كنت في مؤلفاتي قد تناولتُ علمَ الاقتصاد ِكعِلْمٍ أخلاقيّ ، حيثُ تُضْحِي الأخلاقُ معيارَ القُبْح والحُسْنِ في التّصَرُّف، وتناولتُ فيهِ محاورةَ المفكِّرينَ الغربِيّينَ في منظورِهِم للأخلاق(مذهب المنفعة ، بنتام، جون ستيوارت مل، عمانوئيل كنت ......الخ)، والأهمُ عند الفلاسفةِ الوَضْعِيِّينَ والمعاصرينَ،منهم:

"كارناب،والبروفيسور ايير )الّذِينَ لم يقفوا فقط عند نَفْيِ الطابِع ِ المطلَق ِ للأخلاق، بل نفوا أن يكون هناك ثمة قضايا أخلاقية أصلا، ويبدو أن الفكرَ الليبرالي الذي يسودُ في العديدِ من دُوَل ِ العالم، وإنْ كان بصوَرٍ تتباينُ أحياناً، قد أضحى التعاملُ معهُ شِبْهَ مُسَلَّماتٍ تسودُ سياقَ السلوكِ اليوميّ للإنسان. _ يُمكِنُ العودةُ إلى كتابي الموسوم :( الاقتصادُ السياسيُّ المعاصرُ للفكرِ الإسلاميّ ) للاطلاع بشكل موسع على هذا الموضوع.

_ في فكرنا الإسلامي الأخلاقُ في أعَمِّها تَرِدُ تحت مسمى الحُسن والقُبح، في احداثِ الفعلِ أو تجنُّبِهِ، وفقاً للفضيلة، كمقوِّمٍ للنفسِ البشرية، و تستندُ في خلفِيَّتِها الفكريةِ على العقلِ وتعضيدِهِ بالتنويرِ الإلهيّ(الشرع ).

_ مشهدٌ واقعيٌّ يُجَسِّدُهذا المَنْحى الفكرِيَّ للمَنظورِ الإسلاميِّ تُقَدِّمُهُ لنا البطولاتُ الجهاديةُ على طريق ِالقدس ،الشهيدانِ البارّانِ : السيدهادي،

والحاج عباس،(طبعا ليس تمييزاً عن قوافلِ الشهداءِ، معاذَالله،وإنّما حالةٌ مُضافةٌ مُتَمَيِّزَةٌ جسّداها

باستشهادهِما)، نعرضها بالشكل ِ التالي:

_ في عُرْفِ العقل ِ الجَمْعِيّ والذي أعتقدُ جازِماً أنّهُ من مُخَلّفاتِ الثقافة الِاجتماعية، سواءً الليبراليةِ أو سيادةِ التقاليدِ في مجتمعاتِ العالم، ووَفْقاُ لمفاهيمِ السلطة، الحاكم، النخبة، والعائلة الحاكمة.

فإن أبناءَ مَنْ هُمْ على رأسِ الهرمِ المُجْتَمَعِيّ،سواء كانَ حاكماً،أومسؤلاًكبيراً،أوحزباً، أوعائلة.......الخ، فهم بمعظمهم، يتمتَّعونَ بِنَمَطِ حياةٍ سِماتُهُ الرفاهيةُ والعيشُ الرّغيدُوالِامتيازات وبسلوكِ مَنْ سَيَرِثُ، الموقعَ الأعلى؛ وما أكثرَ الشواهدَ على ذلك، خاصةً عندنا في لبنانَ، وفي هذا العصر.

_ الشهيدان ِ البارّان ِ،السيد هادي، والحاج عباس: إبنا الأمين ِ العام، ورئيس كتلة الوفاء للمقاومة، البرلمانية، كانا مقاتِلَيْن مُجاهِدَيْنِ يعيشان حالةَ مَنِ اِكْتَمَلَتْ فيهِما، وتجسدتْ قِيَمُ السماءِ في نهج ِ حياتِهِما، يحدُوْهُما إيمانُهُما العميقُ في تقديمِ أسمَىٰ غايةِ التضحية: ( الشهادة ).

◦ أوَلَيْسَتْ هذه حالةً متميزةً جسَّدَتْ قِيَمَ السماءِ وإيمانَ الأرض، وأعطتِ الدّليلَ على اِرْتِقاءِ النَّهْجِ التّربَوِيّ لِمعنى الأخلاقِ في الفكرِ الإسلامِيِّ ورِسالَةِ المقاومةِ الإسلاميّّةِ في لبنان. بالتأكيدِ، هاماتُنا أعلى بِاستِشهادِكُما أيُّها الحبيبان ِ: هادي وعباس.