كَتَبَ د. إسماعيل النجار:
مقالات
كَتَبَ د. إسماعيل النجار: "لماذا لا تصطدم الدُوَل الكُبرىَ، بعضها مع البعض، بشكلٍ مُباشر ٍبَدَل أن يتقاتلوا بِنا؟
د. إسماعيل النجار
27 أيار 2023 , 18:21 م

كَتَبَ د. إسماعيل النجار: 

هُوَ سؤالٌ جدُّ كبيرٌ ما يسألهُ الفقراءُ والضعفاء؛ لماذا دائماً نحنُ مَن يدفع الثمن، ونحنُ الضحية؟

ولا أحَد يجيب عليه!

فعندما تحتاج دولة كُبرى كأمريكا قُوَّةٌ عسكريةٌ أو شعبية، لِتُجابِهَ بها دولَةً أُخرَىَ مثل روسيا، دائماً ما تكون توابعُها من الدُوَلِ الصغيرةِ، هيَ الضحيَّةَ والسيفَ الذي تقاتل بهِ،

كذلك أيضاً تفعل الدولَة الكُبرى الأخرى العَدُوَة لأمريكا، على الضفةالأخرى المقابلة، فتقوم بتجنيد حلفاء لها يقومون بواجب الدفاع عن مصالحها، ويقاتلون نيابةً عنها.

والأمثِلَةُ كثيرةٌ في هذا المِضمار، ومن بينها: الكيانُ الصهيونيُّ المصطنع،الّذي يضمُّ ما يقارب ال٧ ملايين مستوطن يهودي، جاءوا بهم من كل أصقاع الأرض إلى دولة الفلسطينيين في فلسطين التي وهبتها لهم، بريطانيا، يوم كانت تحتلّها تحت سِتار الِانتداب، ليدافعوا عن مصالحها آنذاك، وفيما بعد، عن مصالح أمريكا وذيلِها الغرب، ولِيلعبوا دَورَ الفزّاعة، لكاملِ المحيطِ العربيِّ،الذي يُشَكُلُ احتياطَ العالمِ الأوّل ِ، من الثروةِ المعدنيةِ والنّفطِ الخامِ ومنهُ الغاز.

إنصاع العرب لبريطانيا وأمريكا وفرنسا، لأكثر من مِئَةِ عامٍ، وهم بين جبانٍ ومُتخاذِلٍ وعميل، ومَن امتلكَ منهم شجاعةَ أنْ يقَولَ لإسرائيلَ المُحتلّةِ ولهذه الدُّوَلِ المستعمِرَةِ كلمة "لآ"، سُلِّطَوا عليه الإرهابَ بكل أشكالهِ، العربية والإسلامية، لأن الدُّوَلَ الغربيةَ الكُبرَىَ تلك تمتلك مفاتيح أسرار الإسلام، وتعرف نقاط الخلاف والإلتقاء فيه، وتحفظها عن ظهر قلب.

من هذا المنطلق، أصبح العِداءُ الدِّينيُّ والمذهبيُّ الذي صنعوه لنا، هو مفتاحَ الحَلولِ لمشاكِلِهم معنا، والسلاحَ الأمضىَ الذي به يقاتلوننا ويُضعفوننا.

أمريكا والأوروپيون،والكيانُ المُحتلُّ الذين صنعوا تنظيم داعش وجبهة النُصرَة، وغيرها من المنظمات الإرهابيةِ المجرمة، وقبلها تنظيم القاعدة، تحت مُسمياتٍ عِدَّة،شعارُها: "لاإلٰه إلّاالله محمدٌ رسولُ الله"، تسببوا بدمارِ نِصفِ العالمِ العربيِّ والإسلاميِّ المناوئ ِ للسياسات الأمريكية ولِلكِيانِ الصهيونيّ الغاصبِ.

