كَتَبَ د. إسماعيل النجار:
مقالات
كَتَبَ د. إسماعيل النجار: "واشنطن وتَل أبيب والخيارات الصعبة."
د. إسماعيل النجار
16 تشرين الأول 2023 , 20:07 م


على وَقع الهزيمة المَدوِيَة التي تَرَدَّدَ صداها في كل أرجاء المعمورة، وشاهدها العالم بالصورة والصَوت، أصبحَت خياراتُ قادةِ الكيان الصهيونيومسؤولي إدارة البيت الأبيض قليلة، وهامشُ قراراتِها ضَيِّقٌ ومجبولٌ بدمِ الأطفال ِ الفلسطينيين، وبِأشلاءِ النساءِ المُقَطَّعَةِ الأوصالِ تحتَ أنقاضِ المباني والرُّكام.

لقد بالغَتْ إسرائيلُ في عملياتِ القصفِ التدميريِّ المُمَنْهَجِ لقطاعِ غَزَّة، وأخذها حُبُّ الِانتقامُ المجبولُ بالكراهِيَةِوالحِقد عندما تحرّكَتِ الأساطيلُ البحريةُ والجويةُ الأميركيةُ لنجدَتِها، وما زادها إصراراً في وحشيتهاوقوف الِاتّحاد الأوروبي إلى جانبها،وإدانة حركة المقاومة الإسلامية "حماس".

لكنَّ ما فعلتْهُ آلةُ الحرب الصهيوأميركية في غَزَّة، النابِع ِ من إفلاسٍ صهيونيٍّ في مواجهة أبطال القسَّام وسرايا القدس، فاقَ كل تقدير لدىَ عواصم العالم وفاجأهم بوحشيتهِ، فانتفضتِ الشعوبُ وامتلأت الشوارع بالملايين فارتَدَّ الأمرُ على كُل مَن وَقَف مسانداً لِلكِيانِ الصهيونيِّ الغاصب، واعتُبِرَ شريكاً في صُنْع ِ الجريمةِ من ألِفِها إلىَ يائِها.

فرنسا العُظمَىَ تراجعت خطوَةً للوراء، والولايات المتحدة الأميركية شعرَت بإحراج ٍ كبيرٍ معَ أصدقائِها العرَب، الذين طالبوها بوقفِ المجازرِ لِلحِفاظِ على هدوءِ شوارِعِهِم، واستقرارِ أمنِهِم، وحِرصاً منهم على عروشِهم؛فكان أوَّلُ طوق نجاةٍ ألقتهُ واشنطن للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، من خلال رفضِهِ خروج حاملي الجنسيةِالأمريكيةإلى مصر من قطاعِ غزَّة،عبرمعبررفَح إلَّا بشرطِ دخول ِمساعداتٍ إلى القطاع، في خطوة مُنَسقَةٍ ومدروسة، للحفاظ على سلطان ِ أكبرِ عميل ٍ أمريكيٍّ وصهيونيّ، يترأَّسُ أكبرَدولةٍعربيةٍفي المنطقة تُقيمُ علاقاتٍ دبلوماسيةٍ معَ إسرائيل، ومحاولة حشو رؤوسِ المواطنينَ المصريينَ،بأن الرَيِّسَ بطلٌ وقفَ إلى جانبِ الشعبِ الفلسطينيِّ المحاصرِ في قطاعِ غَزَّة، على غِرارِ كِذبَةِ حربِ تشرينَ التَّحريريةِ عام١٩٧٣، التي أظهرت"الرّئيسَ المؤمِنَ" أنورَ السادات بطلاً، ليَذهب إلى القدسِ ويَخون الإيمان والعروبَةَ والعرب.

