جورج حدادين
بدأ شعار تغيير النهج يرفع من قبل شخصيات وطنية ومنظمات شعبية وحراكات مجتمعية، مقابل مطالب نمطية ثبت عقمها: تغيير الحكومة وحل مجلس النواب وإلغاء مجلس الأعيان، ومحاربة الفساد ومعاقبة الفاسدين.
فما المقصود بتغيير النهج ؟
في البدء لا بد من تفسير وتحديد مضمون هذا المصطلح
النهج، منظومة متكاملة لخيارات اقتصادية اجتماعية سياسية ثقافية ، تحدد تصور محدد لصيرورة تطوير وتنمية دولة ومجتمع،
يرتكز النهج إلى قوانين علمية من أجل تشخيص الواقع القائم بالفعل، والخصائص الكامنة في المجتمع ذاته، وتحليل صيرورة تطور التشكيلة الاقتصادية – الاجتماعية من أجل اكتساب معرفة بأدوات تطوير وتنمية التشكيلة الاقتصادية الاجتماعية، وبناء عليه صياغة برامج ومشاريع التنمية الوطنية والمحلية الشاملة، أنطلاقاً من المعرفة الحقيقية للمعطيات والعناصر والأطر المتاحة والمتوقعة، وبرامج موضوعية واقعية مرحلية متدرجة نحو الهدف الاستراتيجي.
لماذا المطالبة بتغيير النهج؟
لأن النهج السائد المعتمد، لإدارة شؤون الدولة والمجتمع، أوصل الدولة والمجتمع إلى أزمة خانقة متجذرة ممتدة ومتعمقة، أزمة أصبحت ناضجة للانفجار في أي لحظة، نتيجة الاحتقان المجتمعي الطاغي،
الجميع يلمس هذا الاحتقان، ومن لا يلمسه فأنه أعمى البصيرة وأعمى البصر، ومنفصل عن الواقع.
غياب المشروع الوطني للخروج من الأزمة وغياب الحامل الاجتماعي الواعي لهذا المشروع، يشكل صاعق الانفجار القادم لا محالة، المحصلة تدمير الذات ، الذي يؤدي بدوره إلى تفكيك الدولة ومؤسساتها وتفتيت المجتمع وشرائحه،
الزلازل تحدث في الطبيعة نتيجة تراكم - احتقان طاقة في بؤرة محددة تحت سطح الأرض، في لحظة محددة تصبح هذه الطاقة فائضة وأقوى من القوى الكاتمة لتحدث انفجاراً مدمراً،
للحقيقة الزلازل بذاتها ترسل إشارات قبل حدوثها، على شكل شواهد في الطبيعة، تصرفات حيوانات محددة وتغيرات كهربائية أرضية، وزلازل منخفضة الشدة، فمنها ما يساهم في تخفيف حدة الطاقة المختزنة ومنها ما يمهد الطريق أمام الانفجار،
النهج القائم، نهج التبعية والخضوع لإملاءات الطغمة المالية العالمية وأدواتها صندوق النقد والبنك الدوليين، نهج حجز الثروات الطبيعية الهائلة المحتجزة تحت سطح الأرض الأردنية، ومنع استثمارها خيرات تعم المجتمع بكافة شرائحه،
نهج منع إحداث تنمية حقيقية متمحورة حول الذات الوطنية ومنع تنمية قوى الإنتاج الوطني لإبقاء المجتمع على حافة الهاوية، لا يشبع ولا يموت من الجوع، بقاءه في حالة لحاق دائم للقمة العيش، بحيث يقبل بكل ما يملى عليه، سياسة بريطانية،
نهج الفساد والإفساد آلية حكم، بحيث تتحكم مجموعة صغيرة جداً بالمجتمع الكلي، نتيجة تمكينها من المال والسلطة، تستخدمها في شراء الذمم شراء وجهاء وأصحاب نفوذ ونخب لتشكل قاعدة اجتماعية للسلطة القائمة، وللعلم الفساد والإفساد لا يقتصر على المادة بل يتعداه إلى إفساد اجتماعي سلوكي معياري، يقود إلى فقدان المجتمع حصانته الوطنية ويصبح عرضة لكل الآفات الاجتماعية والثقافية ، كما ويتم تزييف الوعي بتاريخه الحضاري، وتغريبه عن واقعه، أو فرض العودة إلى السلفية الظلامية.
نهج الدولة الريعية الوظيفية التابعة، دولة المجاميع ما قبل الدولة الحديثة، وسد الطرق أمام إمكانية اندماج المجاميع لتشكل مجتمع متجانس موحد، ولهذا تسود في الخطاب السياسي شعار " كافة المنابت والأصول"
ما هو النهج المطلوب؟
يتبع...
"لكم للوطن والوطن لكم "
