بقلم :- راسم عبيدات
صادقت ما يعرف باللجنة الوزارية لشؤون الأمن القومي في دولة الكيان على اغلاق منزل ا ل ش ه ي د خيري علقم تمهيداً لهدمه ،وحرمان العائلة من الحقوق الإقتصادية والإجتماعية من تأمين وطني وصحي ..الخ، بالإضافة الى سحب الإقامة " الهوية الزرقاء" من العائلة والأقارب،وكذلك قرورا توسيع دائرة العقوبات بسحب إقامات عائلات اسرى داعمة " للإرهاب" المقاومة .ناهيك عن الإبعاد الى خارج حدود ما يعرف ببلدية الكيان،وهذا الفعل مورس بحق كل العائلات التي نفذ ابناؤها عمل مقاوم نتج عنه قتل جنود ومستوطنين صهاينة ..عائلة الشهيد مصباح ابو صبيح ، أبناء ابو جمل غسان وعدي وعلاء بهاء عليان، فادي القنبر ،عدي التميمي وفادي ابو شخيدم والقائمة تطول والآن الشهيد خيري علقم..أما الإبعاد عن مدينة القدس بزعم دعم وتأييد أو الإنتماء لتنظيمات وفصائل " إرهابية،فقد جرى ابعاد نواب حركة حماس الذين فازوا في انتخابات المجلس التشريعي عن دائرة القدس في كانون ثاني/2006 ،وزير شؤون القدس الأسبق خالد ابو عرفه والنواب محمد ابو طير واحمد عطون ومحمد طوطح...وكذلك جرى أواخر عام 2022 ابعاد الأسير صلاح الحموري الى فرنسا ...وفيما يخص عمليات الهدم للمنازل والمنشأت المقدسية، فهي لا تتوقف وتجري على مدار الساعة،تحت حجج وذراع البناء غير المرخص ،او هدم إداري وهدم للبناء في مناطق خضراء او مفتوحة،وخطر الهدم يتهدد اكثر من عشرين الف منزل مقدسي، يقال بأنها مبنية بدون ترخيص،وكانت "مجزرة " الحجر في منطقة وادي الحمص – صورباهر 2019،حيث هدم 72 شقفة سكنية تحت حجج وذرائع القرب من الجدار ،رغم أن اغلب تلك المنطقة مصنفة "الف" و"باء" وحاصلة على تراخيص من الحكم المحلي الفلسطيني في بيت لحم،وكذلك في عام 2021 جرى هدم 178 بيت في مدينة القدس،و328 بيت ومنشأة في عام 2022 ...ناهيك ان بلدية الكيان لا تمنح تراخيص للبناء في القدس إلا وفق شروط تعجيزية، ربما طالب الترخيص يذهب الى القبر ، قبل الحصول على رخصة بناء وبتكاليف خيالية.
والتطور هنا جاء في طرح مشاريع قوانين لإغلاق وهدم بيوت من يقومون بتنفيذ عمليات لم توقع قتلى في صفوف جنود ومستوطني دولة الكيان،كما الحال في بيت الفتى محمد عليوات من سلوان،وكذلك مذكرة لقانون يجري إقراره بالعمل على فصل أي موظف يعبر عن دعمه ل" الإرهابيين" وعائلاتهم،والمقصود هنا المقاومين الفلسطينيين،بدون تشكيل لجنة استماع،وهنا اود القول بأن العشرات من الموظفين والعمال والمدرسين،جرى فصلهم من وظائفهم واعمالهم،على حلفية النشر على وسائل التواصل الإجتماعي،حتى في عبارات الترحم على الشهداء.
أما يتعلق بتسليح المستوطنين، فمن بعد معركة "سيف القدس"،ايار 2021،فقد جرى تشكيل مليشيات لهؤلاء المستوطنين من ما يعرف بالمتقاعدين من الجيش والحرس الوطني،وكانوا بمثابة جيش غير مشرعن للمتطرف بن غفير،في بئر السبع والنقب والمدن المختلطة وبالذات في اللد،ولكن بعد تشكيل هذه الحكومة ،وتولي بن غفير لما يعرف بوزارة الأمن القومي وتوليه المسؤولية عن قوات حرس الحدود في الضفة الغربية والمسؤولية عن الشرطة وسياساتها وقرارتها،فهذه العصابات أصبحت مشرعنة ومقوننة ،وهي من تمارس العربدة والزعرنة بحق شعبنا على طول وعرض مساحة فلسطين التاريخية كل يوم،وحيث أنها غير كافية لتنفيذ مسلسل البطش والقمع والتنكيل بشعبنا وأهلنا في مدينة القدس،وتنفيذ مشاريع ومخططات تهويدها وأسرلتها وطرد وتهجير واقتلاع سكانها من مدينتهم،فسيتم تدعيمها بسريتين من قوات الجيش ،تتواجد في القرى والبلدات المقدسية ،وعلى طول خط التماس.
