كتب الأستاذ حليم خاتون: نعم، نحن قادرون على الانتصار.
مقالات
كتب الأستاذ حليم خاتون: نعم، نحن قادرون على الانتصار.
29 تشرين الأول 2022 , 10:00 ص


هل هزمت روسيا في أوكرانيا؟

لو كان فلاديمير بوتين نسخة من الأنظمة العربية التي حكمت هذا العالم العربي الشاسع، لكان وافق بعد الاسبوع الاول من الحرب على وقف إطلاق النار، ولكان وافق بشروط قد تبدأ بالتطبيع، لكنها سوف تنتهي حتما بالنفط والغاز مقابل ماكدونالدز، وكينغ برغر، وكوكا كولا...

عندما بدأ الهجوم الأميركي على روسيا في كازاخستان قبل وقت قصير من الحرب في أوكرانيا، ارسل بوتين القوات الخاصة من النخبة في الجيش الروسي، فتم استيعاب الهجوم خلال أقل من ٤٨ ساعة وفرض بوتين عودة الإبن الضال إلى بيت الطاعة...

هل كان هذا النصر السريع وراء قرار بوتين بالذهاب إلى أوكرانيا؟

ربما...

لكن من المؤكد أن المخابرات الروسية أخطأت في أمرين على الأقل...

أولاً، أن الغرب الذي فوجئ سنة ٢٠١٤ بالدخول الروسي السريع الى شبه جزيرة القرم واستسلام الجيش الأوكراني يومها ورمي السلاح؛ أن هذا الغرب قد بدأ منذ اليوم التالي في تحضير الساحة لتكون أوكرانيا مستنقع روسيا القادم...

ثانياً، لم تعطي المخابرات الروسية اهتماماً كافياً للبروباغاندا الغربية حول جنات اللبن والعسل التي تنتظر أوكرانيا في حال التحاقها بالغرب، وخيانة الأخوّة السلافية...

سمير جعجع الأوكراني كان أقوى مما تصورت هذه المخابرات...

اعتاد الغرب على نوعية حكام من طينة بوريس يلتسين الأشبه بالأنظمة العربية التي لا ترفع الأيدي فقط، بل الارجل أيضاً...

فلاديمير بوتين ليس صدام حسين...

لم يهرب بوتين ويختبئ في حفرة...

لم يقبل بالمطالب الأوروبية الصغيرة، لأن مطالب كبيرة سوف تلحق بها تنتهي بوضع روسيا في خانة الدول الفاشلة...

فلاديمير بوتين يعرف جيدا أنه قد لا يكون بنفس قوة اميركا العسكرية، لكنه يحمل قوة هائلة اسمها القدرة على التخريب...

صمد بوتين وراهن على سقوط أوروبا أولاً...

عندما يصمد المرء، سوف يجد من يقف إلى جانبه حتى لو تأخر الأمر بعض الشيء...

عندما يصمد المرء ويعضّ على الجراح، سوف يصاب الخصم بالخيبة...

قد يكون بوتين هدد بالسلاح النووي في البدء...

لكن بوتين اكتشف سلاحا أخر أكثر فتكا بالغرب من السلاح النووي...

إنها القدرة على تخريب الستاتيكو العالمي...

أمس أعلنت الصين أنها تقف إلى جانب روسيا في حقوقها بأن تعامل كقوة عظمى لها مصالح...

أول أمس، بدأ التصدع يطرق أبواب أوروبا...

لم تعد هنغاريا وحدها من يضغط كي تخضع أوكرانيا وتتراجع عن السياسة النازية ضد الاقلية الروسية في البلاد..

أمس أصيب المحور الفرنسي الألماني بأول تصدع...

انتقدت فرنسا رفض المانيا الغنية وضع سقف لسعر الغاز الروسي...

المانيا الغنية تستطيع شراء الغاز الغالي الثمن، وهي قد قررت وضع صندوق من مئتي مليار يورو لشراء الغاز بسعر عال، وبيعه في السوق المحلي بأسعار معقولة يتحملها الشعب الألماني وتسمح للمصانع الألمانية بالاستمرار في الحياة... وهذا ما تعجز أوروبا عن فعله...

بولندا المستاءة من ألمانيا بدأت العزف على المطالبة بتعويضات عن الجرائم المرتكبة في الحرب العالمية الثانية...

ألمانيا التي خضعت لأميركا في منع تشغيل خط السيل الشمالي الثاني للغاز من روسيا قبل غزو أوكرانيا، وخسرت بذلك إمكانية أن تكون مركز عالمي لبورصة الغاز... ندمت على فعلتها، وها هي رغم المعارضة الأميركية، توافق على منح الصين عقد استثمار لأكبر المرافئ الألمانية، هامبورغ...

شولتز ليس ميشال عون...

المانيا ليست لبنان...

عندما تكون المصلحة في العلاقة مع الشرق، يتم الاتجاه شرقا...

عودة الى بوتين...

بوتين يشبه اليوم ذلك الطفل الفلسطيني الذي يحمل أكثر من حجر والذي دخل إلى مخزن الكريستال والخزف وكل ما هو قابل للكسر، وقال الجميع:

إما أن آخذ حقوقي كاملة في الجغرافيا السياسية وإلا فسوف القي بالحجارة في كل الاتجاهات...

في لبنان، قرر دونالد ترامب أن سياسة الفصل بين حزب الله وشعب لبنان، سياسة خاطئة...

