كتب الأستاذ خضر رسلان:
مقالات
كتب الأستاذ خضر رسلان: "عماد مغنية: المقاومُ الفِطرِيُّ وعاشقُ فلسطين..."
14 شباط 2023 , 20:23 م

كتب الأستاذ خضر رسلان: 

هناك في مليتا ومارون الراس وعيتاومعتقل الخيام،على مرمى حجرٍ حيث فلسطين ،من برّها الى بحرها، أماكنُ لا يُمكِنُكَ، حين تدنو منها، إلّا أن تشتَمّ فيها رائحةَ "الحاج عماد"، الذي قلب المعادلات وأحيا الأرض، التي أنبتت رجالاً أحياءَ لا تموت.

كأني بطيف الحاج عماد يُرْكَنُ هُناك، حيثُ رسم مساراً لايُدرِكُ خُطاهُ وفَكَّ رموزِهِ ومعانيهِ، إلّا مَنْ أتقنَ لغةَ عاشقِ فلسطينَ التي زرعَ دروبَها قبلَ التِحاقِهِ بكواكبَ منَ الشهداءِ أدِلّاءَ على الطريق ِ،يرفعون عاليًا راياتِ البُشرى بالنصرالقادمِ والحاسم

القائدُ الجهاديُّ الذي عرَّفَهُ سماحةُ أمين عام حزب الله بأنه قائدُ الِانتِصارَيْن، كان شخصيةً رقيقةً ،حسّاسةً وعطوفة، و لم يكنْ، ذلك القائدَ الذي يحتاج من كان معه إلى تعقيداتٍ، أو بروتوكولاتٍ، للحديث معه.

كان شخصاً يحفّز الآخرَ الذي يعمل معه،والّذي لا يعمل معه، معزِّزاًلَدَيْهِ الجَرْأَةَ على المبادرة.

عرفناهُ مُنذُ الصِّغرِ، في الشياح وفي مسجد الإمامِ الحُسَينِ(ع)، حيث مَنَّ اللهُ علينا بالتجاور في المسكن،وفي المسجد.

جميع من التقاه في الصبا كان يدرك أنه سابقٌ عصرّهُ، حيث كان ولم يبلغ العشرينَ من عمره،وعندحضوره يُسِرُّالجميعُ الحديثَ، بعضُهم إلى البعضِ انَّ الحاج عماد في الجوار…

نحن والجميع كنانتشرف برؤيته معنا،في المحلةِ ذاتِها، وإنْ كان فارقُ العمرِ لايكاد يتعدى بضع سنوات،إلّاأنّ الحضورَوالكاريزما القيادية المتميزة،المستشرفة لآفاق المستقبل، تُشعِرُكَ بأنّك في محضرِ هامةٍ سابقةٍ لِلزّمن، قد جُبِلت في ثناياها عُصارةُ تجارُبِ التاريخ ِ،وصقلتها ذوباناً بقائدِ الثورةِ الاسلاميةِ الإمامِ الخمينيِّ،وعشقاً وتأثراً بشخصية السيدِالشهيدِمحمدباقرالصدر.

إذ كان يحمل كل آياتِ العشق والمودة، حيث يوجد إنسانٌ، وقاموسه يخلو من التصنيفات المذهبية والمناطقية، فضلاًعن العِرْقِيّةِ والقُطْرِيّة.

تأصّلَ الحاج عماد،في مدرسة قائدِ الأحرار، وبطل ِ الانسانيةِ الخالدِالإمامِ عليّ بن ِأبي طالب، حيث الإنسانُ أخٌ للإنسان، أو نظيرٌ له في الخلق، إذ اتَّخذَ من هذه العبارةِ سلوكاً، دامجاً بينها وبين أصالةِ بِذرَةِ المقاومةِ التي ترعرع عليها العامليون،منذ أمدٍ بعيد، وصولاًإلى المعاصرينَ من مقاومي وادي الحجير، والسيد عبد الحسين شرف الدين، إلى أدهم خنجر وصادق حمزة وغيرهم.

إنّهُ عاشقُ فلسطين،وهي قبلتُهُ الثوريةُ التي جعل منها الميزان، والبوصلةَ التي من خلالهايحاكي الآخر، بل يخدِمُ الآخر، عِشقاً وعاشقاً لِمَنْ يعملُ من أجلِ فلسطين، دون الِالتِفات إلى اللونِ أو العِرْقِ أو المذهب…

لذلك،عندما هلّل لِانتصارِ الثورةِ الاسلاميةِ في إيرانَ، كان أحدُ أبرزِ أسبابِ غبطته تعزيزَ فُرَصِ القوةِ والِاقْتِدار، ما سيجعلُ سبيلَ الوصولِ إلى فلسطين أقرب.

"شمَمْتُ ريح فلسطين، ريحَ القدس"، قالها حين داست قدماهُ أرضَ الشريط الحدوديِّ المُحرّرِ عامَ 2000م. وإنّ هذه الحقيقةَ، مع الإرادةِ وبِناءِ القوة ستُقرَنُ بالحقيقةِ الأُخرى التي هي الغايةُ والهدف، تحريرُ فلسطين، وإزالةُ إسرائيلَ مِنَ الوجود،

"ننتصرُ لأنّنا نبتكر".هذاهوسبيل الحاج رضوان، الذي مزج بين شخصيةِالقائدِ المُحَنّكِ الهُمام، الذي يأخذ بأسباب القوة والمعرفة، وبين شخصية الأبّ الحنون، على حدٍّ سواء، لبيئته وأُمَّتِه،التي كان قريبا منها، وكانت تلمَسُه في تعاظم قدرات المقاومة، وعند كل إنجاز وانتصار.

لذلك، حين ارتحاله بكته عيون الأحرارِ بألمٍ وحسرة،لكنها،وهي تذرفُ الدموعَ، كانت تُدرِكُ أنّ الحاج عماد الذي واكب مسيرةَ المقاومة، مُنذ نعومةِ أظافِرِه، وعمِلَ على تنميتهاورفْع ِكفاءتِها ومهارةِ أبطالِها،وزيادةِ عديدِها، فإنّ طَيْفَهُ المُتَجَسِّدَ في جموعِ المقاومينَ، سيقود"قائد الانتصارين". كما أطلق عليه سماحةُ الأمين العام لحزب الله، إلى لَقَبٍ آخرَهوالأحبُّ إلى قلبِه، وهو قيادةُ النصر النهائي على الصهاينة، وإزالةُ كِيانِهم السرطانيِّ من الوجود.

المصدر: موقع إضاءات الإخباري