كَتَبَ د. إسماعيل النجار:
مقالات
كَتَبَ د. إسماعيل النجار: "قِمَّة عَرَبِيَة جَمَعَت الأعداء والخصوم"
د. إسماعيل النجار
21 أيار 2023 , 11:15 ص

كَتَبَ د. إسماعيل النجار: 

القمّة العربية التي انعقدت في جدّة بالمملكة العربية السعودية، جمعت الأعداءَ والخُصومَ، من القادةِ والرؤساء العرب، وبيانُها بعضُ بنودِهُِ مُفَخَّخٌ، فهي ستؤزِّمُ الوضعَ في السودان ّ واليَمَن، وهي لن تُنهيَ أزمَةَ سورية، أو ليبيا أو لبنان.

الذي نستطيعُ أن نثِقَ بهِ في هذه القِمَّةِ هُوَ رقمُها (32)فقط هذاهوالصحيح.

والمُميَّز فيها كانَ حضورُ الرئيس السوري بشار الأسد.

في بيانها تجَنَّبَتِ القِمَّةُ إزعاجَ الإماراتِ الداعمةِ ل"حفتر "في ليبيا، وقائد قوات التدخل السريع، في الصراع الدائرفي السودان، لكي لا تخرجَ التبايُناتُ إلى العَلَن، ولكي لا تُصَنَّفَ بأنّها قُمَّةٌفاشلة،وذلِكَ من خلال الدعوةِ لطَرَفَيْ النِّزاعِ في الخرطوم لِضرورةِ الحِوار، وتأمينِ سلامةِ المدنيين، ما يُتَرجَمُ اعترافاً صريحاً بالِانقلابيين، كما الحكومة ووضعهما متساوِيَيْنِ بشرعيتهما، الأمر ُ الذي سيؤزِّمُ الوضع في الخرطوم أكثرفأكثروتزدادالتعقيداتُ السياسيةُ والعسكرية. حيث كان الواجب يقضي: أوّلاً: دعوَةَ الِانقلابيينَ إلى إلقاءِ السلاحِ، كما دعا ممثل الرئيس البرهان، مقابل دمجهم في الجيش والعفو العام.

ثانياً : في الموضوع اليمني، كانت كلمةُ ممثل ِ حكومةِ الفنادق ِ ناريةً اِتُّهِمَت فيها إيرانُ "بدعم الحوثيين وتأجيجِ الوضع ِ في البلاد"، ما يُعتَبَرُ هجوماً سافراً على دولةٍ ذاتِ سيادةٍ، من منبرٍ رسميٍ عربيٍٍّ جامعٍ، وأمام جميع رؤساءِ الوفود الحاضرة،مِمَّا يتعارض مع منطق ِ المُصالحةِ الجاريةِ بين الرياضِ المُضيفَةِ للقِمَّة، وطهران الجارة.

كما أنّ كلمةَ ممثل ِ حكومةِ الفنادق لَم تُراعِ المفاوضات الجاريةَ بين السعوديةِوحكومةِ صنعاءَ، واتسَمَت بالصّلافةِ والغَباءِ السياسي.

أما فيما يخصُّ الوضعَ السوريَّ، بعد الترحيبِ بعودةدمشقَ إلى مقعدِها، فإنَّ البيانَ الخِتامِيَّ لِلْقِمّةِ الذي كانَ حريصاً على وحدة الأراضي السورية وسلامتها، لم يَكُن صريحاً بما فيه الكفاية، لِيَصِفَ وجودَ القواتِ الأمريكيةِ والتركيةِ على الأراضي السورية بالإحتلال، وبأنّهُ غيرُ شرعي، ويطلبُ من واشنطن وأنقرة سحب جيوشهما، بَل اكتَفَت بِحِرْصِهاعلى وحدةِوسلامة الأراضي السورية، من دون الإفصاحِ والتوضيحِ وتسمية الأشياءِ بأسمائها.

كما ذَكَر َالبيانُ ضرورةَ عدمِ قبول ِ تأسيسِ ميليشياتٍ موازيةٍ للدولةِ، في أيّ بلدٍ عربيٍّ، من دون توضيح ما المقصودُبالميليشياتِ،وما إذا كان المقصودُ منها الفصائلُ الإرهابيةُ وتنظيمُ قسد، في سوريا فقط، أم أنّها تشملُ قواتِ الدفاعِ الوطنيِّ التي قاتلت إلى جانب الجيش العربي السوريّ، دفاعاً عن الأرض والعرض، طيلَة اثنَي عشرَ عاماً من الصراع.

ولم يذكر بيان هذه القمة "داعش" وأخواتها،بأي كلمة الإرهابيين الذين يعيثون في الأرضِ فساداً وإفساداً ودماراً، في العراق وسوريا وليبيا واليمن و... .

بيان القمة لَحَظَ بعباراتٍ قديمةٍ بالية قضيةَ فلسطينَ، وعادَ وطالبَ بوجوب إدارة المواقع الدينية الإسلامية والمسيحية من قِبَل الأردُن كذلك طالبوا مجدداً بحَل الدولتين الذي يرفضه الصهاينة علناً، مع العلم أن الشرطة الصهيونية منعت السفير الأردني من زيارة المسجد الأقصى وطردته بالقوة.

وبالنسبةِ إلى لبنان، لَم تتطرَّق القمةُ صراحةً إلى ضرورةِ تقديمِ مُساعداتٍ ماليةٍ فوريةٍ، للمؤسسات الرسميةِ وأهمُّها الجيشُ والصِّحَّةُ والتعليم، واكتفى بيانُها بالمطالبةِ بِانتخابِ رئيسٍ للجمهورية، وحسناً فعلوا بتمييز المقاومة عن الإرهاب.

بالمختصر المفيد كانَتِ القِمّةُ اجتماعاً عربياًتاريخياً بإمتياز، بعد الخريف الصهيونيِّ على المنطقة؛ لكنّهُ لم يكُن جاداً وحازماً بإنهاءِ الخلافاتِ المُدَمِّرَةِ بين الإخوَة، ووقف التهجم الإعلامي على إيران، ومنع أيِّ دولةٍ عربيةٍ،أيّاً كانت من دعم الِانقلابات، أو التدخل بشؤونِ الدُوَلِ الأُخرىَ، كما يحصُلُ الآنَ في السودانِ وليبيا.

العَرَبُ أيُّها السادَةُ لَم يُغَيِّروا جُلودَهُم، إلَّا مرَّةً، فقط عندماقرروا أن يكونوا صهاينة.

بيروت في.....

20/5/2023

المصدر: موقع إضاءات الإخباري