المبادرة الوطنية الأردنية
جورج حدادين
لماذا هذا الجزم المبكر بالنصر في الوقت الذي لم تضع الحرب أوزارها؟
ما هو النصر المقصود، وكيف يتم تشخيصه؟
من المعتدي أو من محور العدوان، وما هي الأهداف التي يسعى لتحقيقها ثم الإستراتيجية التي يتبناها.
التحضير لهذا العدوان، حصل منذ حوالي عشر سنوات، عبر إعلانات إعلامية وتصريحات متتالية من قبل قادة الكيان الفاشي، وقيادات المحافظين الجدد، على مدى هذا الزمن.
التحريض على إيران، ليس بجديد، بل انطلق مع انفجار الثورة الإيرانية، قبل حوالي أربعة عقود، وتحديدا عام 1979، ثورة على التبعية للغرب، تم من خلالها تحرير الإرادة السياسية من هيمنة الرأسمالية والصهيونة، ووقوف الثورة الى جانب الشعب الفلسطيني حيث تم كنس السفارة الإسرائلية من على التراب الإيراني.
هدف الحرب على إيران متعدد الأوجه حيث:
• تكامل مشروعين في هذه الحرب:
مشروع " إسرائيل الكبرى " حلم الفاشية التوراتية.
ومشروع " الشرق الأوسط الجديد / الكبير" مشروع المركز الرأسمالي العالمي
مشروع إسرائيل الكبرى، يتم تحقيقه على مرحلتين،
المرحلة الأولى، من خلال فرض السلام الاقتصادي بالقوة على النظام الرسمي العربي،
ومنثم الإنتقال الى المرحلة الثانية، أي في هذا الوقت بالذات، ضرب الثورة الإيرانية التي تشكل عائقاً كبيراً في طريق تطبيق مشروع اسرائيل الكبرى، كونها دولة إقليمية كبرى، ولها مصالح وطنية عليا، لا يمكن أن تسمح بإنفاذ مشروع إسرائيل الكبرى، لتعارضه مع مصالح إيران.
تم شن الحرب على إيران بتخطيط ومشاركة مباشرة للناتو، عير تحالف الولايات المتحدة والكيان الفاشي، حيث أعلن ترامب ، مباشرة بعد الضربة الأولى، افتخاره الكبير بهذا الإنجاز.
ما الذي دعى ترامب لإعلان الإفتخار؟ علماً بأنها معركة في حرب قد تطول وقد تقصر؟
وما الذي دعى القيادة الفاشية التوراتية الى إعلان النصر قبل انتظار النتائج؟
يبدو أنهما استندا الى مخطط محكم معد مسبق، تم التحضير له بشكل سري ودقيق، على مدى عقدين من الزمن، ساهمت الولايات المتحدة بخداع القيادة الإيرانية، من خلال طرح تفاوض مع إيران، أستمر ستون يوماً، على ما يبدو المدة المتخيلة لتنفيذ الضربة.
فكانت الضربة الصاعقة المفاجئة فجر يوم الثاني عشر من شهر حزيران، موظفة لتحدث " الصدمة والرعب " في صفوف القيادة والمجتمع الإيراني،
ضربة استهدفت قيادات الصف الأول:
العسكرية والسياسية وعلماء الذرة، وقواعد انطلاق الصواريخ ومنظومة المضادات ومواقع تخصيب اليورانيوم،
على إثرها، اعتقد المخطط، ستنطلق ثورة شعبية مضادة، تطيح بالنظام القائم،
حيث تم التحضير لهذه الضربة بدقة متناهية:
عبر زرع مجموعات إرهابية وجواسيس وشراء ذمم، في كافة مناحي إيران، كما تم تخزين سلاح، ومصانع مسيرات وذخيرة وتوزيع أموال طائلة ، في مناطق مختلفة ومدروسة بدقة، تشكل مراكز ارتكاز الثورة المضادة،
سقوط إيران كان سيؤثر في ثلاث دوائر في الوقت ذاته:
على الصعيد المحلي إعادة إيران الى الهيمنة الغربية، وفتح السوق الإيراني لهيمنة الشركات متعدية الجنسيات، ونهب ثروات وطنية هائلة، واستخدام إيران مرة ثانية، كما كانت في عصر الشاه، قوة قمع ضد دول الخليج كافة.
