حوار خاص مع الكاتب والباحث السياسي ايهاب شوقي
أخبار وتقارير
حوار خاص مع الكاتب والباحث السياسي ايهاب شوقي
29 تشرين الثاني 2023 , 10:35 ص

من جمهورية مصر العربية الاستاذ 

إعداد وإشراف وحوار /

عدنان سنجد


حسين المير



 في بداية الحوار يسعدنا إستضافة الأستاذ إيهاب شوقي في حوار موقع إضاءٱت .. بيروت للإضاءة على كامل التطورات في غزة بعد عملية طوفان الأقصى والعدوان الصهيوني وصولاً إلى الهدنة بين الطرفين. .

من عملية طوفان الأقصى البطولية التي نفذتها المقاومة الفلسطينية الباسلة ومن خلالها ونتائجها تغيرت المعادلات وأثبتت أن العين تقاوم المخرز وقد اوجعت

العدو الصهيوني المتغطرس رغم كل التضحيات والدماء والشهداء الذين سقطوا والجرحى والاصابات والتدمير الشامل الذي استهدف الاطفال والنساء والشيوخ والمشافي والمدارس وفعلت مالم تفعله الجيوش العربية عبر تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي الطويل .

أستاذ إيهاب سؤالي الاول لحضرتك ..

أثبت محور المقاومة..وعبر وحدة الساحات في فلسطين ولبنان والعراق وسوريا وإيران واليمن

على إمكانية المواجهة و الانتصار رغم الدعم الهائل لإسرائيل من قبل امريكا أوروبا وبعض الأنظمة العربية..وأن ماقبل معركة غزة ليس مابعده ..

برأيكم : هل كان الدعم الذي قدمه محور المقاومة

لغزة وشعبها ومقاومتها السبب الرئيسي في صمودها

وصمود شعبها ومقاومتها حتى إعلان اتفاق الهدنة

وإخفاق الجيش الصهيوني في الحسم العسكري الذي توعد به .؟؟.

أجاب الأستاذ إيهاب ..

- بداية نحن لازلنا في قلب المعركة ولا يمكننا أن نحكم على نتيجتها إن كانت نصرا أو هزيمة إلا بعد انجلاء غبار الحرب وتقييم النتائج.

ولكن يمكننا القول بأن عدوا غاشما كالكيان الصهيوني ويعمل بيد طليقة متحررة من كافة القوانين والأعراف ويمتلك الة قتل متطورة ومعه قوة عظمى أمريكية بأساطيلها وإمداداتها له من الذخيرة والقنابل الفتاكة ودعمه اقتصاديا، ومعهما نظام عربي إقليمي في أغلبه متواطئ وعميل، يحارب حركة تحرر وطني وشعبا أعزل، ولم يستطيع رغم كل ذلك تحرير أسراه ولا خلخلة بنية حماس التنظيمية ولا حتى اكتشاف أنفاقها ولم يحصل على أسير واحد سوى بالتفاوض وباتفاق للهدنة.

ومن هذا المنظور فإن الكيان مهزوم عسكريا وأخلاقيا، ولكن الحروب دوما لا تكون نتائجها عسكرية وأخلاقية فقط، ولكن لها منظومة متكاملة تشمل النتائج السياسية والتموضعات الاستراتيجية.

لذلك فإن ما يدور حاليا من تفاوضات سياسية يحدد مسار بقية الجولة الراهنة، وبعد انتهاء مسارها يمكننا تقييم النتائج بشكل شامل.

وعن دور محور المقاومة، فهو دور رئيسي في صمود المقاومة وكذلك في حرمان العدو من النصر وتحقيق أهدافه، لسببين:

الأول: أنه شكل معادلا موضوعيا للتدخل الأمريكي، حيث ثبت مفهوم وحدة الساحات وأرسل لأمريكا رسالة واضحة بأنها ستدفع كلفة دعمها المطلق للعدوان الإسرائيلي، وهو ما حد كثيرا من اليد الأمريكية الطليقة في توفير الغطاء للإجرام وتصفية المقاومة.

الثاني: أنه وعلى المستوى العسكري نجح في خلخلة قوات العدو وسحب فرق كاملة للشمال في الجبهة مع لبنان وكذلك تشتيت دفاعاته الجوية عبر الصواريخ المنطلقة من لبنان واليمن والجولان، ناهيك عن الضغط على الجبهة الداخلية.

ولعل ربط مدى التدخل من المحور بمدى ما يحدث بغزة شكل شغطا كبيرا على العدو، والأمر لايزال مفتوحا وفقا لتطور المسار حيث لانزال حتى الآن في قلب الجولة.

