كتب الأستاذ حليم الشيخ محمد:  هل يطعن
مقالات
كتب الأستاذ حليم الشيخ محمد: هل يطعن "إتفاق الإطار" جنوب إفريقيا في الظهر؟
حليم الشيخ
6 شباط 2024 , 05:27 ص
كتب الأستاذ حليم الشيخ محمد:  

هل أطلقت منظمة التحرير الفلسطينية النار على رأسها يوم انسحبت من بيروت؟

سؤال أجابت عنه الباحثة الدكتورة نور عريقات حين وضعت الانسحاب من بيروت كأحد أهم الأسباب التي أدت إلى نكبة أوسلو...

لكن سياسة الانتحار التي انتهجتها منظمة التحرير الفلسطينية لم تبدأ يوم قرار الانسحاب من بيروت...

بدأت المأساة يوم تحولت فصائل منظمة التحرير إلى مجموعات ارتزاق اتخذت من فنادق بيروت والمطاعم والمقاهي مرتعاً...

المقاومة الفلسطينية التي هزت الكيان وأجبرت الغرب على الاعتراف بوجود الشعب الفلسطيني في أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات من القرن الماضي انتهت مع اول إنسحاب من المواجهة، ومع أول موقف جبان فضل العيش في الذل على القتال والموت بشرف...

إطلاق صواريخ الكاتيوشا من وقت إلى آخر لم يكن سياسة حرب ونضال، بقدر ما كان تغطية لعدم وجود استراتيجية حرب تحرير شعبية طويلة الأمد...

مع كل تقدم اسرائيلي، كانت الفصائل تولي الأدبار هرباً دون أي تكتيك حرب عصابات؛ بل مجرد هروب يتبع هروباً إلى أن وصلت منظمة التحرير إلى لحظة الهروب الأكبر...

الانسحاب من ساحة الحرب الأخيرة على حدود فلسطين إلى جحيم التشتت...

في حرب ال٧٨، اكتفت كل الفصائل الفلسطينية واللبنانية المتحالفة معها بالهروب وترك العدو يبني جدارا وبوابة "طيبان"...

انتهى القتال عند هذا الحد المزري وتم ايجاد اول شريط حدودي يحمي حدود الكيان وعمق الاحتلال لفلسطين...

لم تجر عمليات نوعية ولا سعت الفصائل إلى أي نوع من المقاومة الفاعلة...

يحكي اجتياح ال ٨٢ قصة مأساة النضال الفلسطيني، حيث ظلت منظمة التحرير تنسحب إلى الشمال دون قتال ودون أي مقاومة حتى وصلت قوات العدو إلى قلب ثاني عاصمة عربية بعد احتلال كامل القدس سنة ٦٧...

مخيمات لجوء كبيرة مثل الراشدية وبرج الشمالي و"الشط" في صور، ثم عين الحلوة في صيدا وصولاً إلى صبرا وشاتيلا؛
كل تلك المخيمات إما استسلمت مباشرة أو سقطت هكذا ببساطة... دون قتال...

سياسة الهروب تلك هي من أطلق الرصاصة القاتلة على رأس منظمة التحرير...

فقط في قلعة الشقيف، حيث حوصر مجموعة من اشبال فتح وبضعة مقاتلين من الحزب الشيوعي اللبناني...
جرى قتال عنيف انتهى إلى استشهاد معظم هؤلاء...

في مثلث خلدة صمدت مجموعات إسلامية صغيرة من حركة أمل، وفي الطريق بين مستشفى البربير، وجامع عبد الناصر قاتلت بشراسة مجموعات ناصرية من طريق الجديدة، يوم كانت طريق الجديدة عقر دار القومية العربية...

وحين جاء فيليب حبيب باقتراح خروج مقاتلي منظمة التحرير من بيروت على سفن فرنسية وإيطالية، حاول الدكتور جورج حبش باستماتة الدعوة إلى تحويل بيروت إلى ستالينغراد العرب والقتال حتى النصر أو الشهادة... 
لكن لا ابو عمار، ولا "حارات" الحركة الوطنية اللبنانية قبلت هذا الأمر بحجة أن بيروت ليست مدينة فلسطينية...

وحين اقترح حكيم الثورة الفلسطينية تحويل المخيمات إلى ستالينغراد الشتات كان طيرا يغرد خارج سرب الاستسلام...

