تمكن العلماء من تطوير غرسة دماغية يمكنها تقديم العلاج الكيميائي مباشرة لأورام الدماغ دون آثار جانبية .
صعوبات العلاج الكيميائي للدماغ
ويعتبر سرطان الدماغ أحد أكثر أشكال المرض فتكا لأن العلاجات الحالية ليست موجهة بما يكفي لمهاجمة الورم دون قتل الخلايا العصبية .
ويواجه العلاج الكيميائي أيضا من صعوبة في اختراق الدماغ بسبب نظام الدفاع الطبيعي، المعروف باسم الحاجز الدموي الدماغي.
جهاز للعلاج الكيميائي للدماغ
والآن، طور فريق في جامعة كولومبيا، في مدينة نيويورك، جهازا يمكنه المرور مباشرة من خلال الأدوية الكيماوية ونقلها مباشرة إلى ورم الدماغ.
وتم اختباره على خمسة مرضى يعانون من الورم الأرومي الدبقي، وهو أحد أكثر أشكال سرطان الدماغ فتكا، التي تقتل معظم المرضى في غضون عامين من التشخيص.
ولم يعاني المشاركون من أي آثار جانبية ولم يتمكنوا من معرفة متى كانت المضخة تطلق الدواء ومتى تم إيقاف تشغيلها.
وفي حين أن الدواء لم يعالج المرضى، حيث مات الخمسة جميعا بعد نحو 12 شهرا من الدراسة، إلا أن إمكانات الغرسة الدماغية توصف بأنها اختراق.
أهمية الغرسة الدماغية
وقال الدكتور جيفري بروس، طبيب الأعصاب في جامعة كولومبيا الذي قاد الدراسة: "هذا النهج الجديد لديه القدرة على تغيير العلاج لمرضى سرطان الدماغ، حيث تظل توقعات البقاء على قيد الحياة سيئة للغاية، على الرغم من الحاجة إلى مزيد من الاختبارات في المرضى الذين يعانون من أورام في مرحلة مبكرة، ومع أنواع مختلفة من العلاج الكيميائي".
وتابع أن توصيل الدواء بهذه الطريقة جعله أقوى 1000 مرة من العلاجات الكيماوية التقليدية.
ونادرا ما يعيش المصابون بالورم الأرومي الدبقي أكثر من عامين. ويحدث هذا عندما تبدأ الخلايا العصبية في الدماغ بالانقسام دون حسيب ولا رقيب.
الحاجز الدموي في الدماغ
والحاجز الدموي في الدماغ هو الخط الأخير لحماية العضو الأكثر أهمية في الجسم.
وفي حين أنه يمنع الفيروسات والبكتيريا من الوصول إلى الدماغ، فإنه يمكن أن يوقف الدواء أيضا.
العلاج الكيميائي لسرطان الدماغ
والعلاج الكيميائي، الذي يستخدم مواد كيميائية قوية لقتل الخلايا سريعة النمو في الجسم، هو الأفضل من بين مجموعة سيئة عندما يتعلق الأمر بعلاج السرطان.
وهي أداة بدائية، وغالبا ما تهاجم عن طريق الخطأ الخلايا الطبيعية في أماكن أخرى من الجسم، بما في ذلك خلايا الدم المتكونة في نخاع العظام، وخلايا في الجهاز الهضمي والجهاز التناسلي، وكذلك بصيلات الشعر.
ويحاول الجراحون أيضا إزالة أكبر قدر ممكن من أورام المخ، لكن موقعهم الدقيق يجعل الجراحة معقدة إن لم تكن مستحيلة في معظم الحالات.
وعمل العلماء، الذين نشروا أبحاثهم في مجلة The Lancet Oncology الشهر الماضي، على تطوير جهاز سرطان قابل للزرع منذ سنوات.
وقال الدكتور بروس إن فريقه طور سابقا مضخة يمكن توصيلها بالورم من خلال الجمجمة - من خارج الجسم.
ونظرا لأن المضخة تحتوي على أجزاء خارجية، فغالبا ما يعاني المرضى من عدوى في غضون أيام ويحتاجون إلى دخول المستشفى أثناء تلقي الدواء.
وبدلا من ذلك، عمل الفريق على تطوير غرسة بأجزاء داخلية بالكامل لا تحتاج إلى استبدال.
آلية عمل الغرسةالدماغية
والجهاز الذي تم تطويره حديثا وهو بحجم بطاقة الائتمان يتم وضعه في البطن. ثم يتم توصيله بقسطرة تحت الجلد تربطه مباشرة بأنسجة ورم الدماغ.
ويتم وضع نهاية القسطرة بين الورم والشق الذي يقوم به الجراح للمساعدة في إزالته لاحقا. ثم يقوم ببطء بإيصال الدواء مباشرة إلى الورم.
وأوضح الدكتور بروس: "إذا قمت بضخ الدواء ببطء شديد، حرفيا عدة قطرات في الساعة، فإنه يخترق أنسجة المخ. تركيز الدواء الذي ينتهي به المطاف في الدماغ أكبر 1000 مرة من أي شيء يحتمل أن تحصل عليه عن طريق الحقن الوريدي أو عن طريق الفم".
وتم اختبار الجهاز لأول مرة على الحيوانات، قبل الحصول على الضوء الأخضر للتجارب البشرية.
ثم أجريت الاختبارات على خمسة مرضى للتجربة الأولى، تراوحت أعمار أربعة منهم بين 51 و61 عاما. كان أحدهم يبلغ من العمر 34 عاما. وكان على كل منهم اجتياز اختبار لتحديد أن حالة السرطان لديهم مستقرة.
تم زرع جميع المرضى بالمضخة المملوءة بالتوبوتيكان. وصُمم الدواء لعلاج سرطان عنق الرحم والرئة والمبيض، لكن الدكتور بروس يأمل أن يكون فعالا ضد أورام المخ أيضا.
وأوضح: "يمكن للمضخة أن تبقى في مكانها لفترة طويلة من الزمن، لذلك يمكننا إعطاء جرعات أعلى من العلاج الكيميائي مباشرة إلى الدماغ دون التسبب في الآثار الجانبية، التي نتعرض لها من خلال العلاج الكيميائي عن طريق الفم أو الوريد".
وتلقى كل مريض العلاج لمدة أربعة أسابيع. لمدة يومين، تم وضع 200 ميكرولتر مباشرة على الورم. ثم كانت هناك خمسة أيام بينهما دون دواء. وبعد شهر، تم إزالة الجهاز من المرضى واستخرج الباحثون عينة من أنسجة الورم. ووجدوا أن تكاثر الخلايا السرطانية قد انخفض بشكل كبير في كل مريض.
كما أدى العلاج إلى تشبع الأورام بالأدوية، ما يدل على فعالية العلاج. ولم يعاني المرضى من أي آثار جانبية سلبية كبيرة من المضخة نفسها، ما يمنح الباحثين الأمل في أنها آمنة للاستخدام.
ويخطط الفريق بالفعل لإجراء دراسات مستقبلية للتحقق مما إذا كان بإمكانه تحسين بقاء مرضى الورم الأرومي الدبقي على قيد الحياة.