اطار حلول لأزمة المياه في الأردن, تجميد مشروع الماء مقابل الكهرباء مع العدو الصهيوني.
دراسات و أبحاث
اطار حلول لأزمة المياه في الأردن, تجميد مشروع الماء مقابل الكهرباء مع العدو الصهيوني.
جورج حدادين
24 تشرين الثاني 2023 , 15:43 م


كتب جورج حدادين

تم التطرق الى أن أزمة المياه القائمة في البلد هي أزمة نهج وليست أزمة فنية و / أو إدارية، كون العقل العلمي قادر على استنباط حلول لأي أزمة تواجهه، شرط توفير الإمكانات المادية والمعرفية، وهي متوفرة لدينا بالفعل وفي الواقع.

أزمة المياه القائمة تعرف بأن “ الطلب أكبر من العرض “

السؤال لماذا أوصلونا لهذه الحالة، حيث " الطلب أعلى من العرض ".

الإدعاء الرسمي، التزايد السكاني القصري نتيجة التهجير هو السبب، ألم تضع كافة دول العالم إستراتيجيات: آنية ومتوسطة وبعيدة المدى وفي كافة القطاعات، وهذه وظيفتها، بناء على هذا المعطى، التزايد السكاني الطبيعي والمفاجئ القصري .

نظرة موضوعية على الموازنة المائية، بحسب التعريف العلمي الهيدرولوجي.

تتكون مصادر المياه بشكل عام من :

1. الهاطل المطري، مياه أمطار وثلوج

2. المياه الجوفية المختزنة تحت سطح الأرض، أحواض مائية

3. المياه السطحية، مياه بحيرات وأنهار

4. مياه المدّد حيث تجري مياه أمطار عبر وديان قادمة من دول مجاورة

5. حركة مياه جوفية تأتي من خارج الحدود، من احواض مائية مجاورة لأحواض مائية محلية

السياسة المائية الرسمية تعتمد المصادر الثلاث الأولى وتغفل، بقصد أو بدون قصد، المصدرين الرابع والخامس.

نظرة علمية على مصادر المياه، على الصعيد الوطني:

الهاطل المطري، يقدر معدل الهاطل المطري السنوي على الأرض الأردنية حوالي 8.25 مليار م3

المياه الجوفية، يوجد 12 حوض مائي جوفي، تقدر طاقتها الإنتاجية المتوازنة، تعادل التغذية مع الاستخراج 275 م3 في حين يتم استخراج حوالي الضعف من هذه الأحواض، هنا يكمن الخلل، عدم معالجة هذه المعادلة أبتداءً، أي موازنة تعادل الضخ مع التغذية، ويتم ذلك عبر التغذية الاصطناعية ، حقن مياه الأمطار الى الأحواض الجوفية، معالجة الضخ الجائر، وهو إجراء طبيعي متبع في كافة دول العالم؟

لماذا لم تتطرق الرؤية الإستراتيجية لحلول لمعالجة هذا الخلل؟

لا بل تم اطلاق حملة إعلامية مضخمة، تلقي اللوم على المواطن، سرقة المياه والآبار غير المرخصة، قد تكون هذه عوامل، ولكنها ثانوية حتماً، معالجة الضخ الجائر وظيفة المؤسسة المعنية في قطاع المياه، إيجاد الحلول، وتتمثل في صياغة خطط مشاريع فنية قابلة للحل علمياً وفنياً، وكما اسلفنا الحل يكمن في التغذية الاصطناعية،

ما حدث على أرض الواقع تنامي العجز المائي، مقابل استسلام المؤسسة، الإدعاء بعدم الحيلة،

لدينا مثالاً حياً للتغذية الاصطناعية ، سد وادي الواله ، كيف تم التعامل معه، بداً بالتصميم حيث بينت الدراسات إمكانية تخزين أكثر من 35 مليون م3 في هذا السد ، بينما تم بتشييد سد يتسع لحوالي 11 م.م3 أي ثلث طاقة التجميع، بعد فترة تم رفع السد ، ثم تم تسييل المياه منه بدون مبرر، حيث تسائل الكثير من عامة الناس ومن المختصيين عن السبب، وكانت إجابة المسؤليين مضحكة،

" خوفاً من إنهيار السد من شتاء شديد متوقع قادم ".

