هل يمر مرور الكرام التقرير الذي عرضته إحدى شاشات التلفزة، بداية هذا الأسبوع، عمّن سَمَّوا أنفُسَهُم "جنود الرب"، أم ينبغي التوقف عند هذا الحدث بمسؤولية، سواء من الدولة أو من المجتمع المدني والسياسي بشكل عام، والمجتمع المسيحي بشكل خاص والأشرفية بالأخص؟
ما رأيناه في الشكل والأشكال والخطاب، والتدريب وقساوته، واستخدام الحديد، ورفع الصليب الضخم وجعلِهٍ شعاراً،والتلطّي خلفه وكأنَّ المسيحيين في خطرينبغي حمايتهم، كلُّ هذا برز بعد ابتهاج مارسه شبّان جاؤوا من طريق الجديدةوعائشة بكار، على دراجاتهم النارية بمناسبةفوزالفريق المغربي بلعبة كرة القدم.
هل هؤلاء الشباب ذهبوا إلى الأشرفية فعلاً، بفعلٍ عفويّ،أم قادهم إلى هناك مَنْ يعملُ، بتوجه وخلفية "جنود الرب"نفسه؟
وهل كان من الضروري ذهابهم إلى الأشرفية تحديداً، لِلِابتهاج؟
ولماذا لم تكن وجهتهم خلدة أو عرمون،أي نفس البيئة، حيث لا يُشكل هذا استفزازًا لأحد؟
المهم، أنّ هذا الذهاب مُستنكرٌ من كل عاقل، سواء شكَّلَ إزعاجاًلهذه المنطقة أم لم يُشكِّل.
ثم هل يشكِّل"جنود الرب" هؤلاء،فعلاً،حمايةً للأشرفية والمناطق التي يغلب عليها الطابع المسيحي؟
هذا أمرٌ مٌريبٌ تجبُ معالجته، قبل أن يستفْحِلَ ويكونَ سبباً لبدايةِ تَفَلِّتٍ أمنيٍّ،وخطرٍ على السٍّلْمِ الأهل،يّ وهذه المسؤولية تقع، أولاًوأخيرًا،على الدولة وأجهزتها كافة.
الأشرفيةُ بالخصوص، لها طابَعُ الجَمالِ بأهلها وتهذيبهم، والبيئةِ المُتّزِنَةِ والناجحةِ برجالِ أعمالها وشوارعهاالنظيفةوحديقة السيوفي الأجمل في لبنان.
وإذا عُدنا الى زمن الحرب الأهلية التي "تنذكر وما تنعاد"،فإنّ ذهنية حرب "الإلغاء"هذه داخل الأحياء المسيحية، هجَّرت أكثر من 800 ألف مسيحي،عدا عن التدمير الذي حصل لأحيائها.
وأذكر نموذجا مماشاهدناه حينها، حيث وقف أحد المواطنين ملوِّحاً بمفاتيحه التي تمثل بيته ومحله وسيارته، التي دمّرتها هذه الحرب، وهو يقول: وداعاً لبنان، سأُهاجر، ولن أعود إليك.
وبجوٍ آخر، هل قرية رميش بأقصى الجنوب مهددون بوجودهم؟
وهل أهل بلدة القاع في أقصى البقاع مهددون أيضاً بوجودهم من جيرانهم المسلمين الشيعة؟
وهل القرى المسيحيةُ، في أطراف عكار، مهددون من قِبَلِ جوارهم المسلمين السنة؟
أم أنّ التعايش يُشكِّلُ رمزاً للوحدةالوطنيةبين كافّة الأهالي؟
إنَّ داعش، عندما أنشأوها، كُشفت معلومات تُفيد بأنّ جامعة في تل أبيب مختصّة بتدريس الدين الإسلامي إذ لا تُخرّج سوى يهودٍ، وهناك منبع قيادة المجموعات الإرهابية، ليكون لهم أدوار بقيادةِ هكذا مجموعات.
فمن هو أبو بكر البغدادي؟ وما هويته؟ وأين نشأ؟ ولا ننسَ المجازرَ التي ارتكبتها هذه الجماعاتُ بأهل السُّنَّةِ والشيعةُِ والمسيحين والأيزيديين، حيثُ بيعت نساؤهم بالمزاد العلنيّ إبتداءً من خمسين دولاراً أمريكياً وصولا إلى 250 دولارا وخاصة النساء الإيزيديات والمسيحيات،وكان العَرضُ صباحًا، وبعد صلاة العصر، ومازالت صورهنّ موجودة.
أمَّا أنتم يا مَنْ تُسمُّون أنفُسكم:"جنود الرب"،إذا كان هدفكم فعلًا حماية الأشرفية من الحرامية والسرقات وتجار المخدرات، فهذه مسؤولية الدولة أولاً وأخيراً، وليست مسؤوليّتُكُم.
مأنتم، بالشّكل والمضمون فتُعتبرون غرباء عن الأشرفية، ويُخشى منكم وربما ينطبق عليكم المثل القائل "حاميها حراميها".
وأمَّا الجهات والأسماء التي ذكرت،بخلفيّة ورعاية هذه المجموعة:"جنود الرب" فالأشرفية تقول لكم: ما هكذا يُصنَعُ لي "جميلاً" ولا بهذه "الجعجعة".
هذا"صحنٌ"فيه سُمٌّ لهذه المنطقة، وحَذارِ "أن يأتيَ يومٌ لا ينفع فيه النّدم". إبتعدوا عني فأنا بخير وبحماية الدولة.
وللمجتمع المسيحيِّ الذي نحترمُ ونُقدِّر فنقول: استمعوا جيداً إلى كلامِ بابا الفاتيكان ونداءاته العاقلة التي سمعناها أمس.