عدنان علامه / عضو الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين
أستهل مقالي بما كتبه البروفيسور، كميل حبيب، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالجامعة اللبنانية عبر حسابه على منصة إكس بتاريخ 01 تشرين الثاني/ نوفمبر 2023 : "أعتذر من طلابي في الجامعة اللبنانية لأنني كنت متشددا في تدريس مقررات القانون الدولي، القانون الدولي الإنساني، ومنظمة الأمم المتحدة، فبعد الجرائم الصهيونية في غزة لم يعد هناك حاجة لتدريس هذه المقررات.. حق القوة سيد العالم".
وآمل منكم التدقيق جيدًا في تصريحات غوتيريش في جلسة مجلس الأمن أمس،لتعرفوا مقدار الضغط الذي تعرض له غوتيريش من أمريكا والدول السبع لإدانة إيران التي دافعت عن نفسها بموجب المادة 51 من الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة؛ بينما لم يدين إسرائيل وأمريكا بالرغم من إرتكابهم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وقد وصلت اليوم إلى حد التطهير العرقي والإبادة الجماعية في غزة حيث وصلت حصيلة حملات الإبادة الجماعية إلى حوالي 130.000 شخص بين شهيد ومفقود وجريح، علمًا بأن 70% من الحصيلة هم من الأطفال والنساء.
وينص ميثاق الأمم المتحدة, الفصل السابع فيما يتخذ من الأعمال في حالات تهديد السلم والإخلال به ووقوع العدوان. وهذا هو نص المادة 51
" نص المادة 51":
ليس في هذا الميثاق ما يضعف أو ينتقص الحق الطبيعي للدول، فرادى أو جماعات، في الدفاع عن أنفسهم إذا اعتدت قوة مسلحة على أحد أعضاء "الأمم المتحدة" وذلك إلى أن يتخذ مجلس الأمن التدابير اللازمة لحفظ السلم والأمن الدولي، والتدابير التي اتخذها الأعضاء استعمالاً لحق الدفاع عن النفس تبلغ إلى المجلس فورا، ولا تؤثر تلك التدابير بأي حال فيما للمجلس - بمقتضى سلطته ومسؤولياته المستمرة من أحكام هذا الميثاق - من الحق في أن يتخذ في أي وقت ما يرى ضرورة لاتخاذه من الأعمال لحفظ السلم والأمن الدولي أو إعادته إلى نصابه."
ونعود سويًا إلى مقتطفات من خطاب غوتيريش في جلسة مجلس الأمن اليوم، والخاصة بمنح فلسطين مقعد دائم في مجلس الأمن:-
وأعرب الأمين العام خصوصاً عن إدانته للهجوم غير المسبوق الذي شنّته إيران على إسرائيل نهاية الأسبوع الماضي.
وقال "في غزة، أدّت ستة أشهر ونصف من العمليات العسكرية الإسرائيلية إلى خلق جحيم" على الصعيد الإنساني، مؤكّداً أنّ مليوني فلسطيني يعانون في القطاع المدمّر من "الموت والدمار والحرمان من المساعدات الإنسانية الحيوية" والجوع.
ولفت غوتيريش أيضاً إلى أنّ "حصيلة القتلى هائلة وغير مسبوقة، من حيث الوتيرة والحجم، منذ أن أصبحت أميناً عاماً" للأمم المتحدة في 2017.
وأعرب عن أسفه لأنّ "كل هذا يحدث في ظلّ قيود كبيرة تفرضها السلطات إيصال المساعدات إلى سكان غزة الذين يواجهون الجوع على نطاق واسع".
ولا بد من الإشارة بأن ما حدث في 07 أكتوبر 2023 لم يأتِ من فراغ كما قال غوتيريش؛ بل من معاناة إستمرت 57 عامًا، بينما عانى الشعب الفلسطيني أكثر من 76 عامًا من ممارسات الإحتلال التعسفية.
