سد الاسكندر الجديد و بطل باكستان عمران خان\ د. محمد صادق الحسيني
مقالات
سد الاسكندر الجديد و بطل باكستان عمران خان\ د. محمد صادق الحسيني
9 تشرين الثاني 2022 , 14:43 م


كتب د. محمد صادق الحسيني

"ومن بلاد الفرس انتقل الاسكندر بجيشه عبر هرات وكابول .. حتى بلغ وديان نهر السند العليا عن طريق ممر خيبر فمدينة تاكسيلا شمالي راولبندي( قرب اسلام آباد العاصمة الحديثة) حيث قابل اول حاكم هندي قاومه وقاتله قتالا باسلا مستميتا لدرجة انه لم يكن من السهل على الاسكندر ان يتغلب عليه.. يقال له بوروس .. كان بطلا شهما مديد القامة جدا… هذه المعركة ارهقت الاسكندر وجنده وجعلته يختار ادرا العودة عبر وادي نهر السند دون ان يدخل الى العمق الهندي…!"

من كتاب جواهر لال نهرو زعيم الهند ( ملامح من تاريخ العالم)

هذه المنطقة التي صدت زحف الاسكندر المقدوني كما مر ذكرها آنفا في كتاب رسائل نهرو الى ابنته من السجن الانجليزي في العام ١٩٣٤

هي اليوم ما يعرف بباكستان الحالية ، اذ يومها كانت جزءا لا يتجزء من الهند…

وهي اليوم مجددا محل تدافع تاريخي ، بين اسكندر العالم الحديث ، الذي بات يعرف بالغرب الجماعي ، كما افرزته معركة القيصر الروسي ضد الاغريق الجدد الاطلسيين الذين يدارون هذه المرة ليس من اليونان ولا من روما ، بل من وراء المحيط…

لكنهم يصطدمون مرة جديدة بحاكم ( هندي) -اليوم باكستاني طبعا- صلب يمنعهم من التقدم شرقا….

مديد القامة، صلب ،شجاع، شهم مستعد للقتال لمنعهم من عبور السد الباكستاني المتبلور حديثا ، ولكن هذه المرة ليس فقط سيجبرهم على التراجع ويمنعهم من اكمال طريقهم نحو الداخل والعمق الاسيوي - كما حصل مع توقف زحف الاسكندر المقدوني - بل وهذه المرة لجعلهم ينكسرون امام التنين الصيني…

التنين الصيني الذي يبدو انه يراهن اليوم كثيرا على الباكستان ، بديلا من البحار و مضيق مالاقا الذي تسيطر عليه اساطيل الاسكندر الامريكي، لتكون( اي الباكستان) هي الجسر الطبيعي القادر على وصل الشرق بالغرب من اجل انجاح مشروع القرن الصيني

حزام واحد

طريق واحد

هذه هي حقيقة المعركة التي يخوضها رئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان بطل الكريكت و زعيم حزب انصاف وصاحب الاكثرية الشعبية الحقيقية سياسيا وبرلمانيا ، والميال دوما ليذكر خصومه الداخليين وداعميهم الخارجيبن:

بانكم ان لم ترضخوا لانتخابات مبكرة والتي هي مطالب الاكثرية الشعبية ، فان الزحف الجماهيري قادم الى اسلام اباد بكل زخمه ليصنع ثورة خمينية جديدة ، على حد قوله…

على ماذا يعتمد البطل القومي الباكستاني الجديد والذي اسقطه قلل مدة ، انقلاب امريكي سعودي مزدوج ، غير اكثريته البرلمانية؟

١- انه يعتمد على وعي وبصبرة شعبية متنامية لدى الباكستانيين، بعد تجارب مديدة لهم مع حكومات تابعة وعميلة للغرب وللرجعبة الاقليمية البترودولارية بقيادة السعودية ، والتي لطالما باعتهم في سوق النخاسة الدولية

ولم يخرجوا في كل مرة من السباق الا بخفي حنين…

الشعب الباكستاني الذي اخذ قراره هذه المرة بكل وعي للخروج من التبعية والحكومات المستوردة ، خاصة حكومة شهباز سريف الحالية التي جاءت غيلة وغدرا وتزويرا لارادته..!

٢- على تاريخ باكستان الاسلامي الحديث الذي اسس له الشهيد القائد الشعبي المظلوم السيد عارف حسيني الذي ظهر على الساحة الباكستانية نتيجة تلاحم مدرستين للمقاومة واحدة ابرانية بقيادة الامام الخميني واخرى لبنانية بقيادة السيد علاس الموسوي، والذي رغم انه ارتقى شهيدا بوقت مبكر، في پيشاور قرب ممر خيبر الاستراتيجي على يد التكفيريبن واسيادهم الاجانب ، الا انه ترك وراءه جيلا قوبا من كوادر الحركة الاسلامية من الطائفتين السنية والشيعية تواكب اليوم وتتحالف مع حركة عمران خان ضد التدخل الاجنبي الامريكي تحديدا ومؤامراته على القرار الباكستاني الخر والمستقل .

٣- ضعف قيادة الجيش الباكستاني وتآكل قدراتها العميفة وهي التي ظلت ترسم معالم باكستان الحديثة ، لكنها تتخبط اليوم بسبب استنزافها لعقود في حروب الفتن الافغانية والطالبانية والتكفيرية ، حتى بات يتجرأ عليها الشعب الباكستاني اليوم في مظاهراته المستمرة فيدخل ثكناتها وبيوت قادتها مرددا شعارات مناوئة لها بكل وضوح وصراحة وصوت عال ، وهو ما يحصل لاول مرة في تاريخ الباكستان..

امريكا تريد من باكستان سد اسكندر جديد لمنع الزحف الصيني على العالم الغربي

وعمران خان القومي المستقل وحلفائه المقاومين الاسلاميين الجدد، وشعبه المنتفض على ارث قيادات الدولة العميقة ، يريدون من باكستانهم ، عضوا جديدا في الحلف العالمي المناهض للاحادية القطبية الامريكية ، من باب المندب وهرمز الشامخين ، مرورا ببلاد الشام الفلسطينية المقاومة وبلاد الرافدين المتحررة وصولا الى عالم شنغهاي الجديد.

عالم ينهار

عالم ينهض

*بعدنا طببين قولوا الله*

المصدر: موقع إضاءات الإخباري