إستفاد العدو الغربي الإمبريالي الصهيوني كثيراً و للغاية من التناقضات العربية الداخلية سواء من نتائج و واقع سايكس بيكو بشكلها المعمم و الموسع في كل الوطن العربي و بكل ما يخلقه ذلك من حدود و تفرقة و كوارث في كل جوانب حياتنا. أو من التناقضات الداخلية و الأخطر بكثير من الأولى و هي الجانب الإثني و العشائري و الديني و هذا الأخير هو الأخطر على الإطلاق لأنه خنجر صهيوني داخلي يقتلنا بأدواتنا و إمكانياتنا و بمواردنا و بعقولنا التي يتحكم بها الصهيوني و الغربي و أقصد بذلك قوى الدين السياسي ذات المسميات المختلفة في وطننا العربي و تضم كافة أحزاب الإخوان المسلمين و التحرير الإسلامي و الدواعش بكافة سرطاناتها التي تطورت حتى تحوّر بعضها إلى درجة اليسار و هذا الأخير ليس موضوع بحثنا الآن.
أقول بأن عدونا الاستعماري هذا إستفاد أكثر ما إستفاد من الإستثمار في الدين السياسي و خصوصاً أن المجتمع العربي كان تربة خصبة جداً لذلك و هو المجتمع الذي خنع و سكت و مجد الإنبطاح و عبودية أبنائه لمدة أربعة قرون تحت حكم العثمانيين أكثر شعوب الأرض همجية و أصحاب الإختراع "الإنساني" الوحيد و هو الخازوق !!
لذلك و كمثل واحد بسيط، نقول كان سهلاً على المخابرات البريطانية MI6 تأسيس حركة الإخوان المسلمين في مصر عام 1928 و التي إنتقلت بسرعة النار في الهشيم إلى كافة أرجاء العرب. لماذا ؟؟!
لأن الأرضية كانت مهيئة جداً لذلك بوجود نوع من الثقافة الإجتماعية الدينية المتخلفة للغاية و التي تتقبل هذا الشكل الهمجي من الأفكار و حتى بالضد من مصالحها و لأنه يتخذ إتجاهاً أحادياً في الدين و يمكن التحكم به و توجيههه سياسياً و مسك كافة خيوط اللعبة بواسطة مؤسسيه.
و بنفس الطريقة ظهرت الفيروسات المتحورة داعش و النصرة و الجيش الحر و نهضة الغنوشي.. إلخ.
و الآن هل تختلف التجمعات اليهودية المختلفة و القادمة من كافة أصقاع الأرض عنّا في ذلك ؟!
كلا و أبداً و على الإطلاق و خصوصاً قطعان المستوطنين القادمين من اوروبا الشرقية إلى فلسطين و الذين يكرهون بعضهم البعض بدرجة لا تصدق و تقوم كل طائفة منهم بتكفير بقية الطوائف.
ثم يقوم هؤلاء بتخوين اليهود العرب لأنهم إكتسبوا بعض صفات العرب. قبل سنوات كانت في القدس مظاهرة أهالي الطالبات الصغيرات و القادمات من اوروبة الشرقية حيث رفض الأهالي أن تجلس بناتهن في صف دراسي واحد و إلى جانب اليهوديات العربيات !! (مائة ألف متظاهر)
و هناك مشكلة حادة للغاية و هي بين الصهاينة العلمانيين و الملحدين و بين الصهاينة المتدينين. كل فئة منهما لها أطياف كثيرة و كل طيف له مشاكل و تناقضات مع بقية الأطياف.
الفرق الواقعي و الفعلي بين العرب و اليهود بأنه توجد هناك قوى معادية قادرة على الإستفادة من واقع التخلف العربي و بل إستثماره بأفضل الطرق و بعكس اليهودي الذي لا يستفيد من تخلفه و تناقضاته أحد، مع أنه سلاح قاتل جداً و حتى لا توجد قوى ثورية عربية منظمة قادرة على تعميق الفجوة..
لا بل أن المطبعين العرب و سلطة م.ت.ف. اللاوطنية و اللافلسطينية تقدم كافة أشكال المساعدة و الحماية و منح الثقة للمجتمع الصهيوني الإستيطاني في فلسطين و أرضنا العربية و بحيث يتجاوز خلافاته الداخلية أو بطريقة تبدو معها تناقضاته تلك و كأنه ثانوية.
يبقى الأمل منصبّاً على الفدائيين الجدد و محور المقاومة.