كتب الأستاذ حليم الشيخ: حل الدولتين ومرض الأمة
مقالات
كتب الأستاذ حليم الشيخ: حل الدولتين ومرض الأمة
حليم الشيخ
27 تشرين الثاني 2023 , 05:55 ص


أن يخرج المرشح الديمقراطي بيرني ساندرز يتحدث عن أن عملية السابع من أكتوبر عطلت الحل السلمي الذي كان يجري العمل عليه يمكن فهمه من موقع ان الأميركيين، بما في ذلك ما يسمى اليسار في الحزب الديمقراطى، ضالع في مشروع تحويل الوطن الفلسطيني إلى مجرد قرى بلدية متناثرة تحت سلطة الدولة اليهودية الخالصة بانتظار القضاء النهائي على هذا الوجود...

في النهاية، هل يمكن لوم ساندرز على موقف يتبناه معظم النظام الرسمي العربي، ولا يخجل نديم قطيش ولا سكاي نيوز الإماراتية أو "العربية" السعودية عن ترداده ليل نهار...

أن يصل الأمر بساندرز إلى رفض وقف إطلاق النار في غزة تحت هذه الحجة هو قمة الانتهازية في العصبية الصهيونية...

أن تخرج علينا هيليري كلينتون تقص اكاذيب عن رفض السلطة الفلسطينية لحل الدولتين وتصف حماس بالإرهاب هو أيضاً أمر طبيعي لأن طرق السلطة والمال في أميركا محصورة بأيدي أصحاب المليارات من المسيحية الصهيونية...

لكن أن يلوم الاستاذ سركيس نعوم الشعوب العربية عامة، والشعب الفلسطيني خاصة على عدم الخضوع لمنطق القوة وميزان القوى في الصراع على فلسطين... هنا ندخل في السوريالية السياسية...

لو كان الأستاذ نعوم يجهل ما كان يدور في المحادثات أيام الرئيس الأميركي بيل كلينتون بالنسبة لطرح حل الدولتين، لقلنا أنه عذر اقبح من ذنب...

لكن أن يعود الأستاذ نعوم ويتحدث عن أن ما طرح على الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات يومها كان ينسف حق العودة عند الفلسطينيين بالإضافة إلى رفض اسرائيل التخلي عن أكثر من ٨٠٪ من المستوطنات... هذا كله ينسف كل الأوهام التي تقول إن الصهاينة أو حتى الأمريكيون يريدون فعلا الوصول إلى حل لا يقوم على تهجير الفلسطينيين أو حبسهم في سجون مفتوحة قبل التخلص نهائيا من هذا الوجود...

لا يكتفي الاستاذ سركيس نعوم بهذا، بل يذهب ابعد من ذلك في لوم العرب عامة والفلسطينيين خاصة بسبب عدم خضوعهم لميزان القوى والقبول بقرار التقسيم سنة 47...

بكلام آخر، يطلب منا الأستاذ نعوم الخضوع لقوانين الغاب وكأننا اليوم نحن نقبل فعلا بقرار دولة على أراضي الرابع من حزيران ٦٧...

ينطلق الأستاذ نعوم من أن إيران قد وافقت على هذا الطرح... وكذلك محور المقاومة...

كيف وصل الأستاذ نعوم إلى هذا الاستنتاج، وحده الرب يعلم...

هل هي زلة لسان؟

مع الاحترام الكبير للأستاذ نعوم بخلاف الموقف من بقية جماعة أميركا...

إلا أنها ليست المرة الأولى...

فقد سبق للأستاذ نعوم الحديث عن إيمانه بالقيم الأميركية...

ليته يعدد لنا هذه القيم...

طبعا لا نختلف مع الأستاذ نعوم على تفوق اميركا العلمي والتقني...

كما قد نشاهد انتاج هولييود أكثر من مشاهدة انتاج الآخرين...

قد نلبس الجينز...

لكن في كل هذا لا يجد المرء تلك القيم التي يجدر احترامها...

حتى الديمقراطية في أميركا مشوهة لأنها مبنية على قوة التمويل...

