ردت حكومة الولايات المتحدة في 29 ديسمبر عام 1890 على انتشار "رقصة الأشباح" بين السكان الأصليين في محمية باين ريدج في داكوتا الجنوبية بمذبحة كبرى قرب غدير "الركبة الجريحة".
تلك المأساة الدموية التي دخلت التاريخ باسم "مذبحة الركبة الجريحة"، تعتبر واحدة من أكثر حلقات العنف دموية التي نفذتها حكومة الولايات المتحدة ضد الأمريكيين الأصليين.
قبيل ذلك، اشتدت التوترات بين هنود سايكوس والأمريكيين في تلك المنطقة، مع شيوع رقصة الأشباح بين "الهنود" الأمريكيين الجائعين نتيجة إبادة المستوطنين الأوروبيين للثيران المحلية " البيسون "، المصدر التقليدي لمعيشة السكان.
عملاء الحكومة الأمريكية الذين كانوا يعملون في المحميات الهندية أصيبوا بالتوتر مع انتشار رقصة الأشباح، عادين إياها رقصة للحرب.
بنهاية المطاف، أرسل أحد المسؤولين الحكوميين برقية إلى الحكومة الامريكية يطلب فيها دعما عسكريا عاجلا، وكتب مستنجدا في لهجة يائسة: "الهنود يرقصون على الثلج، إنهم متوحشون ومجانين نحن بحاجة إلى الحماية، نحن بحاجة إليها الآن".
الحكومة الأمريكية استجابت وأرسلت 5000 جندي من سلاح الفرسان لاعتقال العديد من القادة الذين اتهموا بالتحريض.
القوات الأمريكية سارعت إلى القبض على أحد قادة الهنود الحمر الأمريكيين وهو الزعيم "القدم الكبيرة"، حين أقام صحبة 350 من هنود "سايكوس" معسكرا بالقرب من غدير الركبة الجريحة.
صبيحة يوم 29 ديسمبر عام 1890 اقتحم الجنود الأمريكيون المخيم وبدأوا في مصادرة على الأسلحة التي عثروا عليها.
فيليب ويلز، وهو من السكان الأصليين، وكان يعمل مترجما مع سلاح الفرنسان الأمريكي وكان ضمن القوة التي أرسلت بهدف "ترويض" هنود سايكوس، وصف ما جرى بين قائد فرقة الفرسان الأمريكية السابعة العقيد فورسيث وزعيم الهنود "القدم الكبيرة" وكان حينها مريضا ولا يقوى على المشي، وقد جر ورمي به على الأرض.
طلب العقيد الأمريكي من المترجم أن يقول لـ "القدم الكبيرة" أنه يكذب بنفيه وجود أسلحة مع رجاله، لأنهم حين استسلموا بالأمس عثر على الكثير من الأسلحة معهم.
بعض هنود سايكوس القريبين اشتد غضضبهم حين سمعوا الحوار، وبدأ أحدهم وهو ساحر أصم كبير في السن كان يرتدي ملابس زاهية متعددة الألوان في أداء رقصة الأشباح ملوحا ببندقية كان يحملها ويصرخ قائلا: "لقد عشت طويلا بما فيه الكفاية، ولكن قد تكون قلوبكم قوية".
انضم إليه في الرقص عدد من الهنود الشباب، وزاد الموقف توترا، وحين أمر بعض الجنود الأمريكيين الساحر الأصم بأن يسلم بندقيته، لم يسمع ما يقولون، فحاول جنود انتزاعها منه بالقوة، وخلال العراك انطلقت رصاصة وبدأت مذبحة الركبة الجريحة.
لا يعرف من أطلق الرصاصة، إلا أن الجنود الأمريكيين سارعوا على الفور إلى فتح نيران أسلحتهم على الهنود، وكان هؤلاء عزل من الأسلحة النارية.
الزعيم "القدم الكبيرة" قتل على الفور وهو مستلق على الأرض، إضافة إلى ما بين 150 إلى 300 من السكان الأصليين نصفهم من النساء والأطفال.
تقول الرواية الرسمية الأمريكية إن فرقة سلاح الفرسان فقدت في تلك "المعركة" حوالي 25 من أفرادها علاوة على إصابة 39 آخرين، إلا المرجح أن أغلب الخسائر في صفوف الأمريكيين كانت نتيجة "نيران صديقة"، بسبب استعمال القوات الحكومية للمدافع في تلك المذبحة.
غادرت القوة الأمريكية المكان بسبب هبوب عاصفة ثلجية، وبعد عدة أيام عادت فرقة إلى المخيم المدمر وتم جمع جثث الهنود المتجمدة ورميها في مقبرة حفرت على عجل ثم التقط الجنود الأمريكيون صورا على خلفيتها، وحصل 20 من جنود سلاح الفرسان على وسام الكونغرس الأعلى في الولايات المتحدة في ذلك الوقت تقديرا لهم على عملهم!
رد الفعل الأمريكي العام على تلك المذبحة كان مرحبا بسبب الكراهية الطويلة التي يكنها المستوطنون البيض تجاه السكان الأصليين، ولم يتعاطف أحد مع الهنود حتى أن ليمان فرانك، الكاتب الأمريكي الذي ألف لاحقا كتاب قصص الأطفال "ساحر أوز العجيب" قد كتب في صحيفة "أبردين ساترداي بايونير" في عام 1891 افتتاحية خصصا للمجزرة قائلا: "كما ذكرت أكثر من مرة، يتطلب أمننا الإبادة الكاملة للهنود. لقد قمنا بقمعهم لعدة قرون، ولكن من أجل حماية حضارتنا، يجب علينا أخيرا مسح هذه الحيوانات البرية الجامحة من وجه الأرض. هذا هو مفتاح سلامة مستوطنينا. خلاف ذلك، ستواجهنا مشاكل مع الهنود الحمر في المستقبل، لا تقل عما كانت عليه السنوات السابقة".