو تحرير فلسطين وعودة شعبنا لممتلكاته وبيوته. فهل تقبلون بذلك؟ وحينها لا يتبقى منهم سوى بعدد اصابع اليد الواحدة.

في عداء المسار هذا للمشروع العروبي في التحرير والوحدة والإشتراكية للوطن العربي يستخدم بل يخلق معسكر وهمي بقوله "معسكر المقاومة العربي"! أين هو خارج محور المقاومة؟ هل هو في قطر والسعودية ونظام المغرب والإمارات!أم في حزب راكاح الشيوعي الصهيوني!

كما يكرر المسار شعار :" كل فلسطين من النهر إلى البحر". طبعا تمتد فلسطين من النهر إلى البحر، ولكن :

هل نستعيدها بالبلاغة اللغوية

وترجي عواصم الإمبريالية؟

وتغييب الدور العربي في الصراع

أم بالكفاح المسلح والتحرير وعبر محور المقاومة.

في بيانه كتب المسار البديل:

"... كما يدعو المؤتمر كلّ القوى والجمعيات والمنظّمات الشعبية المنضوية في «حركة المسار الثوري الفلسطيني» إلى تصعيد وتيرة النضال الجماهيري داخل وخارج فلسطين المحتلة، والعمل على مواجهة مشروع الحكم الإداري الذاتي التصفوي على طريق عزله وإسقاطه."

لاحظ هذه الكلمات المفرغة من اي محتوى نضالي حقيقي حيث تتعمد تغييب الكفاح المسلح والتحرير.

بل إن بعض كتاب المسار محمد الخطيب ثملاً كرر أكذوبة الإمبريالية وارهاب الدين السياسي عن "البراميل المتفجرة" في هجومه ضد سوريا التي جرى غزوها بمآت آلاف الإرهابيين! فهل هذا موقف فلسطيني !

شاهد له هذا الفيديو الذي يعج بالكلام ولا يحتوي طلقة رصاص فارغة واحدة!


https://www.instagram.com/reel/CjqivLGDigk/?igshid=MDJmNzVkMjY=

في مسيرة المسار البديل في برلين رُفعت أعلام الانتذاب/الاستعمار الفرنسي فهل هكذا يكون البديل لتحرير فلسطين!

ويقول بيان المسار:

"...عاشراً: التأكيد الدائم على حق العودة للاجئين الفلسطينيين باعتباره جوهر قضية شعبنا وخيار الشعب الفلسطيني، والعمل على نقله من حيز الشعار السياسي إلى ميادين العمل والنضال وتثبيته كأولوية نضالية على برنامج حركات المقاطعة العربية والدولية وقوى التضامن مع الشعب الفلسطيني. وفي هذا الإطار، ندعو إلى ممارسة الضغط على وكالة الغوث (الأونروا) وعدم الاستجابة أو التكيّف مع سياسات ومواقف بعض المموّلين التي تنافي الحقوق الوطنية الأصيلة لشعبنا."

هل هذا هو النضال الذي يرفعسقفاً عالياً وينتهي إلى معاتبة الأونروا!

التطورات الأخيرة الشعب يخلق البديل:

أتت التطورات الأخيرة في الضفة الغربية خاصة سواء معركة سيف القدس أو العمليات المسلحة الحالية سواء الفردية أو التي تقودها فصائل م.ت.ف، أتت لتؤكد أن المطلوب فلسطينيا، بل حتى من كل من يتضامن مع فلسطين أمرين اثنين:

الأول: أن يكون مناضلا في الميدان داخل الأرض المحتلة ومحور المقاومة الممتد من طهران دمشق لبنان والقدس.

والثاني: أن يكون اي نشاط وجمع اي فلس وطباعة اي منشور في الشتات والقيام باية تظاهرة او ندوة...الخ بتنسيق مع محور المقاومة لا كبديل له ولا منافس له.

ففي لحظة اشتداد المقاومة يصبح كل شيء للجبهة وليس للظهور الشخصي والإنتهازي.

هذا هو المعنى الحقيقي لرص الصفوف وتوحيد النضال سواء المسلح او الثقافي أو الإعلامي.

ولذا، فإن اي نشاط بعيد عن محور المقاومة أو معادي له هو نشاط مشبوه وخطير حتى لو قام على سذاجة ونوايا حسنة من البعض وكما قال الرفيق لينين" إن جهنم مبلطة بالنوايا الحسنة"

في لحظة اشتداد الكفاح المسلح وتوحيد المقاومين من كل الفصائل في "عرين الأسود" الذي يستقطب الشباب الفلسطيني من مختلف الفصائل ومن بقية المجتمع ، ينخرط المسار البديل في الطعن في الفصائل وتبخيس نضالها محاولاً كما يفعل الاحتلال الزعم أن المقاومة المسلحة اليوم في الضفة الغربية لا علاقة لها بالفصائل. بينما لا يقوم هذا المسار سوى بالثرثرة اللغوية والتهجم على تراث المقاومة.

ولا شك بأن هذا المسار البديل سوف يهتف ضد الفصائل بعد لقاء الجزائر التعيس. ولكن الفيصل ليس هنا أو هناك، الفيصل في الانضمام لمحور المقاومة على الأرض لا محور المكالمة في برلين وبروكسل.