كما أي قاطع طريق أو مجرم يدخل إلى بيت ويأخذ الاطفال رهينة حتى يستسلم الوالد ويتخلى عن سلاحه ويعطي كل ما لديه... هكذا فعل ترامب...

حاصر لبنان، واجبر العالم العربي والغرب وكل الدول التابعة على مقاطعة هذا البلد...

لم يعد يهمه، أن رياض سلامه "زلمة" الإمبريالية...

لم يعد يهمه أن السلطة في لبنان تابعة ولا ترفض طلبا لاميركا حتى لو كان في ذلك إفلاس البنك اللبناني الكندي أو جمال تروست بنك... أو...

قرر ترامب تجويع شعب لبنان حتى تلقي المقاومة السلاح...

لم تتأخر جراء اميركا في لبنان في العواء والنباح ضد السلاح...

أميركا ليست ترامب وحده...

جاء بايدن وأكمل نفس السياسة، لكن بخبث أكثر...

كما راهن بوتين على معطيات حتى حوصر في الزاوية فقرر الذهاب الى الاخير وها هو يخرب الستاتيكو الدولي الذي بدونه سوف ينهار النظام المالي العالمي...

تماما كما بوتين، تراجع حزب الله حتى حوصر في الزاوية... كثر النباح من حوله... لم يعد يقتصر هذا النباح على جعجع والجميل ومعوض وصيصان السفارة الأميركية...

وصل النباح إلى صيصان السعودية والإمارات وحتى الكويت "بسلامة قدرها"...

حوصر حزب الله وصار ظهره إلى الحائط...

هنا، وبعد خطيئة الانسحاب من الساحات وترك الغنم اللبناني في حراسة كلب الراعي الأميركي، قرر السيد نصرالله أن الحرب إذا كان لا بد واقعة في الداخل حيث خرج في القوات عقيص وصقر يهددون ويتوعدون...

قرر السيد الذهاب الى الحرب، لكن ضد كلب الحراسة الأساسي في المنطقة، اسرائيل...

قرر السيد نصرالله أن توجيه لكمة للكلب الكبير سوف يلجم الكلاب الصغيرة...

رفع السيد الاصبع، فوضع كل المجاهدون الاصابع على الزناد...

تم تلقيم الراجمات...

تم توجيه الصواريخ...

ارسل السيد رسالة واضحة وضوح الشمس قوامها ثلاث مسيرات تقول ببساطة بسيطة جداً:

انتم اقوى بما لا يقاس...

على رأسكم اقوى دولة عظمى هي اميركا...

انتم قادرون على تدمير لبنان، بل أنتم تعملون على تدمير لبنان وتجويع شعبه...

لكننا، نحن أيضاً قادرون...

حدد السيد اليوم الأخير للإنذار...

هرع الاسرائيلي إلى الأميركي...

لم يصدق كلاب الداخل في لبنان أن السيد سوف يفعلها... زادوا معيار النباح... فزاد تهديد المقاومة تصميما على أن الحرب قادمة...

أكد الموساد أن حزب الله قادر على تدمير كل منصات الغاز ومرفأ حيفا وكامل منطقة غوش دان، بما في ذلك تل أبيب...

صحيح أن لبنان سوف يدمر بالكامل، لكن اسرائيل لم تعد في سنة ٦٧ أو ٨٢...

سوف تزول اسرائيل عن الخارطة بكل تأكيد...

تحول تهديد السيد من مجرد حرب غاز إلى تهديد أساس وجود الكيان...

رغم أن السيد لا يلعب البوكر، لكنه أجبر على لعبها...

لعبها السيد "سولد" هذه المرة...

خاف الأميركي...

دب الرعب في الاسرائيلي...

تحول نباح كلاب الداخل اللبناني إلى مواء قطط...

تم بسرعة الخضوع للسقف الواطي الذي وضعته المقاومة:

القبول بما تطالب به السلطة اللبنانية الضعيفة الهزيلة التابعة التي لا شرف عندها ولا كرامة...

نعم انتصرت المقاومة عندما هددت وأجبرت اميركا والكيان على الخضوع...

لكن الانتصار كان ناقصا لأن سقفه لم يغادر سقف سلطة لبنانية ساقطة، ومجموعة من الجراء النابحة...

اليوم السبت ٢٩ تشرين سوف يتحدث السيد نصرالله...

نحن نستبق كلام السيد بتحية النصر الذي تحقق والذي يستلزم إكمالا لا بد منه...

لقد أثبتنا للعالم أننا قادرون على الانتصار...

كي لا يتوقف النصر الذي تحقق كما توقف نصر سيف القدس...

حتى الآن، أثبت بوتين أنه قادر على تغيير موازين القوة في العالم وإجبار هذا العالم على الاعتراف به قوة عظمى يجب احترام مصالحها...

أمس أثبت السيد نصرالله أن لبنان قوة تستطيع تخريب كل الشرق الأوسط وإن كان الثمن عالياً جداً... لكن ذلك ممكن إذا وجدت الارادة...

هل تتلقف غزة الرسالة..؟

في الضفة، في كامل الضفة، جيل فلسطيني جديد، خرج من كل الفصائل بما في ذلك سلطة محمود عباس؛ جيل خرج من حفر الأرانب إلى عرين الأسود...

سوف يسقط شهداء بالملايين، لكننا إلى القدس آتون لا محالة...

حليم خاتون