قصّة قصيرة جدّاً".
عند تلك اللحظة التي طلب فيها والد الطفل المولود حديثاً من المسؤول منح ابنه وثيقة ولادة ، وقف الأخير حائراً ومرتبكاً وخائفاً في آن ، حكّ رأسه بعصبيّة ظاهرة مرّات ، وشرع يتمتم بصوت مسموع:
"ماذا أضع في خانة الجنس، "صبي أم بنت ؟" "ذكر أم أنثى؟"
كانت التعليمات المشدّدة القاضية بعدم تحديد هوّية المولود ، وبتأجيل تحديد جنسه حتى بلوغه الثامنة عشرة تؤرِّقه ، وتصفّد يده عن تسجيل ما يراه بامّ العين ، فالمولود ذكر ، وعضوه الظاهر يثبت ذلك ،فإذا لم أسجلّ صبي فماذا أسجّل؟ أأكتب إنّه مولود بشريّ فقط؟
التفت إلى الوالد وسأله :
- ماذا أضع هنا في هذه الخانة؟
- لا أعرف .لا أعرف ، فإن حدّدتُ الجنسَ أُساق إلى السجن بتهمة مصادرة حرية مخصّصة له حصراً إلى حين بلوغه الثامنة عشرة.
- إذا كنت أنت خائفاً من السجن فأنا أخشاه أيضا ولا أرغب فيه ، لذا ؛ أعتذر عن منحه هذه الشهادة، وأطلب إليك مراجعة المسؤولين، من أجل حذف كلمتي: مذكر ومؤنّث، من قاموس اللغة ،لأنّ المشرّع هو حرية المثليّين، والداعم لهم لا يعترف بهاتين المفردتين.
ذهب الوالد غاضباً ، وهو يلعن في سرّه من اعتمد هذه الفكرة الجهنميّة الهادفة إلى تحديد النسل، وإنقاص الخصوبة والإنجاب في هذا الزمن الذي كثرت فيه وسا ئل القتل والإبادة بقصد تحييد سبعة مليارات نسمةوالإبقاء على المليار الذهبي الذي إليه ينتمون.
قبريخا - جبل عامل
د.علي حجازي