كَتَبَ د. إسماعيل النجار:
مقالات
كَتَبَ د. إسماعيل النجار: "مايحصُل بين أوكرانيا وروسيا اليوم، يشبه ما حَصَلَ بين إيران والعراق منذ عقود".
د. إسماعيل النجار
16 تموز 2023 , 16:16 م


هُوَ تِكرار للمشهد نفسِهِ بوجوهٍ مختلفة، فعلى سبيل المثال، الحربُ التي شَنَّها صدام حسين على الجمهورية الإسلامية الإيرانية عام ١٩٨٠ كانت مدعومة من أمريكا والدوَل العربية وأوروبا.

بكل تأكيد هُوَ نفس السيناريو ونفس الوقائع، بِاختلافِ المكان والزمان والمتحاربين.

في إيران، كانت الصورةُ الواضحةُ لطريق الثورة بأي إتجاه تسير، وأنّها ضِدّ أمريكا و"إسرائيل"،

فوقع اِختيارُ واشنطن على صدام حسين، ليلعبَ دور َ البطل ِ المُحَرِّر ِوالناصرِ للعرب والمدافع عنهم،وذلك بعدما أرعَبَت واشنطن دُوَلَ الخليج ِ من هذه الثورة، وصَوَّرت لهم أنّها شيطانُ الخليج.

اِشتعلتِ الحربُ بين العراق وإيران، بقرارٍ ودعمٍ أمرِكي وأوروبي وتمويل خليجي عربي لنظام صدام.

استمرت تلك الحربُ ثماني سنوات،وانتهت بهزيمةِ جيشِ صدام وانتصار إيران.

بعد اِننتهائها اِستَمَرَّ الضخ التحريضي الأمريكي، ولكن هذه المرَّة ضد صدام حسين،فإرتعبت دُوَل مجلس التعاون الخليجي الستّ، من قوَّتِهِ وقدراته العسكرية المخيفة، التي وصل إليها جيشُهُ خلالَ سنواتِ الحرب، نتيجةَ الدّعْمِ الكبيرِ والمتواصل، من قِبَل ِ أمريكا وأوروبا، ومنهم أنفسهم؛ ولأنهم كانوا يعلمون بخفايا الأمور،

توجَّسوا من هذا الوحش الذي توقعوا أن يفترسَهُم، عند وقوع ِ أيِّ خلافٍ بينهم وبينه، وبعدما أصبحوا متأكدينَ من أنًهُ سيبتزُّهم لعقود، فقرروا التخلص منه.

وبالفعل صدقت مخاوِفُهم، وابتلعَ جيشُ صدام حسين الكويتَ بِفَخٍّ أمريكيٍّ نُصِبَ له، فتوسلَت دُوَلُ الخليج ِ أمريكا، لتخليصهم منه ومن قوته، فكانَ لهم ما أرادوا بشرطٍ كبيرٍ، هوَ تمويل الحرب، والحصولُ على نفطٍ مجّاناً، للولايات المتحدة الأمريكية لخمسين عاماً مقبلةٍ، وبَيْعُهُ لِحُلَفائِها الفرنسيين والبريطانيين، ب ٦$ للبرميل الواحد.

وافقَ الخليجيون بسرعةٍ، ومن دون تردُّد، المُهِمِّ هوَ تحريرُ الكويت،والتخلص من صدام، فكانت حربُ الخليجِ الأولى، ثم اِجتياحُ العراق عامَ ٢٠٠٣، واِعتقالُ صدام وإعدامُه.

هكذا اِنتهتِ التمثيليةُ الأمريكيةُ الصهيونية.

اليوم تحصُلُ أحداثٌ متشابهةٌ بظروفٍ مشابهة، بين أوكرانيا وروسيا.

أمريكا وأوروبا تدعمانِ أوكرانيا، بالمال والسلاح،بعد تأجيج فتنةٍ قوميةٍ بينهما، وانفصالُ إقليمِ الدونباس عن البلاد، وضم روسيا لجزيرة القُرم.

المُهَرِّجُ زيلينسكي شَنَّ حرباً ضروساً على الأقاليمِ التي أعلنتِ الإنفصال، فقرّرتْ روسيا الدفاعَ عنها، بسبب اِنتماءِ أصول ِ سكان ِ الإقليمِ لروسيا.

اِشتعلتِ الحربُ بين البلدين وكانت ضروساً للغاية، صمدت أوكرانيا، رغم النزفِ اليوميّ، بفضلِ الدَّعمِ الكبير، وبفضلِ الجسورِالجويةوالبريةِ العسكريةِ لجيشها،

َوأثبَتَ الجيشُ الأوكرانيُّ نفسَهُ، أنه جيشٌ شرسٌ ومقاتل، وأصبحَ يُعتَبَرُ واحداً من أقوى الجيوشِ الأوروبيةِ على الإطلاق.