صحيح أن المظاهرات التي خرجت في أميركا تأييداً للفلسطينيين أكثر من غيرها في بقية الغرب...

كما صحيح أن حرية التعبير في أميركا افضل منها في السعودية أو الإمارات أو البحرين...

إلا أن كامل التاريخ الأميركي لا يحمل أي قيم قد تجعل من هؤلاء قيمة مضافة إلى الفلسفة أو المنطق...

من تصفية السكان الأصليين إلى موجات العبيد في مزارع القطن، إلى اضطهاد حتى البيض من الكاثوليك والارثوذكس والتعامل معهم على أساس أنهم مواطنون من الدرجة الدنيا...

هل تظهر القيم الأميركية في هيروشيما أو ناكازاكي أو فيتنام أو لاووس أو العراق أو فلسطين...؟

أم هي القيم الأميركية التي ظهرت في إنشاء القاعدة ومن بعدها داعش والقيام ليس فقط بسرقة النفط السوري، بل حتى بإحراق حقول القمح لكي تنتشر المجاعة في سوريا...؟

عفوا استاذ نعوم...

لكن الحمدلله الذي جعل الاسرائيليين والأمريكيين يتمادون في رفض إعطاء أصحاب الحقوق حتى لجزء من حقوقهم لأن هذا ما أدى إلى أن نصل إلى اليوم الذي لا نرضى، ولن نرضى بأقل من شعار من البحر الى النهر، فلسطين سوف تكون حرة...

نعود إلى مشروع الدولتين...

هل نعود إلى قرار التقسيم لسنة 47، أم يجب علينا الانتقال الى مشروع دولة الضفة والقطاع...

أم أن الواقعية السياسية تفرض علينا القبول بأقل من هذا لأن أصحاب الفخامة والجلالة يريدون الانتهاء من هذه المشكلة حتى ولو عبر قتل المريض لأنه لا يموت بالسرعة الكافية...

ربما معك بعض الحق حين تقول أن الواقع الجديد يمنع رمي اليهود في البحر...

لا احد يريد رمي أحد في البحر...

كل ما في الأمر أن هناك حق عودة يجب أن يطبق بالكامل لأنه حق شخصي مقدس...

لا يملك أي كان التخلي عن هذا الحق...

تماماً، كما لا يحق لأي كان التخلي ولو عن شبر من الأرض...

أخطأ ابو عمار في أوسلو حين وثق بالغرب...

لكنه قطعاً، لم يخطئ حين رفض إعطاء الذليل...

الحل في فلسطين يجب أن يقوم على منع التطهير العرقي...

منع الترانسفير...

محاكمة كل مجرمي الحرب...

عودة كل الفلسطينيين إلى كل الأملاك التي تعود إليهم...

كما انتصر الفيتناميون وغيرهم لا بد نحن منتصرون أيضاً...

أما ميزان القوى...

فهو رغم الكم الهائل الذي تتمتع به أميركا من القوة النووية والمالية...

يكفي أن يقرر مجموعة من أمثال الدكتور وديع حداد أو كارلوس أو كاسترو أو غيفارا حتى تتغير هذه الموازين...

يكفي أن يقرر من لا يملك شيئا يخسره أن يضرب المصالح الأميركية اينما كان حتى تتفتت إمبراطورية الشر هذه...

ليست المسألة، مسألة يوم او إثنين...

لكن لا بد أن يظهر من يقول للفرعون المعاصر أن عهد الفراعنة اقترب من النهاية...

ما حدث في السابع من أكتوبر نسف كل عصر الذل العربي...

حتى أجساد الأطفال الممزقة لا تلعب سلبياً في تاريخ التفوق الأميركي...

كما انتصر الدم على السيف قبلا...

كما انتصر صبر المسيح على الصليب...

سوف ينتصر الفلسطينيون...

السابع من أكتوبر كان مجرد بداية سوف تنتهي بهرب المستوطنين ومعهم كل جراء الفلسفة الصهيونية...

حليم الشيخ

المصدر: موقع إضاءات الإخباري