أستاذ إيهاب سؤالي التالي. ..

منذ بداية عملية طوفان الأقصى والعدوان الصهيوني الانتقامي على غزة وأطفالها كان لأمريكا الدور الكبير

في إدارة المعركة وإرسال المساعدات والأسلحة والمشاركة في العمليات الجوية على غزة ..

برأيكم : لماذا سارعت امريكا نفسها لقيادة الحرب

على غزة .؟؟.

أجاب الأستاذ إيهاب ..

- يمكننا الاسترشاد بمقولة الرئيس بايدن والتي قالها 1986 وكررها مؤخرا في زيارته لتل أبيب، وهي "إذا لم تكن هنالك اسرائيل لاخترعناها"، وهي مقولة تختصر حجم الأهمية، بل، وحجم الضرورة الأمريكية لوجود الكيان الصهيوني.

وباختصار شديد، فإن "اسرائيل" هي كيان وظيفي لخدمة الاستعمار، وعندما نتحدث عن الاستعمار فإن رأسه الأول في العصر الحديث هو الولايات المتحدة.

وهذا الكيان الصهيوني يمثل رأس الحربة للمصالح الأمريكية والحليف الوحيد الموثوق لديها، والكيان يعد نموذجا مصغرا من أمريكا التي قامت على اغتصاب الاراضي وتهجير السكان وتوليف مجتمع غير متجانس يحمل شكل الدولة ولكن مضمونه هو مضمون الشركة الربحية، ومعظم كيانات وكارتيلات الاقتصاد الاستعماري على علاقة بهذا الكيان.

ومعظم الشركات الناشئة التكنولوجية والتي تشكل ما يعرف بـ"وادي السيليكون" لها فروع بالكيان والذي بات يعرف في الاوساط التكنولوجية بـ"أمة الشركات الناشئة"، ووادي السليكون وشركاته بات يمثل ذراعا في الهيمنة والمنافسة الدولية وهو جبهة الصراع الامريكية الصينية الرئيسية حاليا وربما يحتل المركز الاول في الصراع بما يفوق مركز الطاقة ودورها في الصراعات، كما يمثل موقع الكيان اختراقا للأمة العربية يفصل جناحيها وتحديدا الشام ومصر، وهو مطلب استعماري تقليدي، ناهيك عن الصراع الروسي الأمريكي وما يمثله الكيان من حائط للتمدد الروسي وتعاونه مع المنطقة.

وبالتالي، فإن الحرب هنا هي حرب أمريكية ودفاع عن النفس الأمريكية الاستعمارية، وهو مايشير أيضا إلى حجم التهديد الوجودي للكيان والذي استدعى هذا الحضور الأمريكي السريع والمكثف.

أستاذ إيهاب ...

بعد الهدنة التي اتفق عليها بين جيش الإحتلال الإسرائيلي وفصائل المقاومة الفلسطينية وتبادل الأسرى

والعمل على تمديدها ..

ماهو السبب الرئيسي بنقل عمليات الجيش الاسرائيلي إلى الضفة الغربية وخصوصاً مدينة جنين ..

وهل ترى أن الهدنة ستمدد لفترة طويلة باتفاق الطرفين

أم ستعود العمليات العسكرية على غزة مجدداً .؟؟.

أجاب الأستاذ إيهاب ..

- رغم أن الحرب تقليديا تجري مع غزة، إلا أن العين الصهيونية دائما على الضفة، فهي الأهم استراتيجيا للكيان.

ليس للعدو أطماع راهنة في غزة أو مصلحة عاجلة في اعادة احتلالها وكان حلم الكيان الدائم أن تغرق في البحر لأنها تشكل كلفة للكيان من الناحية الأمنية واستنزاف دائم، بينما الضفة فهو يعلن أطماعه بها ولا يتحدث عنها إلا بلغة توراتية حيث يسميها "يهودا والسامرة"، وهي من ضمن مشروعه الاستيطاني الرئيسي وهي الأقرب لمراكزه الحيوية وللقدس وهو عامود المشروع الصهيوني.

وبالتالي، فإن حلم العدو هو أن تبقى غزة محايدة وكامنة وراء حدودها وخالية من المقاومة ومن اي تهديدات لمستوطناته ومن اي صواريخ تشكل تهديدا لعمقه الاستراتيجي.

أما الضفة فهو يعمل على ابتلاعها قطعة قطعة، ويقطع الطريق على تنامي أي مقاومة بها حتى لا تتحول إلى غزة جديدة أو جنوب لبنان جديد.