وساندت هذه المنظماتِ، في حربِها على المقاومةِ، وزارةُ الخزانةِ الأمريكية التي تُصْدِرُ قراراتِ العقوبات،

ضِدَّ كلِّ مَن تجرَّأ ورفضَ،أو عارضَ سياساتِهِمُ الخبيثةَ واللئيمة.

إذاً، أمريكا حاربتنا بإسرائيل، ودافعت عنها بالتنظيمات الإرهابية، وتحت راية لا إله إلا الله، وبالمال العربي المُكدّسِ في بنوك أمريكية؛ وتلك التنظيماتُ الّتي تَدَّعي الجهادَ في سبيلِ الله، لم تُطلِقْ رصاصةً واحدةً على جنديٍّ صهيوني.

نعم،قاتلتنا أمريكا بديننا الذي حَرَّفوه،وبأبناء جِلدَتنا الذين من المفترضِ أنَّهم إخوتُنا،

أمّا اليوم،فا ختلفت الظروف السياسيةُ والأمنيةُ والعسكرية،بتنامي نجم قِوَىَ المقاومة وتصاعدها، في المنطقة المدعومة بشكلٍ رئيسيٍّ بالجمهورية الإسلامية في إيران الإسلام،

وبِاختلافِ أوكرانيا وروسيا، بعد محاولةِ الناتو تجاوزَ خطوطِ حمراء مرسومة أمامه من موسكو، تحوَّلت الخلافاتُ السياسيةُ بينهما إلى صراعٍ مُسلح عنيف، بتخطيطٍ وإرادةٍ وإدارةٍ أمركية بهدف استنزاف روسيا وأوروپا، وإضعافها جميعاً.

فقد ورطَت أمريكا القارَّةَ العجوزَّ بِرُمَّتِها في الصراع، عبر تأييد كييڤ في هذه الحرب ضد القيصر، وتقديم الدعم المادي واللوجستي والعسكري لكييڤ بشكلٍ علني واضح،

فأصبحت روسيا موجودةً مباشرةً على الأرض تخوض بجيشها أكبرَ معركةِ وجودٍ بعدالحرب العالمية الثانية، في مواجهة الناتو بكامل أعضائه، لكن بَوجهٍ أوكرانيّ ٍّيقودهُ المُهرِجُ، فلوديمير "زيلينسكي".

الحرب الطاحنة بينهما دخلت عامها الثاني، وتقترب رويداً رويداً، من أطراف أوروپا الشمالية والغربية.

بيلَّا روسيا، الجارةُ الحليفُ لموسكو، أعلنت دخولَ الحربِ، من دون أن تُطلقَ أي طلقة من داخل أراضيها، لكنها أصبحت تُشكِلُ تهديداً كبيراً لبولندا وأوروپا بعد السماح بِانتشارِ الأسلحةِ النوويةِ الروسيةِ على أراضيها،لذا فإنَّ أيَّ إنزلاقٍ لهٰذَين ِ البلدَين ِ نحو الحرب، بصدامٍ مباشر، يُشارِك فيه دُولٌ أخرىَ، مِمّا قد يصلُ إلى حدِّ .اشتعال حربٍ ثالثة عالمية،يُستخدَم فيها كل أنواع السلاح وتُكسَر فيها جميع المحرمات،

إذاً، لا ضمانةَ لأمريكا أن تبقى متمكنة من ضبط الأمور، والٍمساك جيداً بخيوط اللعبة، وأن تبقى تقاتلُ روسيا والصين بشعوبٍ ودولٍ أخرىَ،

ولا ضمانة من تفلُّتِ الأمورِ فجأةً نحو صدامٍ نووي، إذا لَم يوُضِعْ حَدٌّ قريبٌ للحربِ الروسيةِ الأوكرانية، التي تستنزفُ الجميع.

أمريكا تظن أنها خلف البحار و آمنَةٌ منها، لكن

#أمريكا_تنهار_ #وأوروپا_ تنهار_

بيروت في...

27/5/2023 

المصدر: موقع إضاءات الإخباري