ففي 07 أكتوبر لجأ نتنياهو الى المكر والخديعة لإستباحة الدم الفلسطيني؛ ففَعَّل بروتوكول هنيبعل، وأمر الطيران المروحي بإستهداف مجموعات المحتفلين في مهرجان سوبر نوفا الموسيقي مدعيًا أن المجاهدين قد أخذوا أسرى، فتسبب في قتل 364 يهوديََا غدرًا، وادعی ان العماليق قد قتلوهم ويريدون قتل كل يهودي. وكان نتنياهو يصر على المسؤولين الذين وصلوا إلى إسرائيل لدعمه أن يكرروا اللازمة التالية :"لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها والبعض أضاف وعن شعبها".
وقد تناسى قادة العالم وحتى غوتيريش نفسه بأن مجلس الأمن قد صنّف إسرائيل كقوة إحتلال.
فلننتقل سويًا إلى عرض بعض القرارات الدولية حسب التسلسل التاريخي لإصدارها على سبيل المثال لا الحصر؛ والتي تذكر إسرائيل وتخاطب قادتها و بأنهم "قوة إحتلال"، أو "إحتلال الأراضي بواسطة الحرب" خلافًا لكافة قوانين الشرعية الدولية؛ ذاكرًا رقم القرار وتاريخه والفقرة المتعلقة ب"قوة الإحتلال" و"عدم شرعية إحتلال الأراضي بوسطة الحرب" أو "ترحيل الفلسطينيين" :-
1- قرار 242، 1967: دعا القرار إلى "إنسحاب إسرائيل من كامل الأراضي التي احتلها عام 1967 بعد حرب الستة أيام".
2- قرار 338، 1973: تبنى مجلس الأمن في أكتوبر عام 1973 القرار الذي دعا إلى وقف إطلاق النار بعد حرب عيد الغفران. ودعا القرار إلى تنفيذ بنود قرار 242.
3- قرار 452، 1979: أعلن القرار أن المستوطنات في الأراضي المحتلة لا تحمل أي صفة قانونية وأن الوضع القانوني للقدس لا يمكن تغييره من جانب واحد.
4-قرار 476، 1980: القرار أعاد التأكيد على "عدم شرعية التصرفات الإسرائيلية لتغيير وضع القدس ومعالمها" .
5-"قرار 608، 1988: القرار "طالب إسرائيل بالتوقف عن ترحيل الفلسطينيين".
6- "قرار 672، 1990: القرار "طالب إسرائيل بوصفها "القوة المحتلة" بتنفيذ التزاماتها ومسؤولياتها ضمن مؤتمر جنيف الرابع"، وطلب القرار من الأمين العام للأمم المتحدة بإرسال بعثة إلى الأراضي المحتلة.
7- قرار 1323، 2000: "أدان مجلس الأمن زيارة شارون للحرم الشريف. ما أدى إلى مقتل 80 فلسطينيا. المجلس يدين جميع أفعال العنف، لاسيّما الاستخدام المفرط للقوة ضد الفلسطينيين، ما تسبب بإصابة وإزهاق الأرواح. ودعا القرار "إسرائيل، بوصفها القوة المحتلة" ، إلى التمسك الدقيق بالتزاماتها القانونية ومسؤولياتها ضمن ميثاق جنيف الرابع فيما يتعلق بحماية المدنيين خلال وقت الحرب الموضوع في 12 أغسطس عام 1949. ودعا القرار إلى الوقف الفوري للعنف واتخاذ جميع الخطوات الضرورية لضمان وقف العنف وتجنب القيام بأفعال تحريضية، والحرص على عودة الأمور إلى نصابها بشكل يدعم آفاق عملية السلام في الشرق الأوسط".
