أسدٌ فلسطينيٌ منفرد قصم ظهر قادة العدو وأذلَّهم وحطّم هيبتهم
فلسطين
أسدٌ فلسطينيٌ منفرد قصم ظهر قادة العدو وأذلَّهم وحطّم هيبتهم
عدنان علامه
30 كانون الثاني 2023 , 04:46 ص


عدنان علامه / عضو الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين


تحول الشهيد خيري علقم في ساعات قليلة إلى "أيقونة الجهاد الفلسطيني" وفتح أبواب العمليات الفردية الإستشهادية والبطولية على مصراعيه. فعمليته نوعية فريدة، والتي لم يحصل مثلها في تاريخ الصراع مع العدو الصهيوني. وقد حولته وسائل إعلام العدو إلى إسطورة، وسَخِرَت من إجراءات الشاباك. واللافت بأن الرقابة العسكرية قد منعت من نقل أي صورة عن مكان وكيفية إستشهاد أسد فلسطين خيري علقم . ويبدو إنهم إستفادوا من خطأ توزيع شريط عملية الشهيد عدي التميمي وشريط إستشهاده الذي ألهب المشاعر الكامنة في نفوس الفلسطينيين. وما سُمِح لوسائل لإعلام نقله فيما يختص بالشهيد علقم هو فقط صورة للمسدس الذي إستعمله الشهيد مرمي بعيدًا عن جثمانه؛ الأمر الذي يؤكد بأن رجال الأمن وصلوا إلى الشهيد وهو على قيد الحياة وتمت تصفيته لاحقًا. فإبعاد السلاح عن أي معتقل هو أول إجراء لتأمين المكان لإستكمال إجراءات الإعتقال. وما يؤكد تحليلي إصابة زجاج سيارة الشهيد بأربعة رصاصات متقاربة جهة السائق ولا يوجد أي نقط دم داخل السيارة أو خارجها. السيارة كانت متواجدة على تقاطع طرق رئيسية، الأمر الذي يؤكد بأن الشهيد قد إنتقل من مكان تنفيذ عمليته ليستقل سيارته ويغادر في طريق العودة. ولكن الرصاصات المباشرة على السيارة بقصد القتل غيَّرت خطته . وقد سمحت الرقابة المشددة ببث صوت تبادل إطلاق النار فقط مع الشهيد في مكان بعيد عن سيارته، وتقاطع الطرقات تعج بسيارات الشرطة وسيارته في إطار الصورة الواسعة للمنطقة.

وأرفق لكم صورة للشهيد خيري علقم في منزله تعلوها صورة لرأس أسد بحجم لوحة كبيرة (75سم ×150سم) تقريبًا؛ وهذا يعكس مدى حبه للأسد وطباعه وحتى التأثر بها. فالأسد هو شعار القوة والشجاعة والإقدام وضرواته في القتال وشراسته غير المحدودة في الدفاع عن عائلته ومنطقته التي حددها. ولذا سُمِّي بملك الغابة.

وقد استخدمته كافة الحضارات القديمة في نقوشها ورسومها وحظي نحت رأس الأسد على كل زوايا وأعمدة قصور الحكام للدلالة على القوة والسيطرة والسلطة.

ومن المؤكد بأن الشهيد خيري علقم قد تأثر شديدًا بطباع الأسد من خلال تواجد صورته في ذهنه نتيجة لتكرار رؤيتها يوميًا في منزله ؛ فانطلق تلبية لنداء الإستغاثة الذي أطلقه مخيم جنين وشهدائه بعد أن اختفى الناصر والمعين.

خرج الشهيد خيري من منزله بعد خطة أعدَّها بعناية فائقة محددًا هدفه وسلاحه وآلية الإنسحاب بهدوء تام. وكمقدسي فكان الشهيد يعرف أحياء القدس ككف يده فأختار المكان الذي يناسبه لإطلاق النار من مسدسه على محتلي القدس، واعترف العدو بحصيلة 7 قتلى و7 جرحى وببينهم ثلاث حالات ميؤوس منها. وانسحب من المكان ليركب سيارته حيث تمت ملاحقته بعد وصوله إلى تقاطع طرق رئيسية بسبب تجهيز المنطقة بأحدث كاميرات المراقبة الذكية. واستطاع الشهيد الإنتقال من سيارته لأصابتها بأربع رصاصات بإتجاهه؛ والمنطقة واسعة ومكشوفة بسبب تقاطع جادتين مع مسارات فرعية؛ وبالرغم من ذلك فقد نقلت وسائل إعلام العدو في البث المباشر حركة كثيفة لسيارات الشرطة من كل حدب وصوب على التقاطع مع صوت لتبادل إطلاق النار. وهذا يؤكد الدقة العالية في التخطيط ليبقي معه بعض الذخيرة في طريق العودة.

وساهمت وسائل إعلام العدو في تحويل الشهيد إلى إسطورة؛ فقالت القناة 13: "تم تنفيذ الهجوم تحت أنف الشاباك في القدس". وأشارت في تقرير آخر إلى إحترافية منفذ العملية لافتة إلى ان منفذ العملية اطلق الطلقة وراء الأخرى، وأصاب بصورة دقيقة. وعلى ما يبدو لديه خبرة في التصويب". وأجمعت وسائل إعلام العدو بأن "منفذ العملية واصل إطلاق النار لمدة 20 دقيقة؛ أي أن الشهيد بسط سيطرته الفلسطينية على مكان العملية لمدة 20 دقيقة. وأما مفوض شرطة الإحتلال فقال: "هذا الهجوم هو واحد من الهجمات القاسية التي واجهتنا في السنوات الكثيرة وأضاف المفوض :"منفذ العملية ذئب منفرد وليس معه أحد". وأما نتنياهو فقال: " العملية كانت صعبة.

ومن أقسى الردود كانت للعميد موشيه فقد كال الشتائم ل بن غفير وحمَّله مسؤولية ما حدث وختم الفيديو طالبًا من المستوطنين العودة من حيث أتوا فلا يوجد أي مكان آمن لهم.

وكان من أهم ردود الفعل الفلسطيني على عملية القدس، هو تحول مجالس العزاء في مخيم جنين إلى أفراح، وفي حادثة مُعبِّرة ونادرة إجتمعت أمهات شهداء مجزرة جنين وخلدن فرحتهن باخذ صورة تجمعهن والإبتسامة تعلو وجوههن ورافعات شعار النصر.

ولمن أدان العملية من الدول الغربية والعربية وحتى الأمين للأمم المتحدة أقول : "راجعوا الوثائق الدولية بخصوص القدس فهي لا تزال مصنفة بأنها تحت الإحتلال، وميثاق الأمم المتحدة يجيز محاربة المحتل بكل الوسائل. ولا بد من التذكير بأنه لا يوجد أي مدني في الكيان المؤقت فكل فرد هو جندي في ذلك الكيان" . وأضيف : باننا لم نسمع أصواتكم حين أراد بن غفير وأصحاب الرؤوس الحامية القيام بطقوس نحر الذبائح في المسجد الأقصى منذ عدة شهور، كما أصابكم الصمم والبكم حين دعا بن غفير إلى قتل الأسرى الفلسطينيين، وحين هنأت جماعته الجنود الذي أقترفوا مجزرة جنين.

فمهما انطبحتم أمام الصهاينة لتكسبوا ودهم؛ فأنهم لا يروون فيكم سوى "غوييم" لخدمتهم.

وإن غدًِا لناظره قريب

29 كانون الثاني/ يناير 2023

المصدر: موقع إضاءات الإخباري