المياه السطحية ضئيلة، الأنهار والبحيرات،

نهر اليرموك هو النهر الوحيد الجاري، مع الأخذ بنظر الاعتبار تضائل كمية جريانه،

نهر الأردن، إعدام حصتنا من مياه نهر الأردن، نتيجة تحويل مجرى النهر عام 1964 من قبل الكيان الصهيوني ، حيث كانت حصة الأردن منه، بحسب مشروع جونستون، 770 مليون م3 ، وفي الوقت ذاته، تم قصف سد المقارن، الذي آخذ ببناء على نهر الأردن، بالنابالم من قبل طيران الكيان، والذي على أثره عقد أول مؤتمر قمة عربي، بدعوة من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر،

من الحلول، التي تستند الى الحق، العمل على استعادة حصتنا من المياه المسروقة من نهر الأردن ومن الغمر والباقورة، وتخطي مقولة الاستسلام الزائفة، أننا قد حصلنا على حقوقنا المائية من خلال اتفاقية وادي عربه، وهذا يساهم في حل أزمة العجز المائي من جذوره، حيث سيضيف الى المتاح أكثر من 500 مليون متر مكعب سنوياً، مع الأخذ بنظر الاعتبار حصة فلسطين من مشروع جونستون. وفوق ذلك يجب المطالبة بثمن المياه المسروقة خلال كل هذه السنوات وتقدر بأكثر من 30 مليار دينار.

غياب وجود بحيرات عذبة، علماً أن بدائل متوفرة، إمكانية إنشاء بحيرات اصطناعية ، بالتنسيق مع هيئة الطاقة، حيث أماكن المقالع والمحاجر المهجورة أماكن ملائمة، وكذلك مصانع الفوسفات ...الخ

مياه المدد، لا توجد معلومات موثقة منشورة، إما بسبب غياب الدراسات، أو بسبب الاستهانة بهذا المصدر.

حركة مياه جوفية من أحواض مائية مجاورة، العلم الحديث يتخطى النظرة الكلاسيكية بأن الأحواض المائية نوعين متجددة وغير متجددة، فبسبب الحركات التكتونية والفوالق والتصدعات في القشرة الأرضية، التي تشكل قنوات تحت سطحية تسمح للمياه بالتحرك عبرها عبر قارات وليس فقط عبر دول متجاورة، ففي شمال الأردن تسمع خرير ماء قادم من سوريا حالما تضع اذنك على الأرض، وبالتأكيد تأتي مياه من تركيا من خلال الصدع الكبير ، كما أن حركة مياه الديسي من السعودية باتجاه الأردن

هذه عناصر مشاريع دراسات علمية لم تقم بها المؤسسة الرسمية

وأخيراً أسلافنا المؤابيين والأدوميين والعمونيين قدموا لنا خدمة كبيرة لحل هذه المعضلة حل " الحصاد المائي "

اطار حلول لأزمة المياه 

تجميد مشروع المياه مقابل الكهرباء

الحصاد المائي طريق الخروج من الأزمة.

" سياسة الحصاد المائي " هي العنصر الأهم لحل أزمة المياه ،

حصاد مصدر الهاطل المطري وحصاد مصدر مياه المدّد

حصل التغيير المناخي في المنطقة ، ومن ضمنها الأردن ، حوالي 5800 ق.م. ، فقبل ذلك الوقت كانت الأمطار غزيرة جداً، وكانت الثلوج كثيفة على مدار السنة، ومن المؤشرات على هذا المناخ الماطر، في ذلك العصر:

سطح الماء في البحر الميت كان حوالي - (210 ) أي أعلى 218 م. مما هو عليه اليوم،

امتد ما يسمى اليوم البحر الميت من بحيرة طبرية شمالاً الى خنيزيرة جنوباً، بداية وادي عربه، بطول يقدر بحوالي 220 كم.

واستمرت معدلات تغذية جوفية عالية لحوض الديسي، حتى عام 5800 ق.م. ، بعد ذلك انخفظت التغذية الى حدود دنيا، كما هو عليه الحال في الوقت الحاضر.

الحصاد المائي في التراث الأردني : المؤابيين والأدمويين والعمونيين ثم الأنباط فالغساسنة

تتابعت الحضارات على هذه الأرض في ظل مناخ شبه جاف كما هو الحال اليوم،

كيف تغلبت هذه الحضارات على انخفاظ الهاطل المطري؟

الجواب، من خلال إعتماد سياسة الحصاد المائي، حيث تم تشييد البرك والسدود وحفر الآبار ، لتجميع وتخزين مياه الهاطل المطري ،

أنشأ المؤابيون مدينة مادبا في بداية عصرهم، وسميت بهذا الأسم، الذي يعني مدينة الماء والفاكهة، نتيجة وفرة مياه الحصاد المائي، علماً بأن المدينة تخلو تماماً من الأنهار والبحيرات العذبة،

من أين جاء هذا الأسم ؟

نتيجة سياسة الحصاد المائي التي اتبعها المؤابيون ، تم الحصول على وفرة من المياه ، مكنتهم من تحويل سهول مادبا الى بساتين غنائة،

اثبتت سياسة الحصاد المائي، اهميتها في الحفاظ على النشاط البشري الزراعي والاجتماعي، ومن المعروف أن كثير من حضارات سابقة انقرضت نتيجة ما اصابها من جفاف،