ومن هنا فإن عدوانه على جنين وهي بؤرة المقاومة في الضفة ليس غريبا بحكم مطامعه ونظريته الأمنية في الضفة عموما وبحكم الهدنة التي لا تشمل الضفة، وبالتالي باتت الضفة معها فريسة للعدو.

أستاذ إيهاب سؤالي لكم ..

قراءتكم للمشهد حول العمليات العسكرية التي نفذها محور المقاومة إن كان في جبهة لبنان أو في العراق وسورية ومن جهة اليمن دعما للشعب الفلسطيني ولغزة

وهل بتقديركم : هذه العمليات كانت كافية حسب تصريحات سابقة لقادة المحور .؟؟.

أجاب الأستاذ إيهاب ..

- المحور أعلن بشكل عام أنه يربط تدخله بما يحدث في غزة وتطور الوضع بها، ولم يحدد سقفا للتدخل، بل اعلن عن أن جميع الاحتمالات مفتوحة، وتنوعت التصريحات التي ترسل هذه الرسالة بين ايران والتي قالت ان الصراع سيتوسع، وبين لبنان، حيث قال السيد نصر الله اننا لن نكتفي بذلك والعين على الميدان، وبين العراق الذي استهدف القواعد الأمريكية، وسوريا التي تقدم الغطاء السياسي والعسكري لفصائل المقاومة وتنطلق من الجولان استهدافات للعدو بعضها معلن وبعضها غير معلن، وبين اليمن التي قطعت شوطا متقدما بإعلانها حصارا بحريا على العدو ولم تكتفي باستهدافه بالصواريخ والمسيرات.

بالتالي ما يحدث هو رسالة وعندما يستأنف العدو حربه وعدوانه فنشهد يقينا رسائل أقوى وربما انزلاقات كبرى، فلنرتقب.

أستاذ إيهاب سؤالي الأخير لحضرتك ..

ماهي الاسباب الحقيقية لتراجع مواقف الشعوب العربية

تجاه القضية الفلسطينية علما أن الشعوب العربية كان لها الدور الكبير في دعم قضايا الأمة المحقة حيث رأينا الضعف والتقصير في الشوارع العربية وخاصة في الشارع المصري الذي كان يعتبر القدوة والقائد لكل الشعوب العربية في الحقبة الماضية .؟؟.

أجاب الأستاذ إيهاب ..

- لايمكن الاستهانة بحجم التخريب الذي حدث في الوعي العربي، كما لا يمكن أيضا التسامح مع هذه الحالة السلبية وتبريرها.

ولكن مانقوله انها نتيجة طبيعية لتراكمات معقدة، منها ما هو سياسي باستبدال العداء مع الصهاينة والاستعمار لعداءات فرعية داخلية على اسس طائفية وعرقية ومذهبية وهو ما جعل العداء الرئيسي مع الصهاينة وامريكا تتراجع حدته، وكذلك الخطاب الديني التكفيري والذي لم يركز على الاستعمار والصهاينة واسترداد الحقوق، بل ركز على الطائفية، وكذلك العوامل الاقتصادية التي اثرت بالسلب على حمية الشعوب وحماستها، تارة بتسييد النمط الاستهلاكي والترفيه والذي يتراجع معه الوعي والضمير، وتارة بالفقر المدقع والذي يجعل الشعوب مهمومة بقوتها كأولوية متقدمة، ناهيك عن تزييف التاريخ وتشويه المقاومة بالدعايات السوداء، واضفاء صفات البطولة على شخصيات مفرطة وخائنة وهو ما خلق تشتتا للوعي نتج عنه تشتتا للحركة والوحدة على الثوابت.

وفي مصر ورغم ان القضية ماثلة في وجدان الشعب المصري والذي له ثارات شخصية وعميقة مع الصهاينة، انعكست حالة السلبية العامة التي نتجت عن القمع والإفقار وفقدان الجدوى من الثورات، على حالتها في التعبير عما يجول في وجدانها، فباتت تحتفظ بمشاعرها دون قدرة على التعبير، وهو ما انعكس على القضية الفلسطينية وبدا معها التعبير الشعبي غير لائق لا بالقضية ولا بحقيقة المشاعر الشعبية تجاهها.

في نهاية هذا الحوار المميز والمعلومات والقراءة التي

حصلنا عليها وكان لنا شرف اللقاء .

من فريق عمل اضاءٱت بيروت كل التقدير والاحترام

للأستاذ / إيهاب شوقي .

والشكر موصول للأستاذ شاكر زلوم

رئيس تحرير موقع إضاءٱت الإخباري

المصدر: موقع إضاءات الإخباري