كتب الأستاذ حليم الشيخ محمد: أميركا، اسرائيل، ميكرونيزيا، ونارو.
مقالات
كتب الأستاذ حليم الشيخ محمد: أميركا، اسرائيل، ميكرونيزيا، ونارو.
حليم الشيخ
1 كانون الثاني 2024 , 20:39 م

كتب الأستاذ حليم الشيخ محمد: 

صدق او لا تصدق...

هناك دولة اسمها ميكرونيزيا.

هي عضو كامل العضوية في الجمعية العامة للأمم المتحدة؛ عدد سكانها ١١٣ ألف نسمة...

لا تضحك كثيرا..!

الآتي أكثر مدعاة لسخرية الأقدار...!

نارو هي أيضاً دولة تملك صوتاً كاملاً في الجمعية العمومية للأمم المتحدة...!

عدد سكان نارو هذه، ١٢ ألف نسمة...!!

اميركا واسرائيل، دولتان قامتا على الإبادة الجماعية للسكان الأصليين وسرقة الأراضي وأعمال السخرة والنهب المنظم لثروات الكوكب عبر نظام مالي يقوم على طباعة الدولار وإجبار الجميع على احترامه والخضوع له عبر القوة النووية والصواريخ و الأساطيل والجيوش المنتشرة في قواعد عسكرية منتشرة هي بدورها، في كل انحاء الكوكب...

مع أميركا واسرائيل، دولتا ميكرونيزيا ونارو...

لا اعتراض على حق كل الشعوب في حق تقرير المصير، مهما كان حجم هذه الشعوب...

لكن هذه المسوخ الأربعة رفضت في آخر تصويت جرى في الجمعية العامة في الأمم المتحدة منذ أيام على اعطاء اكثر من ١٢ مليون فلسطيني في فلسطين التاريخية وفي الشتات حق تقرير المصير...

أنها ديمقراطية الرجل الأبيض في البيت الأبيض...

لكن مهلاً، الرئيس بايدن مصر على حل الدولتين!

دولة يهودية في فلسطين، ودولة فلسطينية لا نعرف في أي بلد سوف تكون، هذا إذا حصل...

ربما لهذا يغض بعض الاعراب الأنظار عن الإبادة الجارية في غزة...

اميركا ضد تهجير الفلسطينيين إلى سيناء والاردن؛ لكن أمام الكونغرس مشاريع تمويل إقامة غيتو فلسطيني في مصر وإجبار لبنان والأردن وسوريا على توطين من عندهم من فلسطينيين، ومن سوف يأتي عبر جزرة المال حينا، أو عبر ضرب الاقتصاد وبنية الدولة كما يحصل في لبنان، حينا آخر...

هناك ضغط أميركي على بلدان اللجوء كما كندا واستراليا وأوروبا لاستقبال أكثر من مليوني فلسطيني... بالإضافة إلى ما سوف تأخذه اميركا نفسها...

هناك أيضاً مشاريع تمويل توطين اللاجئين الفلسطينيين في البلدان التي يتواجدون فيها بكل تأكيد؛ وسمير جعجع وسامي الجميل وفرقة الزجل من حولهما يعرفون ذلك حق المعرفة...

في غزة بطولات فوق قدرة التحمل البشري...

هذه حقيقة ناصعة البياض...

لكن ماذا يجري في غزة؟

في غزة تجري اكبر عملية تحويل القطاع في المدى المنظور إلى مقبرة جماعية غير قابلة للسكن البشري...

الإجرام والإبادة ليس الهدف منهما القتل فقط كما تفعل اسرائيل بدعم أميركي كامل بالمال والسلاح والذخائر وشراء صمت العالم وتأمين صمت العرب وبقية ما يسمى مؤتمر إسلامي...

كان الاستعمار البريطاني اينما حل يصادر الأراضي باسم المنفعة العامة قبل أن يعيد بيعها بعد فترة للمستوطنين البيض...

هذا ما فعله في جنوب افريقيا وروديسيا (زيمبابوي)...

هذا ما فعله في فلسطين عبر السماسرة العرب من عائلات كان كل همها المال ومرقد عنزة في بلاط الغرب...

كل هذا له معنى واحد فقط...

المشروع الصهيوني المؤقت اليوم، يقوم على فرض يهودية الدولة على كل فلسطين التاريخية بانتظار الوصول إلى الفرات والنيل فيما بعد...

يدار كل هذا على نار حامية بينما العرب قسمان:

قسم "بدُّو يعيش" كما "الغوييم" حسب التوصيف التوراتي... يعني حمير للركوب حسب وصف أحد حاخامات اسرائيل الذي قد يكون زار مصر أو الاردن أو الإمارات أو السعودية أو رقص في البحرين مع جلالة ملكها المعظم وابنه بطل الساحات...

وقسم آخر ممانع... مقاوم... لكن كل همه اليوم أخذ نفس في وقف لإطلاق النار بانتظار الزمان والمكان المناسبين...

