تطوّر خطير.. هل حصلت
مقالات
تطوّر خطير.. هل حصلت "اسرائيل" على ضوء اخضر لعمل عسكري ضدّ لبنان؟
ماجدة الحاج
9 شباط 2024 , 22:08 م

كتبت الأستاذة ماجدة الحاج:

بخطوة تصعيديّة خطيرة، قفزت "اسرائيل" فوق كل الخطوط الحمر لتضرب في مدينة النبطية البعيدة عن حدود منطقة الإشتباك امس الخميس، وسط تحليق عشرات الطائرات الحربية والمسيّرات بشكل مكثّف في سماء الجنوب، توعّد قائد سلاح الجوّ "الاسرائيلي" بأن تصبح بالمئات "عند صدور الأوامر"، قائلا:" ستنفّذ المهام خلال دقائق معدودة"..ليبدو واضحا من خلال الإستفزاز الإسرائيلي غير المسبوق مدى رغبة بنيامين نتنياهو وفريق وزرائه اليمينيّين المتشدّدين بمحاولة جرّ حزب الله للإندفاع نحو حرب شاملة ويكون امام العالم هو المبادر الى اطلاق شرارة هذه الحرب، وعندها تُجبَر الولايات المتحدة وحلفاؤها للإنخراط فيها طالما اصبحت امرا واقعا.. وهذا ما يريده نتنياهو بالظبط.

فهل كلّ هذه التهديدات التي يطلقها القادة "الإسرائيليون" من باب التهويل حصرا؟ ام انه يجب وضع كل الإحتمالات السّاخنة على الطاولة؟ خصوصا وأنّ من يقود حكومة الإحتلال مستعدّ للمقامرة والمغامرة حتى بآخر مستوطن في الكيان "الإسرائيلي"؟ وهل جُهّز فعلا "عمل عسكري ما" ضدّ لبنان بعد إنهاء العدوان على غزّة؟

-كما ذكر موقع "ستراتفور" الإستخباري الأميركي.. هل يستطيع نتنياهو فتح جبهة الشمال امام حرب شاملة-خصوصا مع حزب الله بجيش منهَك في ميدان غزّة على مدى اربعة شهور وأعداد لا يُستهان بها من ضباطه وجنوده باتوا يخضعون للعلاج النّفسي؟ وبالأصل، هل يضمن الدعم الاميركي لهذه الحرب؟ ام انّ ضوءا اخضر عربيا مُرّر له بتمويل كلفة هذه الحرب بغية القضاء على حزب الله كما حركة "حماس"؟- وهذا ما كانت نقلته وسائل اعلام عبرية عن عدد من المسؤولين والوزراء "الإسرائيليين"بينهم وزير الخارجية، إلتقوا نظراء لهم في دول عربية وخليجية في أَوج العدوان على غزة؟

ثمّة من المحلّلين والخبراء العسكريين من توقف عند التحركات "المريبة" وغير العادية لقوات اليونفيل في الجنوب، اذ عمدت الى سحب قواتها من بعض المواقع وتجميعها في مواقع محددة، ما اعطى مؤشرا الى "عمل عسكري معاد" قد يكون بات وشيكا. وثمّة من ربط التدريبات "الإسرائيلية" في الجبهة الشمالية بارتفاع اسهم الحرب، الا انّ الصّفقة الضخمة والإستثنائيّة التي أُبرمت بين واشنطن وتل ابيب، والتي تحصل بموجبها على عشرات المقاتلات من نوع " اف35" و" اف15" ومروحيات اباتشي.. رسمت علامات استفهام كثيرة حول ضخامة هذه الصفقة وتوقيتها.. هذا قبل ان تذكر وسائل اعلام عبرية، هبوط 3 قاذفات اميركية من طراز "بي52" في مطار بن غوريون اواخر الشهر الفائت، من دون اغفال اشارة وسائل اعلام عبرية، الى "جنوح" الرأي العام "الاسرائيلي" نحو اليمين والتطرّف استنادا الى استطلاعات حديثة بيّنت نسبة وصفتها ب"العالية جدا" تأييدا للحرب مع "حماس" وحزب الله. وبالتالي، اعطاء شرعية لأي قرار تصعيدي مرتقب..

اما وانه لا ثقة بالوعود والتعهّدات الأميركية خصوصا عندما يتعلق الأمر بمصلحة وأمن "ثكنتها العسكرية" في المنطقة-"اسرائيل"،سيّما مع ادعاء الولايات المتحدة "عدم رغبتها بالتصعيد" فيما تمارس على ارض الواقع عكس ما تدّعيه، وتنخرط عسكريا بشكل مباشر في ساحات المنطقة والبحر الأحمر دعما لإسرائيل، تارة تقدم على اغتيال قادة في محور المقاومة في سورية والعراق، وتتخذ قرارا متهوّرا بشنّ ضربات على اليمن بمعيّة بريطانيا ..

