كَتَبَ د. إسماعيل النجار:
لا نغالي إذا قلنا: يجب تشديد الحَذَر، لأن لبنان ساحة مفتوحة. وكُل مَن فيه هوَ طَرَفٌ عُرضَةٌ للتجاذب الدولي والإقليمي.
المُستَهدَفُ من الدور القطري القديم الجديد في لبنان، هوَ المقاومة التي تُشكِل حصانةً وحمايةً للبنان، وتهديداً أمنياً كبيراً لوجود الكيان الصهيوني بِرُمَّتِه.
المملكة العربية السعودية تراقب التحركات القطرية بدِقَّة، وبشكل مستمر ولن تسمح لها بأن تُمَرِّرَ أيَّ مشروعٍ على حسابِ نفوذها، مهما بلغَ الأمر من مستوَىً عالٍ.
في موازاة الدور الأمريكيّ الصهيوني يسير الدور القطريّ، الذي يَجهَدُ لكَي يُصبحَ فاعلاً أكثر، من خلال التواصلِ مع بعض التغييريين، الذين ينوون تشكيل كتلةٍ نيابيةٍ رافضةٍ، بالعَلَن، لثوابت كل أجنحَة النظام السياسي السابق، للإيحاءِ بِدَوْرٍ تغييريٍّ حقيقيّ، وفي الحقيقة فإنّ الهدفَ هوَ الإمساكُ بمفاصل ِ البلاد، ومجابهةِ حزبِ اللهِ في المستقبل.
رأس حربَةِ هذا الدور في الداخل هوَ النائبُ البيروتيُّ "نبيل بدر"،الذي يسعىَ لإقناعِ بعضِ الجماعاتِ والكُتَلِ النيابيةِ الصغيرةِ والمستقلّين بتشكيلِ كتلةٍ نيابيةٍوازنةتقف في الوسط بين الأفرقاء السياسيين المتخاصمين، و تقوم بالتسويق لقائدِ الجيشِ الحالي،جوزف عون لرئاسة الجمهورية، تحت عنوان خلاص لبنان.
المخططات الأمريكية الصهيونيةِ لِضَرْبِ المقاومة لها أَوجُهٌ كثيرة، وأساليبُ مختلفة،وجميعها تحملُ عناوينَ بَرَّاقة، وأدواتُ كُلِّ مرحَلَةٍ هم لبنانيون، لكن بوجوهٍ وشعاراتٍ جديدةٍ مختلفة، المهمُّ أن لّايستقيمَ الوضعُ في لبنانَ،وأن يستمرّإشغالُ حزب الله في المشاكل الداخلية، طالما أنَّه لم يتجاوبْ معَ جميعِ الفِتَنِ التي حُضِّرَت له، ولم ينغمس بأيِّ نزاعٍ مُسلّحٍ مع أيِّ طرفٍ من الأطراف.
المستوطنون الصهاينةُ يعيشون في كيانهم المُحتلِّ في وضعٍ اِقتصاديٍّ وإجتماعيٍّ جيد، تحت حمايةِ فِرَقِ القتلِ والهدمِ والتصفياتِ الجسديةِ التابعةِ لهم، والمدعومة عالمياً، فلا بأس بالنسبةِ لهم أن يكون وضعُ الدوَلِ التي تُحيطُ بهم متأزِماً وتَعِباً، ووضعُهُ الِاقتصاديُّ مُنهاراً جَرَّاءَالعِداءِالأمريكيِّ لحركاتِ المقاومة، والحصارِ المفروضِ عليها.
الوضعُ السياسيُّ في لبنان حالياً مُعقَّدٌ ومتأزِم،في ظِلِّ تبدُّلات كبيرةٍ بمسارِ الرِّياحِ الدوليةِ،التي رُبَّما قد تُطيح بالخلافِ الأمريكيِّ الإيرانيّ، حول الملف النووي،ويعودُ الطرفانِ إلى الِاتِّفاقِ الذي وُقِّع عام ٢٠١٥، وأن تَتِم مُصالحةٌ حقيقيةٌ بينَ السعوديةِ واليمن، فإنَّ حزبَ اللهِ، بذكائهِ، حُكماً سيعمَل على مجاراتِ التبدُّلاتِ،والتحليق عَبْرَخطِّ سيرِ الرياحِ الإقليميةِ والدولية وليسَ عكسها.
إنَّ كُلَّ ما تَمَخَّضَ عن نتائجِ التصويتِ في ١٤ حزيران يُشيرُ بأنّ تبدُّلاتٍ سياسيةً كبيرةً ستَحْصُلُ داخلَ التيار ِالعَونيِّ أوَّلاً، وستكونُ هُناكَ مراجعةٌ سياسيةٌ عميقةٌ،قد تُعيدُ اِتِّجاهَ البوصلةِ إلى القديمِ الصحيح، وإذا أخطأوا في الحسابات، فستكونُ النتيجةُ وبالاً على التيار، لأن أصدقاءَهُ الحقيقيين هم في الجانب المقاوم.
أمّا تغييرُ بوصلَةِ الِاشتراكيّ، فستكونُ حتميةً، لإعادةِ التَّمِوضُعِ، وعدمِ خَسارةِ العلاقةِ معَ الرئيسِ نبيه بري، الّذي اِتَّفقَ سِراً مع جنبلاط على الكثير من الخطوات.
ثُمَّ عَودَةُ الكتائبِ والقواتِ إلى عُزلَةِ حَقبَةِ تسعيناتِ القرنِ الماضي، والأسبابُ كثيرةٌ أولها: عَودَةُ وَهْجِ البيتِ الإسلامِيَِ السُّنِّيِّ إلى سابِق ِعهدِهِ، بوصايةٍ سعودية الأمرُ الذي سيساعدُ في إطاحةِ المشروع ِ القطريِّ إلى جانبِ القوَّةِ الشيعية الكبيرة.
هذهِ القرَاءةُ واقعيةٌومَبنِيَةٌ على مُعطَياتٍ مُؤَكّدةٍ وموثوقة.
بيروت



