ربا يوسف شاهين
الوطن، كلمة واسعة المدى، يدركها من يعيش في تفاصيلها، ليحيا عمره الذي قدره الخالق له، ويمضي بمراحل عمره متنقلاً بين دروبه التي لا تنتهي، ليغدو انتماؤه روحاً لا تنفصل عن حب هذا الوطن.
في يوم مظلم أعدته أيادي الشر المنتشرة في العالم قاطبة، ليكون ممراً للكراهية والحقد، بدأت أعمال الإرهاب، لوطن نشر عبر تاريخه الحضاري أسمى آيات النضال والشرف، فالمعارك لم تنتهي عبر التاريخ منذ الإستعمار الفرنسي والبريطاني على المنطقة العربية، والتي أسست لسلب فلسطين العربية والجولان العربي السوري ومزارع شبعا، ولا ننسى لواء اسكندرون الذي سُلب بمعاهدات أبرمت بين المحتل العثماني والاستعمار البريطاني والفرنسي لتجزئة وتفكيك وإضعاف هذه الساحة تحديداً، خدمة للمشروع الصهيوأمريكي القائمة مركزيته في فلسطين المحتلة، والذي تمتد أهدافه الحقيقية إلى فصل المشرق العربي عن مغربه كما حدث من تقسيم للسودان وليبيا والعراق واليمن.
تسارعت الأعمال الإرهابية على وطني سورية، وضُخ إليه آلاف من الإرهابيين والمرتزقة لإكمال المؤامرة الكبرى التي أسس لها "تيودور هرتزل " منذ عام 1896، لبناء وطن لليهود الصهاينة، وتدمير وطن العرب بأساليب مباشرة وغير مباشرة، وتحت مسمى "معاهدات السلام" التي قبلها العرب وأدت إلى تمكين هذا المحتل الإسرائيلي على أرض فلسطين.
وما بين ماضي المستعمر الغربي وحاضره في المشرق العربي حلقات متواصلة رُسمت بفكر إرهابي إجرامي، يعتمد فيه الفكر الغربي على إضعاف وتجزئة وتفكيك مكونات أي دولة أرادوا احتلالها، وأهم هذه المكونات الإنسان العربي وتحت هذا العنوان "فرق تسد" بدأ التطبيق العملي لسياساته، فبدأ بتحديد النقاط الحساسة في علاقات الأفراد وبدأ بتجميع المرتزقة والخونة ممن ابتعدوا في فكرهم عن معنى الانتماء الحقيقي، ولو فرضنا أن واقع الفقر قد أغراهم فهل يبرر ذلك أن يُزعنوا لمحتل الأرض والعرض.
ما يجري في وطني سورية هو أقسى انواع الحروب والاحتلال والإجرام. سياسات على مر العصور لم نسمع بدولة جُند لها مئات الدول وآلاف الإرهابيين وأُسست لها منصات إعلامية مضللة ومنظمات دولية ممنهجة " كالخوذ البيضاء"، لتمنعها من الثبات والتقدم والازدهار وتحقيق الانتصار، الذي بدأت مشارفه منذ ثورة الشيخ صالح العلي وسلطان باشا الأطرش ممن لقنوا المحتل معنى التضحيات والانتماء الحقيقي للوطن، والذي لا مساومة فيه ولا عليه ، والتي لم ينتهي حتى الآن، لتستمر معارك المقاومة والنضال وتتجسد على يد شهداء سورية الذين لا يُحصون.
فمنذ عام2011 بدأ ما يسمى "بالربيع العربي " و"الفوضى الخلاقة"؛ مصطلحان يخدمان انطلاقة مشروع واشنطن الإرهابي الكبير في هدم وطني سورية.
في المحصلة ورغم محاولة الولايات المتحدة الأمريكية وحليفها التركي ومرتزقتهم من إعادة المشاهد الإرهابية إلى بعض الساحات في السويداء أو أي منطقة من سورية، ليفجروا بها غضب شعب أُرهق من إرهابهم السياسي والعسكري والاقتصادي، فلن يتمكنوا
من سلب روح الانتماء للوطن الأغلى لهم، ففي وطني سورية شعب أصيل وجيش باسل وقائد لم ولن ينحني.