منذ أن احتضنت تلك الأرض أقدس أقداس البشرية، والشيطان لا يكل ولا يفل...
جعل الشيطان من تلك الأرض مركز كل الحقد وكل الشر وسلط على تلك الجبال والسهول والأنهار كل شياطين الكرة الأرضية... حتى بحر فلسطين لم ينج...
عن فلسطين تخلى الأشقاء، الواحد بعد الآخر...
كم من الأزواج تقدم للزواج من تلك الأم...
أكثرهم عن مصلحة، لكن بعضهم عن فروسية وربما عن التزام بكل معاني الخير والشرف والكرامة...
باختصار، اختزلت فلسطين جوهر الوجود الإنساني...
حتى بعض أبنائها؛
تعاونوا مع بعض العرسان طمعا في راحة البال والعيش الرغيد والرفاهية...
أثناء البحث في الانترنت عن أصل مصطلح جمهورية موز الذي ينطبق على كل من يحيط وكل ما يحيط بتلك الأرض المقدسة...
حملني غوغول إلى أكثر من بلد، وإلى أكثر من فارس تقدم لطلب ود هذه الأم...
منذ فجر التاريخ، لم يبخل الزمن بفارس يمتشق السيف دفاعا عن هذه الأم...
ملوك ورؤساء يريدون اغتصاب تلك الأم وفرسان من كل الاصقاع ينبرون دفاعا عنها...
عمر الخطاب الذي سأل عليا مشورة في فتح القدس...
هل يرسل جيشاً كما فعل مع بلاد فارس، أم ماذا؟
كانت إجابة علي أن القدس لا ترسل إليها الجيوش...
القدس لا تُرشق بالمنجنيق...
القدس لا تحتاج إلا إلى كلمة حق ومودة...
فهم عمر وركب الناقة حاجا إلى القدس التي فتحت له أبوابها، وفتحت للدين الجديد قلبها العامر بالإيمان، كما فعلت مع كل الانبياء والرسل الذين جاؤوا يطلبون منها القداسة...
لم يكن الظاهر بيبرس ولا صلاح الدين الايوبي اوائل من حمل لواء حرية بيت المقدس...
لم يكن جمال عبد الناصر المصري ولا أربكان التركي آخر من سعى لحفظ كرامة الأرض التي احتضنت بيت المقدس...
من بلاد فارس، خرج أمام خميني رأى الحق كل الحق...
رأى الوجود كل الوجود، يختصر في حب تلك الأرض...
خلف السادات عبد الناصر وتخلى عن العهد...
خلف أردوغان أربكان ولم يزد الالتزام عنده عن اللفظ والشعارات الفارغة...
في إيران اليوم، لا يزال هناك إمام خامنئى يعرف قيمة تلك البقاع المقدسة، ويفعل كل ما يمكن لها...
لكن الشيطان لا يزال بالمرصاد...
هو يسيطر على مراكز القرار في العالم...
اميركا، بريطانيا، فرنسا، ألمانيا... حتى روسيا، والصين بالكاد تنفذ من تحت الوصاية...
يرسل الشيطان كلابه عبر كردستان أحيانا، عبر أذربيجان أحياناً أخرى... يتسلل عبر عرب الأهواز الذين بكل الغباء الذي يمكن أن يكون عليه غباء لا يعرفون أن القصد كل القصد هو اغتصاب تلك الأرض، تلك الأم التي اسمها فلسطين...
هل يخرج أردوغان إيراني ما في بلاد فارس...
رحل عبدالناصر باكراً؛ أتى السادات...
بعد أكثر من مؤامرة، مات أربكان بحسرة رؤية تلميذه أردوغان يختزل كل القضية في بضعة دولارات تمن الإمبريالية بها على تركيا...
في الخمسينيات تدخل الشيطان وأرسل مصدق إلى السجن ليموت، ثم أعاد الشاه...
قد يكون من الصعب إعادة الشاه هذه المرة...
لكن الذي لم يستطع ارجاع القيصر لحكم روسيا، سلط عليها زعماء حمقى من طينة بوريس يلتسين؛ أحمق أطاح بكل عظمة روسيا وهو يقف اليوم وراء كل ما يحصل في جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق...
ليس هناك كثير مبالغة...
العرب الذين رقصوا فرحا لأن أعضاء الفريق الإيراني في المونديال لم يرددوا كلمات النشيد الوطني إحتجاجا على القمع في بلادهم...
هؤلاء لا يعرفون أن الذي يحرك كل تلك التظاهرات إنما يفعل ذلك كي يُلحق الفرس والأتراك ومن بقي من العرب، كما الحق الكرد في خدمة الصهيونية العالمية...
الهدف دوما، ودائما هي تلك البقعة من الكوكب التي مركزها القدس وتصل أطرافها المحيط من جهة، والخليج النائم من الجهة الأخرى...
أمس خرج بضعة من أبناء تلك الأم...
ربما خرج أبناء فلسطين من جنين، من نابلس، من الجليل، من الناصرة، من ام الفحم... لا يهم...
لا يعرف أحد من أين خرجوا...
لكنهم خرجوا يقولون للعالم أن الغيث أن أتى من غزة أو من لبنان أو من أيران... فهذا جيد...
لكن الأرض لا ترتوي إلا بدماء أبنائها...
ولو تخلى العالم كله عن فلسطين، فإن أبناء فلسطين لن يتخلوا عن أمهم...
حليم خاتون