يتمحور الصراع العالمي بكامله اليوم على شرق المتوسط " بوابة السيطرة على العالم" ..
سيبقى المشروع الاوراسي ضربا من الوهم إن خسر هذه المعركة ، وهو وإن ضمن البوابة الأهم على شرق المتوسط ( سورية ) فإنه لازال يحتاج الى التشبيك والتواصل معها عبر العراق او تركيا أو كليهما ، ويستخدم لذلك مزيجا من التكتيك العسكري والسياسي والدبلوماسي وفق ما تقتضيه ظروف الصراع ..
وبالمقابل فإن المشروع الصهيوني الذي فشل بالسيطرة على هذه البوابة الأهم ( سورية ) يلجأ الى جملة من التكتيكات والمخططات لتعويض خسارته الاكبر في ( سورية ) ولعل المخطط الأهم بالنسبة إليه هو ربط دول المنطقة التي تدور في فلكه "بإسرائيل" وجعلها تحت الوصاية الاسرائيلية في محاولة منه لقطع الطريق على المشروع الاوراسي وتطويقه ومنعه من تحقيق اختراق ضمن هذه الدول الهزيلة سواء في الخليج او وادي النيل او وسط وشمال أفريقيا...
وهنا ربما يتساءل البعض : لماذا هذا الصمت والتروي من قبل دول المشروع الاوراسي على كل ما يقوم به المحور المعادي ؟ الجواب ببساطة أن هذا المحور يراهن على حقيقتين :
الاولى : ان جوهر الصراع في سورية قد حسم لصالح هذا المشروع والذي تشكل سورية ركنا أساسيا فيه بل هي الركن الاهم وما تبقى من حسم للمعركة مرتبط بالتشبيك والتواصل بين دول المشروع ..
الثانية : أن المحور المعادي وعلى عكس ما يروج له اعلاميا هو في حالة هلع وتخبط مما يجري داخل الولايات المتحدة (رأس المحور الصهيوني) والتي من المتوقع ان تدخل في حالة من الفوضى عقب الانتخابات الرئاسية القادمة ، وهذه المراهنة صحيحة وأميركا اليوم ليست اميركا الامس ، واميركا الغد ليست اميركا اليوم ، التراجع مستمر في ظل الانقسام الافقي والشاقولي داخل المجتمع الاميركي وسينعكس على مخططاتها التي تقودها اسرائيل وعبيدها في المنطقة ..
سيقول البعض : ان "سورية" تحملت الكثير ، بل تحملت اكثر من غيرها بكثير وأنه يتوجب على دول اوراسيا ان تضاعف حجم الدعم الاقتصادي لشعبها الذي صمد وقاوم وافشل المخطط الصهيوني ورجح كفة الصراع لصالح لصالح اوراسيا ؟
هذه حقيقة لا ينكرها عاقل ومطلب حق لا يمكن المجادلة به ، غير انه لا بد من الالتفات لأمر مهم وهو ان سورية تدرك حجم مكانتها في هذا المشروع وتحرص على ان تخرج من الصراع بكامل قرارها المستقل الذي سيحقق لها دورا كبيرا ومضاعفا في هذا المشروع وفي المنطقة والعالم مهما بلغ حجم الصبر ، هذا من جهة ومن جهة اخرى ان الخيارات الاقتصادية الكبرى مرتبطة باستكمال التشبيك والتواصل بين دول اوراسيا ..
وإذا كنا على قناعة بانه بإمكان حلفائنا الاوراسيين ان يقدموا لنا أكثر مما هو عليه في الجانب الاقتصادي، فإننا ايضا على يقين أن قليلا من الصبر وكثيرا من الحكمة سيجعلنا نصل الى ما ننتظره ونتأمله في نهاية هذا الصراع الذي نراها غير بعيدة ، او على الاقل سنقطف بعضا من ثماره عقب تحولات ستحدث في طبيعته عما قريب ...
م.حيان نيوف