طيلة عقود، ونحن ننتظر الزمان والمكان المناسبين وفي الذهن اسرائيل، لا أميركا... رغم علم الجميع أن أميركا هي رأس الأفعى...

في فلسطين التاريخية يعيش هذه الأيام حسب كل الإحصاءات

سبعة ملايين وثلاثمائة الف يهودي...

في فلسطين التاريخية نفسها، يعيش سبعة ملايين وثلاثمائة الف فلسطيني...

حل الدولتين ليس واردا على الاطلاق؛ لا عند الصهاينة اليهود، ولا عند الصهاينة الأميركيين...

أما الصهاينة العرب، فلا قيمة فعلية لهم... هم "الغوييم" وفق المنظور التوراتي...

يقول المؤرخ الفلسطيني رشيد الخالدي الذي كان ضمن الوفد الفلسطيني في الحوار مع الأميركيين طيلة الفترة بين مدريد وأوسلو، إن أقصى ما وصل إليه الاميركيون هو عرض إقامة بلديات فلسطينية تنتخب ممثليها ولا تملك أي حقوق وطنية في السيادة أو الحدود أو المال أو إدارة أمور الدولة...

يختصر الدكتور الخالدي العرض الأميركي بأن حق الفلسطينيين يقوم على جمع القمامة في البلديات... لا أكثر ولا أقل...

يعني لمن لم يفهم من اللبنانيين... مشروع "سوكلين" فلسطيني...

السلطة الفلسطينية هي شركة قمامة كما سوكلين في لبنان...

رفض الوفد الفلسطيني هذه العروض، ليفاجأ بعد ذلك بأن منظمة التحرير ذهبت في أوسلو إلى مفاوضات مباشرة مع الكيان الاسرائيلي وقبلت تقريبا ما عرضه الاميركيون، وما رفضه قبل ذلك نفس وفد منظمة التحرير الفلسطينية في مفاوضة الاميركيين...

حتى كلمة سلطة وطنية تم رفضها من قبل إسرائيل...

اسرائيل تتحدث عن سلطة فلسطينية وليس عن سلطة (وطنية) فلسطينية...

يعني يا جماعة... حتى الاتفاق المسخ في أوسلو مع رابين لم يعط الفلسطينيين أي حقوق وطنية أو سيادية أو مالية على أية حدود، بما في ذلك حدود ال ٦٧...

وحدهم الأعراب يحلمون بحدود ال ٦٧...

اكتفى أوسلو بتخدير الفلسطينيين ريثما يتم زيادة عدد المستوطنين والمستوطنات في الضفة الغربية الذي كان قبل أوسلو لا يزيد على مئة وخمسين ألفاً والذي يزيد اليوم على ثمانمائة وخمسين ألف مستوطن...

وقع ياسر عرفات على وثيقة اغتياله السياسي الذي حصل بانتزاع صلاحياته واعطائها لمحمود عباس قبل أن يتدخل شارون ويساعد الرب في استعادة وديعته، على حد وصف شارون نفسه...

تم اغتيال ياسر عرفات، وبدأ العد التنازلي لاسرائيل الكبرى على فلسطين التاريخية كمرحلة أولى...

يعتبر الكثير من الاسرائيليين أن المهمة لم تنجز بالكامل سنة ٤٨...

سنة ٤٨، تم طرد أكثر من ٧٥٪ من الفلسطينيين عبر ارتكاب المجازر وعبر مسرحية جيش الإنقاذ الذي كان تحت إمرة جنرالات من البريطانيين ولم يزد عدده في الأصل عن عشرة آلاف كان كل هدفهم هو قطع الطريق على المقاومة الشعبية الفدائية أو العمل على عدم تنظيم المتطوعين في جيش حقيقي يقاتل مئات الألوف من اليهود الصهاينة الذين تدفقوا إلى فلسطين...

فيالق وألوية وفرق يهودية مدربة آتية مباشرة من قلب الجيوش الأوروبية في أوكرانيا وبولندا وتشيكوسلوفاكيا وغيرها... وحتى الاتحاد السوفياتي...

هذا تاريخ نعرفه جميعا...

لكنه تاريخ لم نتعظ منه جميعاً...

يتحدث بعض الجهلة العرب عن اللوبي الصهيوني وكأن ما يملكه عرب الخليج من مال لا يكفي لإنشاء لوبي عربي...

هي نكتة سمجة على كل حال...

لا أغنياء العرب في وارد لعب هذا الدور، ولا الاميركيون بهذه السذاجة لقبول هكذا دور...

العلاقة بين أميركا واسرائيل هي ليست فقط في التشابه في إقامة الدولة على جماجم السكان الأصليين...

وهي ليست فقط في وحدة المصالح كما قد يزعم الكثيرون رغم أن المصالح تلعب دورا لا بأس به دائما...