8- 2334، 2016: قرار إدانة المستوطنات الإسرائيلية، القرار تضمن أن إجراءات إسرائيلية تخالف القوانين الدولية الإنسانية وتلك الإجراءات تهدف إلى تغيير التركيبة الديمغرافية ووضع “الأراضي الفلسطينية المحتلة“ من قبل إسرائيل، ومن بينها بناء وتوسيع المستوطنات، تنقل المستوطنين الإسرائيليين، مصادرة الأراضي، هدم البيوت وتهجير المدنيين الفلسطينيين".
وبناءً عليه وبحسب القوانين الدولية فإن إسرائيل هي قوة محتلة ومتمردة وممتنعة عن تنفيذ القوانين الدولية وبالتالي فإن مقاومة الإحتلال هو أمر مشروع ولا يمت بالإرهاب بأية صلة.
وإسرائيل اليوم تكرر نفس الأسطوانة؛ فبعد الرد الإيراني الرادع وغير المسبوق على تدمير مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق ؛ بدأت إسرائيل وبكل وقاحة تطالب بالرد على إبران بعد أخذ الضوء الأخضر من الدول السبع G7.
وقالت وزيرة الخارجية الألمانية مساء اليوم، أنالينا بيربوك، إنه يتعين على مجموعة السبع الرد على الهجوم الإيراني على إسرائيل مؤكدة مناقشة هذه التدابير مع نظرائها في اجتماع بإيطاليا.
وأضافت بيربوك للصحفيين في جزيرة كابري الإيطالية: "نناقش أيضا المزيد من الإجراءات هنا في مجموعة السبع، لأنه بالطبع ينبغي أن يكون هناك رد على هذا الحادث غير المسبوق".
وتابعت: "لكن يجب ألا يكون هناك مزيد من التصعيد في المنطقة، من شأنه أن يكون قاتلا للناس".
وأفاد مصدر دبلوماسي إيطالي بأنه "يتوقع أن تطالب دول مجموعة السبع، فرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وكندا واليابان، بفرض عقوبات فردية تستهدف أشخاصا منخرطين في سلسلة التوريد الصاروخية الإيرانية".
وقرر قادة الاتحاد الأوروبي أول أمس الأربعاء، فرض عقوبات جديدة تستهدف شركات تنتج طائرات مسيرة وصواريخ، على خلفية الهجوم الذي شنته إيران نهاية الأسبوع الماضي على إسرائيل وألحق أضرارا طفيفة بعد اعتراض 99% من القذائف والمسيرات والصواريخ حسب الجيش الإسرائيلي.
من جهته، قال منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، الذي دعي أيضا إلى كابري، قال لصحفيين أمس الخميس "سيتعين علينا مراجعة نظام العقوبات من أجل توسيعه وجعله أكثر كفاءة".
وأوضح بوريل، أنه منذ يوليو 2023 فرضت قيود على صادرات الشركات الأوروبية إلى إيران من "المكونات التي تسمح بإنتاج هذا النوع من الأسلحة" وأضاف "لذلك سنشددها"، واعتبر أن "المهم تطبيق قرارها".
ودعا منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، إسرائيل إلى ضبط النفس قائلا إن المنطقة "على حافة حرب".
لقد قامت إيران بالرد على العدوان علي قنصليتها بموجب المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة؛ فلماذا قامت الدنيا ولم تقعد طالما أنه تم تدمير 99% من المسيرات والصواريخ الإيرانية؟
فها هي الدول السبع تدعم إسرائيل بقوة، وتدفعها لتنفيذ عدوان جديد على إيران ناسفين بذلك ميثاق الأمم المتحدة وتحديدًا المادة 51 منه، وتفعيل قانون القوة.
فإسرائيل والدول السبع يضعون المنطقة على فوهة بركان حي؛ وستصيب حممه الملتهبة المنطقة بأكملها إذا إرتكبت إسرائيل أو الدول السبع الخطيئة الكبيرة والتي لا يمكن لإيران أن تتغاضى عن أي إعتداء عليها. وقد أرسلت إيران عينة من بأسها؛ فكيف سيكون بعضًا من بأسها؟
وإن غدًا لناظره قربب
19 نيسان/ أبريل 2024