تمكن العلماء في معهد الكيمياء وتكنولوجيا العناصر النادرة والمركبات المعدنية التابع لمركز "كولسكي" العلمي في روسيا من تحقيق إنجاز مهم في مجال الطاقة النووية. حيث أعلنوا عن إنشاء أول مصنع في البلاد لإنتاج حمض البوريك من نفايات محطات الطاقة النووية.

ووفقًا للخدمة الصحفية للمركز العلمي، فإن محطة "كولسكي" للطاقة النووية في منطقة مورمانسك لن تكون بحاجة لشراء حمض البوريك من الخارج بعد الآن، بل سيتم إنتاجه محليًا. ويعتبر حمض البوريك مادة نادرة وضرورية في عدة صناعات، مثل صناعة الزجاج والألياف الزجاجية ومواد العزل الحراري والصوف البيئي والأسمدة وسوائل التبريد والتشحيم.

قبل هذا الإنجاز العلمي، كانت روسيا تعتمد على مصنع واحد فقط لإنتاج حمض البوريك، في حين يصل استهلاك القطاع الصناعي للحمض إلى 25 ألف طن سنويًا. وبسبب العقوبات الاقتصادية التي فرضت على روسيا، زاد الطلب على حمض البوريك بشكل كبير، مما أدى إلى ندرته وارتفاع أسعاره.

تطور العلماء في مركز "كولسكي" العلمي تكنولوجيا فريدة تمكنهم من استخلاص حمض البوريك عالي الجودة من النفايات الناتجة عن المحطة النووية. وبفضل هذه التقنية، ستكون محطة "كولسكي" النووية قادرة على تلبية احتياجاتها من حمض البوريك بنسبة ثلاثة أضعاف أكثر من اللازم.

تم تنفيذ أعمال التشغيل في محطة "كولسكيا" النووية في نوفمبر 2023، وتم إنتاج الدفعة الأولى من حمض البوريك. ومن المتوقع أن يصل إنتاج المصنع إلى 60-70 طنًا سنويًا، بينما يبلغ استهلاك المحطة النووية ذاتها من 20-30 طنًا سنويًا فقط. وسيتم إجراء اختبارات الجودة والتقييم البيئي للمنتج من قبل الحكومة، ومبعد ذلك، تخطط محطة "كولسكايا" النووية للانتقال بالكامل إلى استخدام حمض البوريك المحلي الخاص بها بحلول نهاية عام 2025.

إن هذا التقدم العلمي في مجال إنتاج حمض البوريك يعد إضافة هامة لصناعة الطاقة النووية في روسيا. فهو يعزز الاكتفاء الذاتي للبلاد في إنتاج هذه المادة النادرة والمطلوبة في العديد من الصناعات. كما يقلل من الاعتماد على الاستيراد ويحقق توفيرًا اقتصاديًا ملحوظًا.

بالإضافة إلى ذلك، فإن تقنية استخلاص حمض البوريك من نفايات المحطات النووية تعتبر تقنية مبتكرة ومستدامة. حيث يتم استغلال المواد الناتجة عن عملية توليد الطاقة النووية لإنتاج مادة ذات قيمة وفائدة عالية. ويمكن أن تكون هذه التقنية قدوة للدول الأخرى في مجال إعادة تدوير المواد النووية وتحقيق الاستدامة البيئية.

بشكل عام، يمثل إنتاج حمض البوريك المحلي في روسيا نقطة تحول هامة في صناعة الطاقة النووية. إنه يعكس القدرة التكنولوجية والابتكارية للعلماء الروس في مجال الكيمياء والتكنولوجيا. كما يؤكد التزام روسيا بتطوير قطاع الطاقة النووية بشكل مستدام وفعال، وتعزيز استقلاليتها في إنتاج المواد الحيوية والمهمة.

في النهاية، يجب الإشادة بالجهود المبذولة في معهد الكيمياء وتكنولوجيا العناصر النادرة والمركبات المعدنية ومحطة "كولسكيا" النووية في روسيا. إن إنتاج حمض البوريك المحلي سيعزز القدرات الصناعية للبلاد ويسهم في تحقيق التنمية المستدامة وتوفير موارد هامة للصناعات المختلفة.