مقالات
امريكا باقية ام راحلة؟
م 31 كانون الثاني 2024 , 19:15 م
بعد استقلال امريكا عن امها بريطانيا العظمى وورثت العلوم والتكنولوجيا قامت باعداد جيش قوي كذراع لتتمدد امبراطوريا في محيطها القريب امريكا اللاتينية.فلم تعارض حركات الاستقلال الوطني التي ناضلت من اجل الاستقلال عن الاستعمار الاسباني والبرتغالي.بعد ان انجزت دول امريكا اللاتينية استقلالها وقفت امريكا ضد الامبراطوريات الاوروبية(( بريطانيا واسبانيا والبرتغال)) ومنعتها من التدخل في شؤون القارة اللاتينية.بعد ذلك استفردت بها امريكا وراحت تتدخل في شؤونها الداخلية بذريعة ضعفها تارة وممارساتها الخاطئة تارة اخرى.ومع مرور الزمن تحولت امريكا اللاتينية الى حديقة خلفية لامريكا.وتمت السيطرة الامريكية على النصف الجنوبي للكرة الارضية.ضمنت هذه الهيمنة مجالا واسعا للتطور الاقتصدي الامريكي حيث مصادر المواد الخام والاسواق الواسعة.
راحت امريكا تتطلع لمد نفوذها وبسط هيمنتها على النصف الشمالي للكرة الارضية، وبما انها محاطة بمياه المحيط الهادي والمحيط الاطلسي التي تفصلها الاف الاميال عن يابسة الشمال ، كان السبيل الوحيد امامها هو بناء الاساطيل البحرية الحربية والتجارية على حد سواء.
مع نهاية الحرب العالمية الثانية وانتصار الحلفاء على المحور الذي احرزه الجيش الاحمر الروسي الذي اكتسح الشرق الاوروبي وصولا الى عاصمة الرايخ الالماني والجيش الامريكي الذي حرر الغرب الاوروبي وصولا الى برلين.كانت الدول الاوروبية الغربية تعاني من اقتصاد منهار ، وبناها التحتية ومدنها مدمرة ، اقدمت امريكا على اطلاق مشروع مارشال الذي تبناه رئيس هيئة اركان الجيش الامريكي الجنرال جورج مارشال لاعادة اعمار اوروبا الذي قدمها على طبق من ذهب للهيمنة الامريكية اقتصاديا وعسكريا عبر حلف الناتو الذي تولت قيادته.
فيما يتعلق بالشرق الاوسط اهم مناطق العالم اطلقت امريكا مشروع ايزنهاورلترث من بريطانيا وفرنسا مستعمراتهما وقاعدتهما المتقدمة الثكنة/ الكيان الصهيوني والانظمة العربية التابعة. لملء الفراغ الذي خلفته هزيمة المحور شرعت امريكا بتحديث وتوسيع قوتها البحرية فقامت ببناء عشرة اساطيل حربية منها ما هو متمركز على شواطئهاوالاخر في الخارج واهمها الاسطول الخامس ومقره البحرين ومهمته الاشراف على منطقة الخليج والبحر الاحمر وبحر العرب وشرق افريقيا.الاسطول السادس ومقره نابولي في ايطاليا ومهمته الاشراف على اوروبا وحوض البحر الابيض المتوسط.الاسطول السابع ومقره يوكوساكا في اليابان ومهمته الاشراف على اليابان وشرق اسيا.
بما ان الشرق الاوسط اهم مناطق العالم الذي تشكل جغرافيته تاريخيا وحاضرا ممرا ومستقرا للامبراطوريات وعلى ارضه يتقرر مصيرها .ازدادت اهميته الاستراتيجية بعد اكتشاف النفط الذي يشكل عصب الاقتصاد العالمي ومن يمسك بمنابع النفط يمسك بعنق العالم ولذلك وضعته امريكا تحت القيادة المركزية لوزارة الدفاع الامريكية ومقرها قاعدة ماكديل الجوية في تامبا بولاية فلوريدا .ولزيادة قبضتها على الاقليم وتفردها بالسيطرة الكاملة على مصادر النفط العراقي والخليجي الذي كانت الشركات البريطانية تستخرجه وتسوقه لم تعارض عمليات التأميم وصارت امريكا المهيمن الوحيد. .قامت امريكا ببناء مقر جديد للقيادة المركزية عام ٢٠٠٢في قاعدة السيلية العسكرية بالعاصمة القطرية الدوحة، ثم انتقلت عام ٢٠٠٩ الى مقرها الجديد في قاعدة العديد الجوية التي تتسع لمئات الطائرات الحربية.