عام ونصف وهويتلقَّى الضرباتِ العنيفةَ، من دولةٍ عُظمَى، ولم ينهرْ ولا زال، في الكثيرِ من الأحيان ِ، يمتلكُ زِمامَ المبادرة.

تأثَرَ اِقتصادُ الدّوَلُ الأوروبيةُ جَرَّاءَ دعمها الكبير للجيش الأوكراني، وتكلفةِ الحربِ الباهظة، لكنَّ الأفُقَ لا يزالُ مسدوداً، ولا بصيصَ نورٍ في آخرِ النفق ِيُشِيرُ إلى اِنفراجٍ قادم.

- [ ] فلا بارقةَ أملٍ تلوحُ في الأُفُق، ولا وسطاءُ يسعَونَ للسلام بين الطرفين، وهذه هي الحربُ الثانيةُ، بعد الحرب العالمية الثانية، التي يكون فيها العالمُ مُنقسماً، بشكلٍ عامودي، ولا مَنْ يُقَدِّمُ مبادراتِ سلام،مصانعُ السلاحِ الأوروبيةُ لم تعُدْ تتمَكَّنُ من سَدِّ حاجةِ الحرب، التي تُعْتَبَرُ أكبرَ من قُدراتها الإنتاجية،

والخلافاتُ بين ألمانيا وبولندا بدأت تظهر للعلن، بسبب كِلفّةِ صيانةِ دباباتِ الليوبارد الباهظة.

الإقتصادُ الأوروبيُّ بَدأ بالركود، والِاحتياطاتُ النقديةُ للفدرالي الأوروبي والعسكرية الأوروبية شارفت على النفاد.

الجميعُ يتألَّم،ومظاهرُ التَرَف غابَتْ عن سكانِ القارَّةِ العجوز،

والأمريكيُّ مُصِرٌّ على اِستِكمالِ المعركةِ التي أراقت ماءَ وجهِ القادةِ الأوروبيينَ،الّذين كانوا يتباهَوْنَ بصناعاتِهِمُ العسكريةِ وَدبّاباتِهِمُ المتطورة، التي حَوَّلتْها صواريخُ الكورنيت الروسيةُ، وطائراتُ

التّمساح إلى أشلاءَ وخُرْدَة.

بكلِّ الأحوال، ماذا لو خرجَ زيلينسكي منْ هذِهِ الحربِ غيرَ مُنْهَزِم، بعد كل هذه التجربة التي خاضها؟

لديهِ جيشٌ قوِيٌّ وفتَّاكٌ،ومُسَلَّحٌ بأفضلِ تسليح، بالضبط كما خرَج صدام حسين منَ الحربِ العراقيةِ الإيرانية، فهذا الأمرُ يُخِيفُ أوروبا، كما خافت دُوَلُ الخليج ِ من قوَّةِ العراق ِ، في زمن ِصدام، بعد اِنتهاءِ الحربِ مع إيران.

أوروبا لن تكونَ مرتاحةً إلى جارٍ على حدودِها يُشبه صدّام جارَ الكويت،خصوصاً و أنّ أصواتاً مُحافِظَةً اِرتفعتْ، داخلَ بولندا، تُذَكِّرُ الساسةَ الكبارَفي وارسو، بالمجازر التي ارتكبها الأوكرانيون بالبولنديين، خلال الحربِ العالميةِ الثانية: مجازرُ وتطهيرٌ عِرْقِيٌّ،وتهجيرفي العام 1943، ارتكبها القوميونَ الأوكرانيون"، أعضاءُ جيشِ المتمرِّدينّ المعروف بفصيل "بانديرا"، مجازرُ جماعيةٌ، بحقِّ القرويين البولنديين في فولهينيا، وفي شرق غاليسيا، عام 1944، وذكرت المراجع البولندية أنها أودت بحياة ما بين 70000 و 100000 شخص.

⏫(منقول من مصادر).

لذلك لا بُدَّ من نهايةٍ لزيلينسكي في أوكرانيا شبيهةٍ بنهايةِ صدّام حسين، بما معناه سقوطُ النازيِّ، معتقلاً او قتيلاً، وحَلُّ جيشِهِ ومصادرةُ سلاحِهِ على الطريقةِ العراقية، ويتم تعيين بريمَر روسي حاكماً لأوكرانيا، لأن أوروبا لا تتمنّى خروجَ زيلينسكي قوياً ومعافى، خوفاً على هيبةِ فرنسا وبريطانيا والمانيا، التي رُبّما إنْ تُرِكّ زيلينسكي على قيدِ الحياة، ستكون بولنداوأوروبا "كويت" ثانية.

بيروت في...

14/7/2023


المصدر: موقع إضاءات الإخباري