استشهدت قيادات أساسية من منظمة التحرير في مناطق اللجوء البعيد إلى أن انتهت المنظمة نفسها بالانتحار في أوسلو...

قَبِل أبو عمار بكل ما رفضه وفد التفاوض الفلسطيني...

تحولت منظمة التحرير إلى حارس للإستيطان عبر سلطة فلسطينية فاسدة كان كل هم معظم قادتها اقتناء الفيلات واستيراد المارسيدس الفخمة إلى غزة تحت بند الإعفاء الجمركي...

تحولت سلطة رام الله إلى "قواد" الكازينوهات والملاهي وفق وصف أحد الصحفيين الفرنسيين الذي عايش موت الثورة في عاصمة السلطة...

كتبت الدكتورة الكويتية منى أحمد الخطيب مقالا عن عاهرة رام الله يوجز ما انتهت إليه السلطة وأهل هذه السلطة (راجع مقالة الدكتورة الخطيب على موقع إيضاءات)...

أمس، نشرت جريدة الأخبار تسريبا يبدو جديا عن اتفاق الإطار الذي توصل إليه خماسي مخابرات اميركا واسرائيل وفرنسا ومصر وقطر...
يبدو أننا ملعونون بالخماسية ما بين لبنان وفلسطين...

قراءة سريعة لبنود هذا الاتفاق تظهر رائحة صفقة قذرة رتبها الغرب واسرائيل وجاء المصري والقطري لتقديمها على صينية عربية مزورة...

إتفاق إطار يحول كل انتصارات غزة إلى انسحاب جديد من بيروت...

إتفاق يهدف في ما يهدف إلى هدنة تنقذ وجه اسرائيل وحلفائها الغربيين من وصمة تهمة الإبادة عبر وضع المقاومة الفلسطينية الموجودة في غزة بين اثنتين:
بين "السلة والذلة"...

ما رفضه الحسين بن علي بن ابي طالب قبل الف واربعمائة من السنين، يسوّق له اليوم النظام الرسمي العربي...

 وقد قبل به جناحا حماس المصري والقطري على ما يبدو...
هل أمام عزمي بشارة وخالد مشعل من خيار؟

أما محور المقاومة...
علامة سؤال كبير، وكبير جدا هذه المرة...

محور المقاومة يحاول الاستناد إلى شعوب عربية ثورية فلا يجد غير جثث عفنة...

هل هذا عذر؟
إذا كان الأمر كذلك، فهو عذر اقبح من ذنب...
لأن الرأس لا يتبع الذنَب إلا في المقاومات العربية...
صدق المثل القائل أنه لا يولى عليكم إلا من ماثلكم... 

اليمن استثناء سوف يدخل التاريخ...

تحت بند الإنسانية سوف تنتصر اسرائيل.. وتستسلم المقاومة...

تحت بند وجوب إنهاء الحرب بأي ثمن، يتم طبخ طبق الهزيمة...

حتى ابسط الأهداف حول تبييض السجون اختفى...

ما وقّع عليه ياسر عرفات في بيروت يوماً يجري التمهيد لكي يوقع عليه قادة مقاومة غزة...

لكي لا تذهب دماء الشهداء سدى...
لا توقعوا اتفاق العار...
لا تنتهوا كما انتهى ابو عمار في المقاطعة...

بعد اجتياح بيروت سنة ٨٢، برر الشهيد جورج حاوي الاستسلام بالقول إن الحركة الوطنية فوجئت بعدم مبالاة العالم لسقوط أكثر من ثلاثين ألف شهيد...

العالم اليوم لم يعد عالم الغرب والصهيونية...

في قلب واشنطن ولندن، تخرج مظاهرات تحمل مساواة الصهيونية والفاشية...

لم يعد مردوخ وماسك ملكا المعلومة رغم شراء معظم الإعلام ومنصة X...

استفاق ضمير شعوب العالم يوم ماتت الشعوب العربية...

بايدن وسوناك موصومان بوصمة الإبادة...
كذلك هم ماكرون وشولتز وترودو...

بعد مجد السابع من أكتوبر لم يبق سوى طريق واحد...

القتال حتى النصر أو الشهادة...

أي خيار آخر سوف يؤدي عاجلا أم آجلا إلى مزبلة التاريخ...
              
المصدر: موقع إضاءات الإخباري