القصة اساسا، وقبل كل شيء، هي في معاداة العروبة...

كما هناك تعبير معاداة السامية الذي نتهم به ليلا نهاراً، هناك مفهوم معاداة العروبة، أجل

Anti- Arabism ..

وبما أن الأغلبية الساحقة من العرب مسلمون، وبما أن العروبة والإسلام توأمان تقريبا، يتمدد هذا المفهوم عند الأميركيين والغرب حتى يطال كل المسلمين...

والا كيف يمكن فهم الحملة الأميركية لاقتلاع الدين الاسلامي الذي نجحوا فيه في الفيليبين وتايلند حتى ولو صرخ الاميركيون باعلى صوت أنهم يدعمون الإيغور في الصين أو المسلمين في بورما أو أذربيجان...أو القاعدة أو داعش أو النصرة أو بقايا الخلايا الإخوانية العميلة...

في تلك البلدان الهدف هو الصين وروسيا وإيران، وطبعا العالم العربي النائم...

أما في البلقان، فقد تم تحويل مسلمي البوسنة وكوسوفو إلى بيادق أطلسية...

فعلها نابليون قبل قرنين من الزمن...

كما فعلها هتلر...

هكذا يكون الدين أحياناً مطية الإستعمار...

أمس قام الاميركيون بالقضاء على ثلاث زوارق للحوثيين في البحر الأحمر...

استشهد عشرة شباب من أنصار الله، كل واحد فيهم ظفره بذقن ابن الكلب بايدن...

قبل الامس اغتال الكيان أحد قادة فيلق القدس الشهيد رضي الموسوي...

قبل قبل الأمس، سقط تسعة عشر مقاتلا من الحشد الشعبي الذي لا يزال مصرا على إطلاق المفرقعات النارية باتجاه عدو الله، وعدو العراق وفلسطين...

كل هذا يجري وعملية الإبادة الجماعية في غزة لا تتوقف...

من يريد الانتصار بالنقاط، عليه توجيه اللكمات أيضاً... وليس تلقيها والصمود فقط...

فليقل هنري كيسنجر ما يريد حول هزائم الجيوش إذا لم تنتصر، وانتصار المقاومات إذا لم تهزم...

الأمور بخواتيمها صحيح...

لكن شعبنا يجب أن يعي أننا في مواجهة نهائية لا مناص منها...

"ما فيش بديل، ما فيش خلاص،

يا تجهزوا جيش الخلاص، يا تقولوا عالعالم خلاص..."

كما قال الشاعر احمد فؤاد نجم وغنى الشيخ إمام...

إما أن نكون احرارا،

أو نموت شهداء...

من لا يملك أحد هذين الخيارين هو مشروع عميل اليوم، وعبد في المستقبل...

اسرائيل أوهن من بيت العنكبوت...

هذا ما ظهر سنة ٢٠٠٦ في لبنان...

هذا ما كرسته غزة سنة ٢٠٠٨ و٢٠١٤ و٢٠٢٠ و٢٠٢٢ واخيرا وليس آخرا، في السابع من أكتوبر ٢٠٢٣...

شئنا أم أبينا...

أردنا أن لم نرد...

العدو هو أميركا...

الحرب يجب أن تجري مع أميركا...

اسرائيل ليست أكثر من وكيل استعماري...

يا جماعة أميركا لم توفركم...

اميركا لا توفركم...

نعم يجب أن يعرف شعبنا أن الحرب مع أميركا ليست نزهة...

ما يحصل في غزة سوف يحصل في كل بقعة قد تدعو للحرية...

حتى في الجبال، يجب حفر الأنفاق...

تحت كل ضيعة أو مدينة أو ضاحية، يجب أن تكون هناك مدن للحرب القادمة لا محالة...

إذا كان هناك من ينتظر المدد من أهل الكهف في العالم العربي...

هو واهم...

واهم حتى ينقطع النفس...

قد يتحرك بعض هؤلاء إلى جانب المقاومة حين يروننا ننتصر...

لكن هناك عملاء قد نخرت الخيانة عظامهم...

امل الأمة فيكم...

فيكم وحدكم...

في فلسطين ولبنان وسوريا والعراق واليمن وإيران...

التاريخ بانتظاركم...

لقد جاء الأميركي إلى عقر الدار...

"ما غزي قوم في عقر دارهم إلا ذلوا..."

فلتكن الحرب...

لقد أثبتت غزة للعالم أن الحرية تاج عرش الوجود وتستأهل الشهادة...

أما أولئك الذين لا يؤمنون بأن الطائرات تطير تحت العرش لا فوقه، ويسخرون منا...

نقول لهم...

انتم لستم إلا أحفاد ابي جهل على جهل...

قتلى اعدائنا في النار...

وقتلانا في الجنة...

وما النصر الا صبر ساعة في الجهاد...

حليم الشيخ محمد

المصدر: موقع إضاءات الإخباري