قال الباحثون في مركز سيدارز سيناي الطبي في الولايات المتحدة الأمريكية إن الطريقة الوحيدة التي قد يتمكن بها الأشخاص من منع إصابتهم بمتلازمة القولون العصبي هي بتغيير قوانين الفيزياء حرفيا وأشاروا إلى أن السبب الخفي والفعلي وراء الإصابة بهذه المتلازمة قد تكون الجاذبية الأرضية.
الجاذبية الأرضية ومتلازمة القولون العصبي
حيث يقول الدكتور برينان شبيجل، مدير أبحاث الخدمات الصحية في مركز سيدارز سيناي الطبي :" منذ أن بدأت الحياة على كوكب الأرض، بداية من الكائنات الحية الأولى ووصولا إلى الإنسان العاقل، شكلت الجاذبية الأرضية كل شيء على هذا الكوكب بلا هوادة، فأجسادنا تتأثر بالجاذبية من لحظة ولادتنا إلى يوم مماتنا، فهي قوة أساسية لدرجة أننا نادرا ما نلاحظ تأثيرها المستمر على صحتنا".
غموض حول أسباب متلازمة القولون العصبي
تصف النظرية التي طورها الدكتور شبيجل، كيف تطورت كل من الأمعاء والعمود الفقري والقلب والأعصاب والدماغ بمرور الوقت للتكيف مع جاذبية الكرة الأرضية. فعلى الرغم من أن آليات عمل القولون العصبي قد بدأت عملية دراستها منذ أكثر من قرن من الزمن، إلا أن الباحثين لم يتمكنوا من التوصل إلى السبب الجذري المسبب لها، فعلى الرغم من أن شخصا من بين كل عشرة أشخاص يعانون من متلازمة القولون العصبي حول العالم أي ما يصل نسبته إلى 10% تقريبا، إلا أن الباحثين لا يزالون غير متأكدين من السبب والمحفز الفعلي للإصابة بها.
نظريات حول متلازمة القولون العصبي
في نفس الوقت، حقق العلماء تقدما كبيرا في تعميق فهمهم لهذه المتلازمة الصحية، حيث ظهرت العديد من النظريات المتعلقة بكيفية ظهور القولون العصبي سريريا بالفعل، فقد افترضت إحداها أن القولون العصبي يعكس خلال في التوازن ما بين القناة الهضمية والدماغ، وأن هناك أدلة تدعم استخدام المعدلات العصبية والعلاجات السلوكية في علاج الأعراض الناجمة عن هذه المتلازمة.
كما وقالت نظرية أخرى أن متلازمة القولون العصبية مدفوعة بوجود اضطراب في ميكروبيوم الأمعاء ويمكن التعامل معها باستخدام المضادات الحيوية أو اتباع نظام غذائي منخفض الكربوهيدرات والألياف التي تهيج بطانة الأمعاء، بينما اقترح آخرون أن مشاكل الحركة أو الحساسية الشديدة للقناة الهضمية أو الارتفاع الكبير في مستويات السيروتانين أو مشاكل الجهاز العصبي اللاإرادي هي التي قد تدفع الشخص للإصابة بمتلازمة القولون العصبي أيضا.
يقول الدكتور شبيجل: " هناك مجموعة متنوعة من النظريات التي تساءلت عما إذا كانت جميعها صحيحة في نفس الوقت، كما وقمت بالتفكير في كل نظرية على حدى، بداية من تلك التي تنطوي على الحركة وصولا إلى البكتيريا وعلم النفس العصبي وغيرها، وقد أدركت أن جميعها تشير إلى وجود الجاذبية الأرضية كعامل مشترك فيما بينها. لقد بدا الأمر غريبا للغاية في بداية الأمر، لكن عندما طورت الفكرة وقمت بمناقشتها مع زملائي، بدأـ تصبح منطقية بلا شك".
كيف تؤثر الجاذبية على الجسم ؟
يمكن أن تتسبب الجاذبية الأرضية في سحب الأعضاء الداخلية إلى الأسفل وتحريكها من مكانها الصحيح، وذلك نظرا إلى احتواء البطن على العديد من المكونات ثقيلة الوزن، مما يجعل حركتها خارج مكانها الطبيعي يتسبب في مشاكل الجهاز العضلي الهيكلي والجهاز الهضمي. لكن هذا لا يعني أن الجميع من يعاني من هذا الأمر وذلك لأن البعض لديه قدرة أفضل على التعامل مع الوزن من غيرهم من الناحية التشريحية".
الجدير بالذكر أن فكرة تأثير الجاذبية على صحة الإنسان لا تتوقف عند نظام الجهاز الهضمي فحسب، بل وقد تمتد إلى الجهاز العصبي والحالة المزاجية أيضا، حيث قال الدكتور شبيجل:" لقد تطور نظامنا العصبي في بيئة تحتوي على الجاذبية أيضا، ما يفسر سبب شعور العديد من الناس بوجود شيء كالفراشات في البطن عند الشعور بالقلق، كما أنه من ليس من الغريب وجود بعض المشاعر الغريزية الشبيهة بشعور السقوط على الأرض عند ركوب الأفعوانية أو حدوث اضطراب ما في الطائرة".
حيث أوضح أن هذه العلاقة بين الجاذبية والجهاز العصبي ترتبط بالمزاج أيضا، وذلك من خلال التأثير على مستويات هرمون السيروتانين كونها تعمل على رفع الحالة المزاجية للشخص بشكل كبير. فعندما تتغير مستويات هذا الهرمون، يمكن أن تمنع قدرة الشخص الأساسية على القيام بأنشطة محددة مثل الوقوف أو الحفاظ على التوازن أو ضخ محتويات الأمعاء لأسفل ضد قوة الجاذبية الأرضية، فمع كل هذه الأجزاء التي يمكن ربطها مع بعضها البعض، استطاع الباحثين الاتفاق على ضرورة إجراء المزي\د من الأبحاث للتأكد من دقة هذه النظرية.