جورج حدادين
دعم المقاومة الفلسطينية من أجل إنهاء الكيان الصهيوني، مصلحة عليا للأمة العربية وكافة شعوب المنطقة، لماذا؟.
من زرع هذا الكيان في جسد أمتنا، وتحديداً في نقطة فصل جناحي الأمة عن بعضهما، المشرق والمغرب العربي، هو المركز الرأسمالي العالمي بسبب مصالح هائلة في المنطقة.
ولماذا زرع هذا الكيان؟
من اجل ضمان مصالح الشركات العملاقة، وحجز إمكانية بناء دولة الأمة العربية.
" المركز الرأسمالي العالمي " بشكليه الاستعمار المباشر ، بريطانيا التي أسست هذا الكيان، والهيمنة ، الولايات المتحدة الأمريكية التي تقاتل بشراسة، على حساب مصالح شعبها، في سبيل حماية الكيان.
صرح رئيس الولايات المتحدة، بايدن حديثاً، " لو لم تكن إسرائيل موجودة لوجب علينا إيجادها " وهو ينطق هنا بأسم الشركات العملاقة متعدية الجنسيات، التي تحقق الأرباح الهائلة جراء الهيمنة على هذه المنطقة، على حساب بؤس وفقر وجوع شعوب هذه المنطقة،
وكونه ( الكيان) يحافظ على مصالح المركز الرأسمالي العالمي ويضمن إستمرار نهب ثروات ومقدرات هذه الأمة الهائلة، وفي المقدمة ثروات الطاقة: النفط والغاز والصخر الزيتي، وخامات المعادن، والموقع الإستراتيجي العالمي، فأن ضمان وجوده من قبل المعسكر الرأسمالي مقدس ولا يجب المساس به.
نستعير من علم الزلازل هذا المصطلح،
طوفان الأقصى " أحدث زلزالاً بقوة 10 درجات على مقياس رختر" أنتج وسينتج تداعيات هائلة منتظرة على كافة الصعد: المحلية والأقليمية والعالمية
• على الصعيد المحلي: إعادة الثقة بالذات وبالروح والكرامة الوطنية للشعب الفلسطيني، وولّد حالة من النهوض الوطني العارم، حيث عصبة ضئيلة من المقاتلين الأشاوس، اجتاحت جداراً هو الأكثر تحصيناً في العالم ، عسكرياً أمنياً وتكنولوجياً، جداراً منغرساً عدة أمتار في باطن الأرض ومرتفعاً عدة أمتاراً فوقها، أعتقد العدو أنه الحصن الذي من المستحيل تخطيه ، فكيف باجتياحه،
هذا الإجتياح، لم يذهل فقط قادة العدو، العسكريين والسياسيين ومراكز الأبحاث والخبراء والمحللين الإستراتيجين، على صعيد العدو، بل شمل هذا الذهول القيادة السياسية والعسكرية الأمريكية بالإضافة الى قادة الناتو، ومراكز الأبحاث والخبراء العالميين.
كما وأثبت هذا الإجتياح، التفوق الهائل للعقلية الإستراتيجية الفلسطينية ،عسكرياً فنياً وإدارياً، على خبراء الكيان وحلف الناتو مجتمعين، وأثبت القدرة الفذة على استخدام العلم أداة نضالية فعّالة، مما ولّد حالة من الثقة بهذه القيادة وبالقدرة على بلوغ الحل النهائي للقضية الفلسطينية ، عبر ولادة مشروع إنها وجود هذا الكيان، التحرير الكامل لفلسطين من البحر الى النهر، العودة للمنطلقات الأساسية للثورة الفلسطينية، متلازمة تحرير الأرض من الاحتلال وتحرير الإنسان من الظلم والاضطهاد والإستغلال.
من النتائج الهامة المفترضة لطوافان الاقصى، ألتي يمكن البناء عليها نتيجة تضحيات الشعب الفلسطيني بكافة شرائحه، من اجل إعادة بناء وحدة حقيقية للشعب الفلسطيني، على أسس جديدة وموضوعية، ركيزتها وحدة الشرائح الوطنية الكادحة والمنتجة لعموم الشعب، وحدة ممثلي هذه الشرائح، وحدة النقابات والإتحادات الشعبية والمنظمات الجماهيرية، وتخطي مقاربة مصالحة السلطة وفصائل المقاومة ، هذه المقاربة التي ثبت فشلها بإمتياز، خلال عقود من المراهنات ، لا بل من مفاعيلها أن عمّقت إنقسام الشعب الفلسطيني ، وخلقت حالة استقطاب وهمية، لصالح سلطة مستسلمة لطغيان العدو.
وحدة الشعب الفلسطيني غير المرتدة، وحدة المصالح الوطنية للشرائح الوطنية الكادحة والمنتجة، وحدة تستند الى " متلازمة التحرر الوطني والتحرر الاجتماعي "
• على صعيد المنطقة: أحدث، طوفان الأقصى، حالة نهوض غير مسبوقة ، وأعاد الروح والكرامة الوطنية، للأمة العربية جمعاء ،
حالة نهوض تفسح المجال واسعاً أمام فرصة إعادة بناء حركة تحرر وطني عربي، تحمل على عاتقها إنجاز مهمات مرحلة التحرر الوطني المتمثلة في :
كسر التبعية للطغمة المالية العالمية، تحرير الإرادة الوطنية وتحرير الثروات الطبيعية والمقدرات الوطنية المهيمن عليها من قبل المركز الرأسمالي، إحقاق تنمية وطنية تكاملية بين أقطار هذه الأمة، وبناء دولة الأمة.
