كُل الدلالات تشير إلى أنَّ السعوديةَ هي صاحبةُ الحاجةِ الماسَّةِ لِعَقْدِ إتفاقِ مصالحةٍ معَ إيران، وليسَ العكس، بعدما ضاقَتِ الدُّنيا من حولِها في اليَمَن ِ والعراق ِ وسوريَّةَ ولبنان.
إيرانُ تجاوبَتْ معَ الطلبِ السعوديِّ والمبادراتِ العراقيةِ والعُمانيَةِ فوراً، ومؤخراً الصين،بدون ِتَرَدّد، لأنَّ هدفها السامي هو السلام، فألقَتْ بطَوقِ النجاةِ لِابْن ِ سلمانَ، من بكِّين، من دون ِشروط، عَلَّهُ يتعلَّمُ أصولَ التعامُل ِ مع الجيران، ويُتْقِنُ كيفيةَ مصافحةِ الشُّجعان، فتَلَقَّفَهُ الأخيرُ وبدأَ بتنفيذِ خطواتٍ عملانيةٍ حثيثة، لإعادةِ العلاقاتِ وفتحِ السفاراتِ في البلدين،
لكنَّ هذه المصالحةَ التي حصلت بين رأسِ القيادةِ السُنِّيَةِ في العالمِ الإسلامي ورأسِ القيادةِ الشيعية لَم تَحُلَّ ضيفاً على باقي الأطرافِ المتنازعةِ والمؤيدةِ لهم، كما لم تُفْضِ إلى أيِّ تحَسُّن ٍ في أزماتِ الأطرافِ التي تدورُ فيها نزاعات،بينما للطرفين يَدٌ طائلةٌ فيها،
لا اليَمَنُ وصَلَ إلى وَقْفِ إطلاق ِ نارٍ دائم، ولا سوريّةَ تحسنَّ فيها الوضع، لا بَل أصبَحَ أسوَأَ من ذي قبلُ اِقتِصادياً وأمنياً وسياسياً، والعراقُ ما زال يتخبط بين سندان ِالأكرادِ ومِطْرَقَةِ أمريكا، بينما لبنانُ مُنْهَكٌ اِقتصادياً وغارقٌ في خلافاتِهِ المذهبيةِ وأزماتِهِ المالية، ولا يوجدُ أيُّ يَدٍ تمتدَُ إليهِ لِإنقاذِهِ من حُفْرَةِ الِانهيارِ التاريخيِّ التي وقَعَ فيها.
المُلفِتُ أن شيئاً ما بدأَ يحصُلُ في اليمن ِ شبيهاً بما حصلَ بين السعوديةِ
والجمهوريةِ الإسلامية وبشكل ٍمفاجيءٍ تَمَّتْ دعوَةُ وفدِ أنصارِاللهِ إلى العاصمةِ السعودية لمناقشة تفاصيل مبادرةِ السلامِ العُمانية، وبعد خمسةِ أيامٍ منَ الِاجتماعاتِ المُتتالِية، لم يصلِ الطرفانِ إلى أي نتيجة تُذكَر، سِوَىَ قيامِ المُسَيَّراتِ اليمنيةِ منذُ يومَيْن ِ بقصفِ أهدافٍ سعوديةٍ داخلَ أراضي المملكة! في تطَوُرٍ عسكريٍّ جديدٍ ربما كانَ عمليةَ ضغطٍ يمنيةً ورسائلَ ناريةً عَبْرَ بريدِ الأبابيل، فلم نستنتج من الذي يحصل إلَّا أمراً واحداً هُوَ... أنَّ واشنطن ساهمَت بإنجاحِ الِاتِّفاقِ بين إبرانَ والسعوديةِ، لتحييد إيرانَ فيما لو بدأتْ بتنفيذٍ مخططِها في سورية ولبنان.
ولتضمنَ جانبَ السعوديةِ الجنوبيَّ وبابَ المندب كانت محاولةُ استِمالةِ أنصارِ اللهِ بِالمفاوضاتِ في الرياض، لتحييدِهم أيضاً، وضمان ِ عدمِ المَساسِ بطريقِ الملاحةِ والتجارةِ البحريِّ، الذي تمرُّ عبرَهُ السفنُ الصهيونية؛ ولا تفسيرَ لِهذا غيرُ ذلك، لكنَّهُ باءَ بالفشل.
◦ وعلى صعيد سورية ولبنان لا تزالُ إسرائيلُ تُمعِنُ ببلطجتِها داخلَ سورية، فتقصفُ أهدافاً، تقول إنّها إيرانية بمايوحي بأنَّ الحرْبَ بين إيرانَ وإسرائيلَ من طرفٍ واحد. وبالأمسِ توغَّلت دباباتٌ صهيونيةٌ داخلَ الأراضي المحررةِ من الجولانِ السوريّ.◦
لبنانياََ المخططُ الأميركيُّ يسيرُ على قدمٍ وساق ٍ، بتشديدِ الحصارِ وتسهيلِ تدفُّق ِ النازحينَ السوريينَ من فئَةِ الشبابِ الذين تتراوح أعمارهم بين ١٥ و٣٥ سنة، في ظل غياب أي دور للحكومة وصمتٍ مُطبَق لرئيسِها الذي نأىَ صبنفسهِ عن التدخل ِ بهذا الملف خوفاً على مصالِحِه الخارجيةِ،كما وردَ في بعض وكالاتِ الأنباء،
الجيش اللبناني يُحكِم إغلاق حدود لبنان البحرية بوجه النازحين ويمنعهم من السفر عبر البحر إلى أوروبا ونجحَ بذلك، بينما الحدود البرية فالتة والمعابر الغير شرعية نَشِطَة وعندما تسأل يقولون لك لا يوجد لدينا أي إمكانيات!؟
هنا نحن نسأَل ونتسائَل عن سبب ضبط الحدود البحرية الغربية لجهة الدوَل الأوروبية والعجز عن ضبطها من جهة سوريا شرق وشمال لبنان، والعاقل يفهم...
إذاً الإتفاق الإيراني السعودي جاءَ بالسلام والوئام ولكنه لَم يَحُلَّ ضيفاً عزيزاً على حلفائهما سِوَىَ عليهما بينما حلفاء الطرفين في المنطقة لا زالوا يعيشون الأزمات التي تتسبب بها أميركا والسعودية!
فما هوَ الحَل؟
بيروت في...
30/9/2023