على صعيد المنطقة، ستنطلق يد الفاشية التوراتية في تحقيق حلم اسرائيل الكبرى، حيث الأردن سيكون الضحية الأولى، وستمنح الفرصة لفرض السلام الاقتصادي بالقوة، على النظام الرسمي العربي.
على الصعيد العالمي، سقوط إيران سيوجه ضربة قوية للصين وروسيا، حيث سيتم عرقلة مشروع الحزام والطريق الصيني، ويضع الناتو على حدود روسيا من جانب بحر قزوين، وسيفسح المجال أمام الولايات المتحدة للمطالبة بثروات بحر قزوين.
في المحصلة سيتم القضاء على مشروع تعدد الاقطاب، ويفرض على روسيا دور دولة إقليمية، وليس دولة عظمى، وعلى الصين العزلة السياسية.
نستطيع القول أن إيران استطاعت بكل اقتدار إفشال هذه التفاعلات في الدوائر الثلاث، والبدء بتحجم قدرة الكيان الفاشي على فرض إرادته على المنطقة.
ويبدو أن صراع التكتلات داخل الولايات المتحدة، بين كتلة أمريكا أولاً، التي ترفض تدخل الولايات المتحدة عسكرياً في حرب الفاشية التوراتية، من طرف ، والمحافظين الجدد واللوبيات الصهيونية، في الطرف الآخر،اللذين يدعون للدخول في هذه الحرب عسكرياً، فكلما اشتد القصف على الكيان يتم ترجيح كفة عدم دخول الولايات المتحدة الحرب، خاصة وأن القواعد الأمريكية المنتشرة في الدول العربية المجاورة لا تبعد أكثر من 400 كم عن الحدود مع إيران، وأن فعالية الصواريخ الإيرانية أصبحت واضحة للعيان، ولا يوجد حتى مغفل واحد ينكر هذه الفعالية العالية والتقنية المتفوقه على كافة أنظمة الدفاع الغربية المشتركة في التصدي للصواريخ الإيرانية ، وعلى ما يبدو أن ذخائر المضادات لدى الفاشية التوراتية بدأ ينفذ، ولا يتوفر احتياط إلا لفترة اسبوعين حسب تسريبات من الكيان ذاته.
أذن نستطيع أن نستشف بوضوح فشل المخطط بشكل واضح، حيث استطاعت القيادة الإيرانية استيعاب واحتواء الضربة، بشكل سريع ومذهل، لا بل انتقلت بسرعة فائقة الى الهجوم المضاد، واستطاع سلاح الصواريخ من استباحة الفضاء فوق الكيان، واستهداف كثير من مواقع "القيمة العالية" حسب مصطلح الخبراء العسكرين،
وما تهديد إغتيال المرشد العام، من قبل ترامب، إلا دليل واضح على خيبة أمل من الانتصار على إيران، هل يعقل مثل هكذا تصريح؟ تماماً كما تكون الدعوة لإغتيال بابا الفاتيكان.
لا الملاجئ تحميهم ولا مقلاع داود ولا القبة الحديدية ولا أنظمة الدفاع الغربية مجتمعة، قادرة على حماتهم من الصواريخ الإيرانية، لذلك ترى المستوطنون الصهيانة يفرون بقوارب نحو قبرص وعبر الأردن الى أوروبا.
بالمقابل ترى إزدياد تماسك النسيج الاجتماعي الإيراني، بحيث ترى حتى المعارضين للنظام يصدفوا مع النظام ضد عدو الوطن.
" كلكم للوطن والوطن لكم "



