عدنان علامه / عضو الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين
بتاريخ الثلاثاء 24 تشرين الأول/اكتوبر الماضي، عقد مجلس الأمن الدولي جلسة طارئة جلسة حول الوضع في الشرق الأوسط بما فيه القضية الفلسطينية، يشارك فيها إضافة إلى أعضاء المجلس الخمسة عشر، أكثر من 90 متحدثا، وفق ما هو منشور على موقع المجلس الإلكتروني.
وفي كلمته قال غوتيريش: "من المهم أن ندرك أن هجمات حماس لم تحدث من فراغ، وأن هذه الهجمات لا تبرر لإسرائيل القتل الجماعي الذي تشهده غزة".
وأكد غوتيريش أن "الشعب الفلسطيني تحت احتلال خانق منذ 56 عاما"، مضيفا: " أكرر دعوتي إلى وقف إطلاق نار إنساني فورا".
أثارت شهادة غوتيريش وتوصيفه للواقع بدقة متناهية وموضوعية علمية سخط العديد من مندوبي الدول؛ وجن جنون المندوب الإسرائيلي وتطاولوا عليه ودعوه إلى تقديم إستقالته.
وفي سابقة تاريخية لم يأخذ مجلس الأمن برأي الأمين العام للأمم المتحدة الذي يعتبر أساسًا قبل إتخاذ أي قرار.
وأعرب عن "قلق عميق بشأن الانتهاكات الواضحة للقانون الانساني الدولي التي نراها في غزة"، قائلا: "لنكن واضحين: كل طرف في أي نزاع مسلح ليس فوق القانون الإنساني الدولي".
وأما اليوم في السادس من سبتمبر وبعدما تيقن غوتيريش أن "القتل الجماعي" - بحسب تعبيره- الذي تشهده غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي بات بهدد مصير الشعب الفلسطيني؛ وعندما وجد أن الدعم الأمريكي والأوروبي ومعظم الدول العربية والخليجية اللا محدود قد غير مفاهيم الأمم المتحدة حول القانون الدولي الإنساني والتي عبر عنها في جلسة مجلس الإمن بتاريخ 24 تشرين الأول الماضي بقوله : "كل طرف في أي نزاع مسلح ليس فوق القانون الإنساني الدولي".
َوقد تيقن غوتيريش أن إسرائيل وبدعم أمريكي ودولي وحتى أممي قد ألغت القانون الإنساني الدولي؛ وأحلت محله قانون الإنتقام العنصري المتمثل بالإبادة العرقية للعماليق (الفلسطينيين)؛ فلجأ إلى الطلقة الأخيرة مَن الصلاحيات المتبقية في جعبته؛ فأرسل خطابا لمجلس الأمن تفعيلا للمادة 99، حول الوضع في فلسطين وإسرائيل باعتباره تهديدا للسلم والأمن الدوليين.
وقال الأمين العام في خطابه لرئيس مجلس الأمن الدولي، إن المدنيين في أنحاء غزة يواجهون خطرًا جسيمًا. وأشار إلى مقتل أكثر من 15 ألف شخص، وفق التقارير، منذ بدء العملية العسكرية الإسرائيلية، يمثل الأطفال أكثر من 40% منهم بالإضافة إلى إصابة الآلاف بجراح.
وأشار الأمين العام إلى تدمير أكثر من نصف جميع المنازل في غزة، والتهجير القسري لنحو 80% من السكان البالغ عددهم 2.2 مليون شخص، إلى مناطق متقلصة في المساحة.
وأكد غوتيريش "عدم وجود مكان آمن في غزة"، وعدم وجود حماية فعالة للمدنيين. وتحدث عن انهيار نظام الرعاية الصحية، وتَحَوُّل المستشفيات إلى ساحات للمعارك.
وأشار غوتيريش إلى قرار مجلس الأمن رقم 2712 الذي يدعو إلى توسيع نطاق توصيل الإمدادات لتلبية الاحتياجات الإنسانية للسكان المدنيين وخاصة الأطفال. وقال إن الظروف الراهنة تجعل القيام بالعمليات الإنسانية ذات المغزى، أمرا مستحيلًا.
فهل سيمتثل مجلس الأمن لطلب الأمين العام للأمم المتحدة؟ أو سيمتثل للإرادة الصهيوامريكية وتعطل صلاحيته كما عطلت كافة بنود القانون الإنساني الدولي وخاصة بعد القضاء على القطاع الصحي كليًا في غزة؟
ويمكن تلخيص آلية مؤامرة الإبادة الجماعية التي تنفذها إسرائيل حاليًا: من نجا من التدمير المنازل على رؤوس ساكنيها، سيموت ألمًا ومرصًا أو جوعًا أو نتيجة إصابته بالأوبئة نتيجة لخرق إسرائيل لكافة بنود القانون الإنساني الدولي من تدمير المستشفيات ومنع الغذاء والماء وتدمير البنى التحتية والتهجير القسري إلى اللامكان.
سننتظر بفارغ الصبر قرار مجلس الأمن بمحاولة الأمين العام الأخيرة لوقف القتل الجماعي للفلسطينيين في قطاع غزة.
وإن غدا لناظره قريب
07 كانون الأول/ ديسمبر 2023