أحد الشروط الرئيسة لإنفاذ هذا المشروع يتمثل في كسر الذراع الضارب ( الكيان الصهيوني ) للطغمة المالية العالمية في هذه المنطقة، والقضاء على هذا الكيان هو شرط رئيس لتحرير هذه الأمة من، الإستغلال، الظلم، الإستعباد، الهوان ، الإستسلام ، الإحباط، واليأس الذي تعيشه،
وتحويل الثروات الطبيعية الهائلة، والمقدرات الى خيرات تعم المجتمعات، وتمكين أمتنا من أخذ موقعها بين شعوب الأرض، وهي جديرة بهذا الموقع وشعوبها حرية بالتحرر والإنعتاق من ربق العبودية والفقر والجوع والهوان.
• على الصعيد العالمي: من أجمل ما أنجز " طوفان الأقصى " إعادة الإعتبار للقيم الإنسانية النبيلة على صعيد المجتمعات العالمية ، حيث تمثل في أنقلاب مذهل في وعي ترابط التحرر الفلسطيني بالتحرر العالمي من هيمنة الطغمة المالية العالمية، عبر وعي أهمية القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني، تمثل في تعاطف شمل شرائح اجتماعية مختلفة، وغضب واضح جراء وحشية وهمجية الحرب على غزة ، مما فعل فعله في غضون أيام من تحول الى فعل جمعي سيفتح الطريق أمام ثورة اجتماعية عالمية نتيجة وعي المصالح، حيث المصالح محرك النضال ضد الاستغلال والظلم والإضطهاد.
المقاومة الفلسطينية أصبحت بالفعل وفي الواقع، برغبة أو بدون رغبة، قاطرة الثورة الاجتماعية العالمية، وعليها أخذ دورها هذا عبر الارتقاء بمشروعها الوطني الى مشروع أممي ، الفرصة متاحة وواجب اخذ هذا الدور لا مناص منه، لأنه في المحصلة النهاية رافعة حقيقية لإنجاز مهمات التحرر الوطني الفلسطيني،
الحركة الصهيونية حققت حلمها عبر هذا الطريق، والمقاومة الفلسطينية مجبرة على سلوك هذا الطريق
كيف ندعم نضال الشعب الفلسطيني؟
الوسيلة الأنجع لدعم نضال الشعوب المضطهدة،
خلال الحرب الأمريكية القذرة على فيتنام ، ذهب وفد من لجنة مناصرة الشعب الفيتنامي في ألمانيا الى هانوي حيث قابل الزعيم " هوشي من " فكان سؤالهم ، كيف ندعم نضالكم المشروع ضد الطغيان الأمريكي "
فكان جوابه " نضالوا في بلادكم ضد الأمبريالية "
وهذا ما ينطبق اليوم على دعم غزة
الحرب الهمجية على غزة يقودها تحالف " الكيان والناتو وجزء من النظام الرسمي العربي، بينما الجزء الأخر متواطي "
المقاومة الفلسطينية على أرض غزة كفيلة بمقاومة الهجمة، بالمقابل على الشعوب العربية القيام بمهمتها داخل وطنها بالتصدي لدول العدوان وللأنظمة العربية المتواطئة مع هذا العدوان،
خلال العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 شاركت الجماهير العربية مشاركة فعليه في التصدي لهذا العدوان، حيث رفض عمال الموانئ من تحميل سفن دول العدوان، وتم نسف خطوط نقل النفط، وهنا صوت القاهرة من دمشق، استقال مذيعين مصرين وعرب من إذاعة " ال ”B.B. C
النضال من أجل تحرير شعوبنا العربية من الهيمنة الغربية ، هو الدعم الحقيقي لنضال الشعب الفلسطيني
النضال ضد التواجد العسكري الغربي على أراضي أمتنا وفي بحاره ، هو الدعم الحقيقي للنضال الفلسطيني
النضال ضد تزييف تاريخنا الحضاري من قبل مراكز الأبحاث الغربية وأتباعها المحليين، هو الدعم الحقيقي لنضال الشعب الفلسطيني
النضال من أجل بناء مجتمع منتج، هو الدعم الحققي لنضال الشعب الفلسطيني
النضال من أجل تحرير ثرواتنا الطبيعية الهائلة من هيمنة الشركات متعدية الجنسيات، هو الدعم الحقيقي لنضال الشعب الفلسطيني
النضال من أجل بناء دولة الأمة ، هو الدعم الحقيقي لنضال الشعب الفلسطيني
في المحصلة إنجازمهمات مرحلة التحرر العربي، هي الدعم الحقيقي لنضال الشعب الفلسطيني
المظاهرات والإعتصامات والمناشدات والمطالبات ردات فعل إنسانية للشعوب المتعاطفة مع القضية الفلسطينية
بينما واجب الشعوب العربية هو فعل المجابهة مع التحالف المعادي على أرض الواقع من أجل إنجاز مهمات متلازمة التحرر الوطني والتحرر الاجتماعي.