دابت امريكا منذ ان احكمت قبضتها على الاقليم على اقامة عشرات القواعد الجوية والمعسكرات الكبيرة .وفرضت على دوله شراء الاسلحة الحديثة والذخائر التي ينتجها المجمع الحربي الامريكي وتكديسها بما يفوق حاجة هذه الدول للدفاع عن نفسها.والتي تقدر بالاف المليارات .لان الهدف الاستراتيجي هو ان هذه الجيوش والقواعد والمعسكرات وما تحويه من الدبابات والمصفحات والطائرات الحربية وذخائرها هي لاستعمالها من قبل جيوش الاطلسي في حال وقوع حرب اقليمية وما عليها الا النزول بعديدها واستعمال هذا المخزون على الارض العربية المباركة.
عندما ازداد الطلب على النفط من الدول الصناعية الغربية والدول الصاعدة مثل الصين والهند الذي تزامن مع عدم قدرة الشركات الكبرى المنتجة للنفط على تلبية الطلب في المستقبل المنظور وشيخوخة حقول النفط الواسعة مثل حقل برقان في جنوب الكويت وحقول الغوار في شرق السعودية (( شيخوخة الحقل النفطي تعني ان البئر ما عاد ينتج نفس الكمية من النفط وتسمى في هذه الحالة PEAK OIL ولاستخراج الكمية المعتادة يتم حقن الحوض النفطي بالماء ويلزم حقن سبعة براميل ماء لاستخراج برميل واحد من النفط.ولا نعرف متى يحصل حقن الماء ليخرج من البئر ماء بدل النفط. . .
قامت شركات استكشاف النفط الكبرى في الغرب بعملية دمج لتخفض التكلفة المتعلقة بعمليات الاستكشاف.في اواخر ثمانينيات القرن المنصرم قامت امريكا بعمليات مسح جيولوجي عبر الاقمار الصناعية لرسم خرائط للموارد المعدنية والنفطية في العالم وكانت النتائج المتعلقة بالنفط وما تم اعلانه هي ان حوض بحر قزوين والعراق غنية بالنفط.فيما يتعلق بالعراق اثبت المسح الجيولوجي الفضائي ان العراق لديه مخزون هائل من النفط يساوي على اقل تقدير ثلاثة اضعاف احتياطي العراق المثبت الذي يساوي ١٤٥ مليار برميل والذي يقع على ١٨ % من مساحة الشريط النفطي الممتد من كركوك شمالا الى البصرة جنوبا بمحاذاة الحدود الايرانية .هذا يعني ان العراق يعوم على بحر من النفط يساوي ٥٨٠ مليار برميل.
قام جور فيدال Gore Vidal وهوارد زين Howard Zinn بالكتابة عن هذا المسح الجيولوجي وقاما بتحذير الشعب الامريكي بان هذا سيقود امريكا الى تهيئة الظروف والمبررات الوطنية والاخلاقية لاحتلال افغانستان والعراق.قامت المخابرات الامريكية بانذارهما ليتوقفا عن الكتابة حول هذا الموضوع وتم اسكاتهما. × المصدر
Crossing The Rubicon . Mechel .C.Ruppert.