الآن واشنطن وتل أبيب أمامَ ورطَةٍكبيرةٍ جِداًتتَمَثَلُ بِارتكابِ إسرائيل جريمةَ حربٍ موصوفةٍ وثابتة، من خلال ِ تدميرِ منازل ِ المواطنينَ فوقَ رؤوسِهم، ومن خلالِ مشاهدِ صُّوَرِ الأطفال الفلسطينيينَ المُقَطَّعِي الأوصال، المحروقينَ بالفوسفورِ الأبيض؛لذلك لَمتَعُدأمريكا قادرةً على تأمين ِ الغِطاءٍ للكيانِ المُجرِم، لكي يستمِرَّ في الحرب، وهي أيضاً لَن تسمح بخروجهِ مهزوماً وخروج حماس منتصرَةً ولديها أسرىَ، لينظرَ إليها العالمُ أجمَعَ بِاحترام.

إذاً ما هي المخارجُ التي من الممكن أن تُوصِلَ إسرائيلَ إلى بَرِّالأمان،وهذا ماتبحثُ عنهُ أمريكا وتريدهُ في ظِلِّ وجودِ عُقَدٍ ومعوقات، ومنها على سبيل المثال؛

1__إن ورقةَ الحصارِ الصهيونيّ المفروضِ على القطاع ِ أصبحتْ ضعيفةً، وليست ذات قيمَة بيَد العدو، بعد اِنتفاضةِ كُلِّ عواصمِ العالمِ ضِدّهُ، نتيجَة إرتكابِهِ جريمةَ الإبادةِ الجماعيةِ بالقصفِ والحصارِ المُحكَمِ ضِدَّ المدنيين، لذلك ستُنَحّى جانباً.

2__الأمرُ الآخرُ : هُوَ فشلُ إسرائيلَ بِصُنْع ِ نكبةٍ ثانيةٍ، من خلال ِتهجيرِ المواطنينَ الفلسطينيينَ خارجَ حدودِ القطاعِ وتوطينِهِم في صحراءِ سيناء،ث.

3__الأمرُ الثالثُ : حساباتُ قادةِ العدوِّ الدقيقةُ، حولَ حجمِ الخسائرِ التي سيتكبَّدُها جيشُهُم، على تخومِ غَزَّة، خلالَ العملياتِ العسكريةِ ضِدَّ رِجالٍ مُدَرَّبِينَ ومُجَهَّزينَ، ومُتَحَمِّسينَ لِلِقائِهِم،؟

4__ تهديدُ إيرانَ وحزبِ اللهِ بدخولِ المعركةِ ضِدَّ الكِيانِ،وتنفيذُتهديدِ السيد نصرالله، بِاحتلال ِالجليل.

5__الِانْقِساماتُ العسكريةُ والسياسيةُ الداخليةُ، التي تدفعُ قادةَ الكِيان ِ وجيشَهُ للتريُّث بإعطاءِالأوامرِلِلْبَدْءِ بِالهجومِ البَرِّيّ.

6__ إصرارُحزبِ اللهِ وإيران على فَتْح ِكُلِّ الجبهاتِ،رغمَ التهديداتِ الأميركيةِ للحزب، وردُّ التهديدِ بِالتهديد.

إذاً، فإنَّ ارتكابَ أيّ حماقةٍ في غزة، ستُشْعِلُ المِنطقةَ بأكمَلِها،وستُقْفِلُ المّضائِقَ وتخلُقُ أزمةً عالميةً،في كُلِّ شيء.

يبقىَ الحلُّ بفكِّ الحِصارِ الكاملِ ِ عن ِالقِطاع، ووَقْفِ إطلاق ِ النارِ، من قِبَلِ الطرفَيْن، وتشكيل ِ لجان ٍ، لِلْبَحْثِ في عمليةِ تَبادُلِ الأسرىَ بينهما،وبِأن تُمْنَعَ تل أبيبُ منْ هَدْمِ المنازل ِ، وتُجْبَرَعلى وَقْفِ الإستيطانِ ووَقْفِ استباحةِ المسجدِ الأقصىَ.

وعليها أن تبتلِعَ الهزيمةَالمُدَوِّيَة، وتعترفَ بالأمرِ الواقع المُستَجِدّ،

وغيرُ ذلكَ، فيعني أنَّ قادةَ الصهاينةِ يرسمونَ نهايتَهُم بأيدِيهِم.

بيروت في....

16/10/2023

المصدر: موقع إضاءات الإخباري