مقابلة الشيخ نعيم قاسم: إدارة مرحلة واقع غير طبيعي
مقالات
مقابلة الشيخ نعيم قاسم: إدارة مرحلة واقع غير طبيعي
حليم خاتون
11 تموز 2025 , 10:38 ص

كتب الأستاذ حليم خاتون

ثماني عشر عاما من التحضير تخللها الكثير من الجهد، لكن مع الكثير من القصور والتقصير عند محور المقاومة عامة، وعند حزب الله تحديدا...

هكذا يمكن اختصار عنوان الجزء الأول من مقابلة الشيخ نعيم قاسم مع الأستاذ غسان بن جدّو على قناة الميادين...

هذا التوصيف حول القصور والتقصير خرج على لسان الشيخ نعيم نفسه حين تحدث عن ال pagers حتى لو لم يسمعه الأستاذ وسيم بزي، ولم يتطرق اليه الدكتور سيف دعنا، وبطبيعة الحال قناة الميادين وغيرها من إعلام المحور الذي لم يستفد من تجارب الماضي ويتوقف عن التطبيل بسبب وبدون سبب...

هذا التوصيف على لسان الشيخ عن مأساة البيجرز ينسحب على الكثير من السلوكيات التي سمحت لليمين في حزب الله أن يسود في تلك المرحلة رغم القيادة الاستثنائية للسيد نصرالله...

ثمانية عشر عاما بعد حرب تموز ٢٠٠٦ ظن محور المقاومة إنه نضج ودخل مرحلة الرجولة ليتبين من كلام الشيخ نعيم أن المحور لم يتخطى مرحلة الجنين الذي أصيب بضربات قاتلة قد لا ينجو منها إن هو ظل مصرا على البقاء داخل مربع التفكير الكلاسيكي المعلّب كما ظهر وكما يظهر من تعاطي الساحات جميعها حتى اليوم وبالأخص الساحة اللبنانية...

لا بل، حتى أن هذا المحور بشكل عام وخاصة في الساحة اللبنانية؛ تبين إنه لم يتعلم من تجارب لا فيتنام، ولا الجزائر، ولا كوبا، ولا حتى إيران الثورة نفسها...

مرة أخرى، ليس في هذا تجنٍ على أحد...

هذا ما عبر عنه الشيخ نعيم قاسم بنفسه حين أعطى صورة حقيقية عن عدم وجود حتى غرفة عمليات بالمعنى الذي "طوش" رؤوسنا به أبطال التطبيل والتخريف من أبواق الإعلام المقاوم الذي لم يتعلم من تجربة أحمد سعيد في نكسة حزيران٦٧، وقام بنفس الدور أثناء حرب الإسناد وما قبلها؛ ويبدو إنه مستمر بعدها أيضا رغم كل المآسي التي حصلت...

كم من المرات، خرجت مقالات تحذر...

كم من المرات، خرج محللون يصفون الواقع كما هو فعلا وبدل أن تذهب تلك المقالات إلى المسؤولين التنفيذيين في قيادة المقاومة وحزب الله...

ظلت الساحة والشاشات مفتوحة فقط لم يبرع في التطبيل...

من الطبيعي أن لا يحتمل عاقل تفاهات شارل جبور أو طوني ابو نجم او حتى معظم كتاب جريدة نداء الوطن او النهار او أكثرية تيار ١٤ آذار الغني جدا بالتفاهات والترهات...

لكن حتى عند هؤلاء يوجد بعض من عنده منطق...

سماع مكرم رباح هو قمة التفاهة؛ لكن حتى في تيار محور المقاومة يوجد الكثير من الأغبياء الذين يمكن ان يتفوقوا على مكرم في التفاهة، والذين ظلوا طيلة فترة الحرب ضيوفا على الشاشات لنشر تفاهاتهم التي لعبت هي ايضا دورا في المأساة التي حصلت...

صحيح ان ذنب أحمد سعيد أقل بكثير من ذنوب عبد الحكيم عامر في حزيران٦٧...

لكن أحمد سعيد كما بوق صدام حسين صاحب نظرية "العلوج" كانا غطاء سمح لتفوق العدو الإسرائيلي والأميركي...

من تابع النقاشات التي دارت حول هذه المقابلة، يرى بوضوح أن هؤلاء المطبلين لا يزالون في نفس المربع...

مثل التركيز على قصة تسمية "أولي البأس" بدل تناول ما حصل خلال ستين يوم من البطولة النادرة وسؤال قيادة المقاومة عن السبب الذي دفعها للتفريط بهذه الملاحم والذهاب إلى القبول بورقة أقل ما يقال فيها أنها سبب الذل الذي نعيشه هذه الأيام والذي لن ينتهي قريبا كما لا يزال يبشر الطبالون إياهم الذين يعدون الناس بمعجزة لن تحصل حسب كل الدلالات والمؤشرات...

لو كان حزب الله يريد فعلا اجتراع المعجزات لما كان قبل الإنسحاب من جنوب الليطاني قبل الإنسحاب الإسرائيلي الكامل وليكن ما يكون...

حتى لو كانت كل الصواريخ ضُربت...

حتى لو كان الناتو قد أنهى فعلا ثمانين في المئة من قدرات الحزب...

فإن ما بقي هو اكثر بكثير مما لدي مقاومة غزة؛ ورغم ذلك، غزة لا تزال تقاوم...

كل ما في المسألة أن القيادة لم تكن على مستوى اللحظة التاريخية...

ما حصل قد حصل...

المسألة ليست ولم تعد مسامحة من أخطأ...

المسألة هي في القرارات التي يجب اتخاذها منذ اليوم...

كل يوم يمضي تحقق إسرائيل وأميركا أهدافا جديدة بينما نضع نحن أكفنا على خدودنا عاجزين...

ليس هكذا قاتل الفيتناميون!

ليس هكذا قاتل الجزائريون!

ليس هكذا قاتل الحسين يا أحفاد واتباع الحسين!

يتحدث الشيخ قاسم عن الخطر الوجودي الذي يهدد "الشيعة"...

هذا صحيح...

هناك خطر وجودي كبير جدا ليس فقط من جهة إسرائيل والناتو...

هناك حيوانات سوريا الذين تديرهم تركيا وقطر والسعودية والإمارات...

طيلة ثمان عشر سنة وابوظبي تعقد حوارات ومؤتمرات لفك شيفرة حزب الله، ثم يخرج الشيخ نعيم ليمد يد الصداقة إلى كل دول العالم بإستثناء إسرائيل وأميركا...

نفس موقف إهداء النصر لفؤاد السنيورة ووليد جنبلاط ومروان حمادة...

ربما وجب شكر الشيخ لانه وضع أميركا في الموقع الصحيح من العداء...

على الأقل تجاوز الهبل الإيراني الذي لم يستطع تخطي هذه المسألة بعد...

حتى ذكر أميركا كعدو ومن ثم القبول بها مشرفا على لبنان هو عين الغلط...

تسالون ما العمل؟

اسألوا اليمن...

اليمن أولا وأخيرا...

اليمن فقط...

لأن هناك، في اليمن، منبع الرجولة...

أما باقي الدول التي أبدى الشيخ مرونة تجاه لقائها... وبالأخص دول الخليج...

فالسم يأتي من هناك وإن كان على أجنحة سورية متخلفة...

حليم خاتون

المصدر: موقع إضاءات الإخباري