سيرورة استسلام منظمة التحرير الفلسطينية ونشؤ البديل / حلقة 2
مقالات
سيرورة استسلام منظمة التحرير الفلسطينية ونشؤ البديل / حلقة 2
جورج حدادين
21 كانون الأول 2023 , 05:30 ص


كتب جورج حدادين,,

احدث استيلاء الضباط الأحرار، على السلطة في مصر عام 1952 ، حالة نهوض شعبي عربي غير مسبوق، كان من تداعياته أن ولدت حركات ثورية تحررية في الجزائر ، جنوب اليمن، سوريا والعراق،

لا بل فاضت الروح الثورية على أفريقيا .

ثم جاءت نكسة حزيران 1967 التي ولّدت حالة من الصدمة والإحباط لدى جماهير الأمة العربية جمعاء، في حين أن البعض من النظام الرسمي العربي كان قد تشفّى بهزيمة عبد الناصر،

في هذه الأجواء انطلقت المقاومة الفلسطينية ، لتحرير كامل التراب من البحر الى النهر، تحت شعار حرب التحرير الشعبية، وكانت معركة الكرامة عام 1968 التي خاضتها المقاومة والجيش الأردني كتفا الى كتف ، التي ألحقت بالعدو أول هزيمة ،

فتح هذا الانتصار الباب واسعاً أمام حالة صعود هائلة للمقاومة الفلسطينية، وخاصة حركة فتح، وفجّر إلتفاف جماهيري عربي واسع حولها، تبعه إنخراط مناضيلن عرب وعالميين في صفوف الثورة.

وعلى إثرهذا الانتصار تمكّنت حركة فتح تحديداً من السيطرة على منظمة التحرير الفلسطينية، حيث مرحلة المحاصصة، بين الفصائل الفلسطينية، ليس فقط داخل منظمة التحرير بل أصبح نهج شمل معظم المنظمات الجماهيرية،

استغلت حركة فتح حالة الإلتفاف الجماهيري حولها، وفتحت قنوات تواصل مع النظام الرسمي العربي، الذي كان يوصف في ذلك الوقت بالرجعية العربية، حيث حصل لقاء بين ممثلين عن حركة فتح مع القيادة السعودية، ونتج عن هذا اللقاء، عنوان جديد للمرحلة " عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية " تبعه لاحقاً شعار " القرار الوطني الفلسطيني المستقل " أدى تطبيق هاذين العنوانيين، عملياً وعلى أرض الواقع، الى فتح الطريق أمام مسار " فك الارتباط بين حركة التحرر الفلسطيني مع حركة التحرر العربي" الذي كان شرط التمويل السعودي للمنظمة وحركة فتح، تبع شعار" فلسطنة الثورة الفلسطينية" ثم شعار " يا وحدنا " ولم تعد هذه الشعارات حصراً على اليمين الفلسطيني ، بل تم تبنيه ، دون إعلان، من قبل اليسار الفلسطيني،

إثر هذه التحولات انفضت الجماهير العربية والحركات الوطنية العربية عن القضية الفلسطينية، وكذلك حال حركات التحرر في العالم، عن القضية الفلسطينية.

عملياً تحولت منظمة التحرير، رويدا رويدا، من حركة ثورية ، الى طرف في النظام الرسمي العربي، وأختارت طريق المفاوضات، الحل السلمي، بديلاً عن الفعل الثوري، لتحرير فلسطين ، ثم أنخرطت المنظمة على مدى عقود، دون كلل أو ملل، وبدون نتيجة، لا بل، تقدم الكيان خطوات في قضم الأراضي وتقطيع أوصال الأراضي الفلسطينية وحجز إمكانية ما يسمى حل الدوليتين، الحل الذي راهن عليه اليمين الفلسطيني عبرمفاوضات سباق المسافات الطويلة، ترافق ذلك مع انفضاض الجماهير الفلسطينية عن المنظمة وعن الفصائل، فنبت البديل ممثلاً بتيار إسلامي جديد،حماس والجهاد الأسلامي، يدعوا إلى التحرير الكامل بقوة السلاح، وبذلك انتقل مركز الثقل والقوة من المنظمة المنهكة والمستسلمة الى التيار الأسلامي الجديد.

يتبع

المصدر: موقع إضاءات الإخباري