وثبت عبر التاريخ، أن أحد أهم قواعد حل أزمة المياه، تكمن في اتباع سياسة الحصاد المائي،

فلماذا لم تلتفت المؤسسة الرسمية لهذا الجانب وأهميتة المطلقة؟

علماً بان، دراسات بهذا الخصوص قد أجريت على منطقة محدودة من البادية الشرقية، من قبل زملاء في سلطة المياه، أثبتت إمكانية حصاد وتوفير 50 مليون متر مكعب من الماء، لماذا لم تستمر الدراست ولماذا دخلت طي النسيان ووضعت في الأدراج ؟

حصاد مصدر مياه المدد

الجانب الاخر في سياسة الحصاد المائي تتمثل في حصاد مصدر مياه المدّد

تبلغ مساحة البادية حوالي 72 % من مساحة الأردن، حوالي 64 كم2 أي حوالي 64 مليون دونم، هذه مساحة معطلة عن الإنتاج ، في قطاعين هامين المياه والزراعة، من قبل المسؤوليين ما السبب؟.

عودة الى سياسة الحصاد المائي المفترض ممارستها في الواقع المأزوم

مرة أخرى، الهاطل المطري يقدر بحوالي 8.25 م.م3 سنوياً ، بالإضافة الى كمية كبيرة من مياه المدد، كيف يتم التعامل مع هذين العنصرين،

حصاد الهاطل المطري، تنطلق السياسة المائية الرسمية من مقاربة خاطئة تماماً:

المقاربة تعتمد عنصر البخر، وليس عنصر الجريان، التي هي المقاربة الهيدرولوجية الصحيحة والسليمة، لماذا؟

تعتمد مقاربة البخر أن 91% من الهاطل المطري يذهب بخراً ، المتبقى المتاح، حوالي 9% ما يعادل 740 مليون م.3 يذهب منها لتغذية الأحواض الجوفية ما يعادل 275 مليون م.3 والباقي يتم تخزينه في السدود.

مناقشة سريعة لمعادلة البخر التي يتم اعتمادها في الدراسات الرسمية،

لماذا تعتبر خاطئة وغير صحيحة؟

• كون نسبة البخر تقاس على مدى سنة، بينما الجريان يقاس بفترة الأمطار، حوالي ثلث الفترة المعتمدة رسمياً

أي ان ممارسة الحصاد المائي من الهاطل المطري في معادلة الجريان يتم خلال فترة قصيرة لا تتعدي فترة اربعة شهور،

عملياً وعلمياً يجب إعتماد سياسة الحصاد المائي بناء على مقاربة معادلة الجريان، وليس معادلة البخر، حيث نسبة الجريان من الهاطل المطري تقدر بحوالي 25%، ما يعادل مليارين م.3 من المياه، أي اضعاف حصاد معادلة البخر.

حصاد مياه المدد عنصر إضافي للموازنة المائية

تجري مياه المدد عبر الوديان العميقة والسطحية ، تلك الوديان التي تشكلت على مدى زمني طويل، بفعل حركة وجريان المياه، وفي مجرى هذه الوديان ترسب حصى بأحجام مختلفة شكل مجاري مثالية تسمح لحركة مياه المدد، وتصلح لإنشاء السدود لحجز هذه المياه.

معظم دول العالم تعتمد إنشاء سدود تحت سطح الأرض، لتجميع المياه، لتقيلل كمية البخر وحجز عملية التلوث، ففي المناطق الشرقية تتواجد وديان ممتدة بأطوال مختلفة تصل الى مئات الكيلومترات ، وفي الوقت ذاته تعتبر وديان مثالية لبناء سدود تحت سطح الأرض لجمع الماء.

خلاصة:

• أزمة المياه أزمة قابلة للحل، غير مستعصية ، من خلال دمج حلول الموروث التاريخي الحضاري مع الحلول الحديثة

• أزمة المياه تتطلب حلول وطنية مبدعة، من قبل كفاءات وطنية مقتدرة ، وهي متوفرة، بديلاً عن الحلول المستوردة الفاشلة التي عمقت الأزمة بدلاً من حلها

• وجوب صياغة استراتيجية مائية، آنية ومتوسطة وبعيدة المدى، تعتمد معطيات وطنية محلية موضوعية علمية حقيقية وواقعية ، بديلاً عن السياسات المائية التي أعتمدت كاستراتيجيات، عمقت الأزمة، بناء على طلب صندوق النقد والدول المانحة.

• المطلوب تغيير النهج ، الذي يعتمد المياه سلعة خاضعة لقانون الربح والخسارة، الى إعتبارها عنصر تنمية

المصدر: موقع إضاءات الإخباري