كتب الأستاذ حليم خاتون,
يبدو أن حزب الله يواجه مشكلة مع الزوجة الثالثة...
من دون كثير من النجاح في محاولات إرضاء التيار العوني، يحاول حزب الله إفهام الجميع في لبنان أنه لا يمكنه التخلي عن الزوجة الأولى، ”أم العيال" حركة أمل، ولا عن الزوجة الثانية، تيار المردة بكل ما يعنيه هذا التيار في مسألتي العداء المطلق لإسرائيل، والمسيحية العروبية التي دفعت ثمن هذه العروبة دما سقط في إهدن على يد حلفاء إسرائيل...
باختصار، الزوجة الثالثة المتمثلة بالتيار العوني هي الجديدة التي "تدلعت" ما فيه الكفاية، وآن الأوان أن تنتظم في صيانة البيت وعمرانه، وفقاً لرغبات رب هذا البيت...
صحيح أن زوجات الحزب الثلاثة خرجوا عن الطريق الصواب؛ إلا أنهم لم يصلوا إلى مستوى امرأة نوح من الكفر... على الأقل، هناك حاجة ماسة توجب ركوبهم سفينة لبنان لأن في هذا نجاة لهذه السفينة وكل حمولتها من مختلف المخلوقات التي خلقها الله على أرض لبنان...
يتناول الكاتب ابراهيم الامين موضوع تفاهم مار مخايل الذي لم يسقط والذي تتمنى سقوطه كل القوى والتيارات المعادية للمقاومة...
يتحدث الاستاذ الأمين عن الصراع الدائر على السوشيال ميديا بين قواعد حزب الله، وقواعد التيار العوني...
قد يكون الاستاذ ابراهيم على حق في محاولة لم الشمل ومنع الفرقة، لكن السؤال يجب أن يكون على اي أساس...؟
على اي اساس يمكن جمع هذه الأطراف الثلاثة وقد عاثوا في الأرض فساداً وتسببوا بجنوح هذه السفينة وإمكانية غرقها...
سواء اعجبنا هذا الأمر أم لم يعحبنا، يحتوي التيار العوني كمية من العقارب الأقرب الى سمير جعجع قد تبدأ بناجي حايك ولا تنتهي بجويل ابي يونس على ال OTV...
كذلك الأمر مع حركة أمل وتيار المردة اللذان ارتبطا ارتباطاً وثيقاً بمشروع رفيق الحريري الذي أدى عن سابق تخطيط وتقصد، إلى ما يعانيه البلد من تلاطم تلك الأمواج العاتية التي فاقت قوتها قوة صمود عماد هذا الهيكل الذي هو لبنان...
صحيح أن هذا التيار العوني قد سمح بانتقال أمثال الإعلامية كلير شكر أو الاستاذ غسان سعود من ضفة العصبية المسيحية إلى رحاب العلمانية الوطنية، رغم عدم تطابق افكار هؤلاء بالجذوة الثورية التي يحتويها حزب الله كميراث ثورة وصل عمرها إلى ألف وأربعمائة عام من الكفاح والصمود ضد الظلم والعزل والتشريد والمطاردة التي لا يزال يمارسها معظم النظام الرسمي العربي، مدعوما بالامبريالية الأميركية وربيبتها إسرائيل ضد هذه المقاومة...
وصحيح أن تلك الأطراف الثلاثة تحمل من الدرن ما يحتاج إلى قوة ربانية قد تساعد على التخلص من كل هذا الدرن والارتقاء بهذه الأطراف الأربعة إلى مجد صمود لبنان وعودة الحياة إليه وإلى كافة ابنائه بما في ذلك الجاحدين الذين لم يتوقفوا يوما عن التعارك والتسبب بالمشكلات لهذا الحزب الذي لم يوفق حتى اليوم في المطابقة بين محاربة العدو الصهيوني، وبين بناء الدولة القوية العادلة في لبنان...
نعرف جميعاً مدى انغماس الحزب في القضية القومية المركزية التي تمثلها فلسطين، لكننا نعرف أيضاً أن هذا الحزب لم يستطع حتى اليوم الوصول إلى صيغة بناء الدولة القوية العادلة على أرض لبنان وما بعد لبنان، وما بعد، ما بعد لبنان...
بين مدنية الدولة عند حركة أمل، وعلمانية هذه الدولة وفقاً لنهج ميشال عون ما قبل الإنحراف، يتوجب البناء على هذا من أجل بناء تلك الدولة القوية العادلة في لبنان...
صحيح أن التفاهم لم يسقط بعد...
لكن هذا التفاهم لم يعد بخير...
إذا كان هذا التفاهم قد سمح بإظهار نجاح الاستراتيجية الدفاعية القائمة على جيش وشعب ومقاومة؛ فإن الشراكة لبناء الدولة القوية العادلة لا تزال تخضع لتلك الرياح العاتية...
لذلك يجب الجلوس على طاولة مستديرة والبدء بتصحيح الخلل أينما وجد، والعمل على الأقل بتطبيق بند قانون الانتخاب خارج القيد الطائفي، وعلى أساس النسبية ولبنان دائرة انتخابية واحدة...
هناك في لبنان من القوى والمجموعات الوطنية العلمانية ما يكفي للإنطلاق من جديد...
عند الصراخ، ما كان الهدف ابدا ضرب التحالفات التي عقدها حزب الله مع التيار العوني أو مع امل أو المردة، بقدر ما كان الهدف أن يشكل جميع هؤلاء قوى دفع جبار باتجاه بناء نواة قوى وطنية تسمو بهذا الوطن إلى العلى وفق شعار الدين لله والوطن للجميع، واخوك في الوطن هو اخ لك بالإنسانية قبل اي شيء آخر...
تفاهم مار مخايل بحاجة إلى ورشة تصليح تقوم باختصار على مدنية الدولة، على وطنية هذه الدولة، ولكن قبل اي شيء آخر على واجب هذه الدولة تجاه كل مواطنيها في هذا الوطن وعلى كل اخواننا في الإقليم خاصة في مسألة العمل فورا على إعادة النازحين السوريين إلى ديارهم بعدما هزم مشروع الردة التكفيري، وعلى مساعدة اللاجئين الفلسطينيين على تحقيق حق العودة بالقوة التي تجيزها كل الشرائع بلا استثناء...
هذان الأمران يتقاطعان بلا أي أدنى شك بوجوب بناء دولة وطنية مدنية عادلة على كامل التراب الوطني بدءاً من لبنان، ووصولا إلى أقصى ما يمكن أن تصل إليه احلام وحدة المصالح مع الإقليم...
حليم خاتون