والباحث المصري سيد يسن
لا اريد ان اطيل على القارئ ولكني اذكره بما قامت به امريكا بتهيئة المناخات المناسبة واعداد المسرح بدءأ من وقف الحرب العراقية الايرانية وخفض اسعار النفط حتى لامس سعر البرميل سبعة دولارات واثر ذلك على العراق الخارج من الحرب وما تلاه من احتلاله لدولة الكويت ومن ثم تحريرهاوحصار العراق واخضاعه للعقوبات ثم تفجير برجي التجارة العالمية في نيويورك واحتلاله عام ٢٠٠٣. خمسة عشر عاما من التخطيط والاعداد والاستعداد لاحتلال العراق والسيطرة على خيراته وتحطيم جيشه القوي.كانت كلفة هذه العملية تريليونات الدولارات .لكن عائدها اضعاف مضاعفة.اضطرت امريكا تحت ضربات المقاومة العراقية ان تخرج من الباب مؤقتا لكي تعود ثانية من شباك الارهاب الذي فتحه مخلب الناتو اردوغان وتنظيم القاعدة والاخوان.((بالاسم الحركي الجديد داعش))
عادت امريكا لتمسك بالقرار السياسي والعسكري في بغداد واكدت على تقسيم العراق طائفيا وعرقيا على ارضية دستور بريمر المقيت.فكردستان العراق شبه دولة مستقلة ونواة مشروع الكيان الكردي الكبير الموازي للكيان الصهيوني في الاقليم والذي يمتد الى البحر الابيض المتوسط شمال سورية وجنوب تركيا.يوجد في كردستان العراق اكبر القواعد العسكرية الامريكية في اربيل واكبر محطة تجسس للموساد.اضافة الى عشرة قواعد منتشرة على ارض العراق.
لا يوجد في العراق حزب يجرؤ على الغاء الدستور الطائفي حتى لو حاز على ٩٩% من المقاعد في البرلمان .حتى ايران ليست لديها مصلحة الغاء دستور بريمر الطائفي .ان فصائل المقاومة العراقية ليست جادة في محاربة القوات الامريكية .تهب موسميا لاثبات الوجود.وعليه فان القوات الامريكية في العراق وسورية مرتاحة للوضع الراهن لان الحكومة العراقية الحالية كما الحكومات السابقة ليست جادة في اخراج القوات الامريكية من العراق بل لا تريد رحيلها.
بعد طوفان الاقصى وتطور الاحداث في الاقليم ودخول حزب الله الحرب الى جانب المقاومة الفلسطينية وانضمام اليمن الى المواجهة المفتوحة واغلاقه لمضيق باب المندب امام السفن المتجهة الى موانئ الكيان في فلسطين المحتلة ودخول فصائل المقاومة العراقية الى الميدان .كثر الحديث هذه الايام عن ان تلك المواجهات كشفت عن عجز امريكا عن المواجهة الشاملة لانها تخشاها وان محور المقاومة لا يريدها ولكنه لا يخشاها. وتنشط دبلوماسيتهما على التأكيد على عدم الرغبة في الذهاب الى حرب اقليمية.ينبري المحللون السياسيون الذين يدافعون بضراوة عن المقاومة ومحورهاانهم وطنيون وقوميون وانسانيون واكفاء لا يكلون ولا يملون لكن الحماس الزائد يوقعهم في وهم خروج امريكا من العراق وسورية وان امريكا في حال الانزلاق الى حرب اقليمية ستهزم بسبب عدم القدرة على بذل الدم ونقص الذخائر وتناسوا ان لدى امريكا اكبر مخازن السلاح والذخائر في العالم وهو على الارض العربية وفي عهدة دولها وتحت الطلب.لا ادري ما الذي يدفعهم بالتبشير بقرب رحيل امريكا من العراق وسورية؟ سؤال صعب والاجابة اصعب.
م/ زياد ابو الرجا.
المصدر: موقع إضاءات الإخباري
الأكثر قراءة
من خبايا التاريخ "أصول آل سعود وعلاقتهم الحميمة مع الصهاينة اليهود في فلسطين"
وقف إطلاق النار بين لعنة الثمانين وعودة المهدي
كير ستارمر، رئيس الوزراء البريطاني الجديد والحرب على الإسلام
أنشودة يا إمامَ الرسلِ يا سندي, إنشاد صباح فخري
هل تريد الاشتراك في نشرتنا الاخباريّة؟
شكراً لاشتراكك في نشرة إضآءات
لقد تمت العملية بنجاح، شكراً