دولة الكيان تعيش أزمة عميقة سياسية وكذلك أزمة مجتمعية أخذة في التعمق،وتشهد تفكك داخلي غير مسبوق بسبب الصراعات والإنقسامات، وهذا يشكل خطر جدي على هوية تلك الدولة وحتى على وجودها،ولذلك يجري تصدير تلك الأزمات،عبر تسعير حدة الصراع مع شعبنا الفلسطيني،والسعي لحسمه بالقوة عبر المجازر والطرد والتهجير والإقتلاع والتطهير العرقي ،وتصعيد الإستيطان واغراق الضفة بالمستوطنات والمستوطنين،وكذلك فرض وقائع جديدة في الأقصى تكرس تقسيمه الزماني والمكاني ،وايجاد حياة وقدسيه يهودية فيه،بما يلغي اسلاميته وهويته وطابعه.
هي حالة من الإفلاس السياسي والأخلاقي،وهي محاولة يائسة لإستعادة قوة الردع،واشعار المستوطنين بالأمن والأمان،واعادة الثقة بالمستويات الأمنية والعسكرية والسياسية، وسعي كذلك لفرض قواعد اشتباك وردع جديدة مع شعبنا الفلسطيني،في ظل عجز تعيشه دولة الكيان،فالمستوى العسكري يدرك أنه غير قادر على شن حرب لا يستطيع أن يضمن نتائجها وانتصاره فيها،والمستوى السياسي عاجز عن طرح مبادرة سياسية وتقديم تنازلات لتسوية غير قادر على دفع اثمانها، والتحولات في بنية وهوية دولة الكيان تفعل فعلها بسيطرة الفاشية اليهودية على مفاصل القرار السياسي في دولة الكيان،وهي بإنتقالها من أطراف المشروع الصهيوني الى قلبه،باتت تتحكم بالحكومات لدولة الكيان بقاءً وسقوطاً ، و"بوتقة الصهر" التي تحدث عنها مؤسس دولة الكيان واول رئيس وزراء لها بن غوريون،عبر وحدة الجيش الذي سماه بجيش الشعب،وكذلك وحدة التعليم، الذي يجسد الرواية والسردية اليهودية ،باتت مهددة بالخطر، فبن غفير بفكره الفاشي يجسد سيطرة المليشيا على الجيش ،فلربما يعود الوضع بهذا الجيش الى مرحلة العصابات قبل النكبة،عصابات هاغانا وشتيرن وبلماخ وايتسل وغيرها، ودرعي الفاسد الذي اقالته المحكمة العليا،على خلفية فساده من وزارتي الداخلية والصحة،يمثل سيطرة الكنيس على الكنيست،حيث سيسعى الى تحويل دولة الكيان الى دولة شريعة " هالاخاه"،وينزع عنها ما كانت تتبحج به تلك الدولة وحلفائها وشركائها من أمريكان وقوى غربية واستعمارية صفة الديمقراطية، التي كانوا يتغنون بها عن دولة الكيان في المنطقة.
ومن هنا أقول بأن قرارات اللجنة الوزارية لشؤون الأمن القومي وما طرح في جلسة الحكومة من العمل على اتخاذ اجراءات امنية وقضائية،تضيق الخناق على شعبنا الفلسطيني،وترفع من وتائر الإستهداف له،من شرعنة للقتل والطرد والتهجير والإقتلاع والتطهير العرقي والضم والهدم والتهويد والأسرلة والإبعاد والتهجير...الخ،هي سياسة ممنهجة ومستمرة ومتواصلة،ولم تتوقف،بل هي تتكثف في ظل ارتفاع حدة المخاطر المحدقة بدولة الكيان،وفي ظل تصاعد اعمال المجابهة والمواجهة وا ل م ق او م ة للمشروع الصهيوني وارتفاع كلفته على الأرض الفلسطينية.
فلسطين – القدس المحتلة
30/1/2023