حتى في المواجهات على الجبهة الجنوبية اللبنانية، تجمع التقارير-استنادا الى معطيات صحفية وأمنيّة، على مشاركة استخباريّة اميركية-بريطانية فاعلة الى جانب "اسرائيل"، في تعقّب ورصد كوادر وقادة في حزب الله وفصائل فلسطينية تمّ استهدافهم، عدا رصد غوّاصات اميركية بالعين المجرّدة مقابل اكثر من منطقة لبنانية بمهمّة جمع المعلومات الاستخبارية.

.. هذا من دون اغفال عملية اغتيال القيادي في الحشد الشعبي العراقي الشهيد "ابو باقر" الساعدي اوّل امس الاربعاء، بضربة صاروخية سددتها مسيّرة اميركية في قلب العاصمة العراقية.. ليبرز بشكل واضح انّ الولايات المتحدة اعلنتها "حربا مفتوحة" في المنطقة، بل انّ تسريبات المانيّة وفرنسية المحت الى انطلاق مرحلة " حرب امنية" نُسّقت بين واشنطن وتل ابيب في ساحات محور المقاومة، في حال نجح التفاوض الدائر بإقرار هدنة او هُدَن في غزة، ام لم تنجح، وكشفت ان من ضمن الاهداف التي حُدّدت في الحرب الامنية، هو زعيم حركة "انصار الله" اليمنيّة السيّد عبد الملك الحوثي، وهو ما لم يغفل افيغدور ليبرمان التصويب على اغتياله!

وبحسب التسريبات، فإنّه اذا كانت عمليّة اغتيال الساعدي ورفاقه مثّلت "ثأرا" اميركيا لضربة البرج 22 في الاردن الهجومية والنوعية والمتقنة والتي افضت الى مصرع الجنود الاميركيين الثلاثة، واحرجت اجهزة الاستخبارات الاميركية، فإنّ على الولايات المتحدة ان تتوقع ردّ كتائب حزب الله-العراق" الذي من المرجح ان يتجاوز قساوة الضربة السابقة من حيث التوقيت والمكان كما "رسالته الامنية واللوجستية"!

وفيما تبقى الأنظار مشدودة الى مصير المواجهات الدائرة على الحدود الجنوبية اللبنانية على وقع مفاوضات حثيثة لمنع انزلاقها الى حرب شاملة، تفيد تقارير صحفية عبريّة ب"انّ الحرب قد تؤجَّل الى أشهر قادمة ريثما يستعيد الجيش "الاسرائيلي" عافيته من معارك غزة، ورجّحت ان يُحدّد توقيت انطلاقها مع عودة الرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب مجددا الى سدّة الرئاسة" حيث سيشجّع ويدعم هذه الحرب ضدّ حزب الله".. هذا في وقت ذكر موقع "اكسيوس" الاميركي، بأنّ تفاوضا يجري على قدم وساق لتهدئة الجبهة الجنوبية اللبنانية "يُرضي طرفَي المواجهة"، اي "لا يتراجع حزبُ الله الى شمال الليطاني، وتعيد تل ابيب المستوطنين الى الشمال بضمانة دولية. .. لتبقى الخشية من " مغامرة ما" قد يقوم بها بنيامين نتنياهو بدفع من وزرائه المتشددين و"يقلب الطاولة" على الجميع، وهو امرٌ يتحسّب له حزبُ الله، ويبقي على جهوزيته الفائقة وكأنّ الحرب حاصلة غدا، وجهّز مقاتليه لاحتمال قيام "اسرائيل" بعملية برية" محدودة" في الجنوب في مساحة تتراوح بين 5 الى 7 كلم بعد اقرار الهدنة في غزة.

.. اما اذا جنحت "اسرائيل" الى ما هو ابعد من ذلك، لربما على اصحاب "الرؤوس الحامية في "اسرائيل"، التوقف مليا عند معلومات اروقة القرار في موسكو واجهزة استخباراتها عن مدى خطورة الحرب الشاملة بين حزب الله و"اسرائيل" على الاخيرة نفسها.. ويعقّب كبير الباحثين في مركز دراسة السياسات والتكنولوجيا يوري ليامين، على تحذير الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله لإسرائيل من مغبّة شنّ حرب على لبنان، لأنّ قتال الحزب عندها سيكون بلا سقوف وحدود وضوابط، بالقول" إنّ كلامه غير مبالَغ به، وستتلقى "اسرائيل" قصفا اكثر ضخامة ودقّة بل حتى ستتجاوز ضربات الحزب التدميرية في جميع انحاء اسرائيل ما ستُسببه الاخيرة في لبنان".

وإذ لفت الى خطورة المرحلة سيما اذا وسعّت "اسرائيل" دائرة معركتها في غزة صوب شنّ عملية كبرى في رفح، نبّهت مصادر روسيّة من انّ توقف المعركة العسكرية التي تقودها تل ابيب بمؤازرة واشنطن في المنطقة، لا يعني توقف الحرب "الأمنيّة"، ورجّحت-استنادا الى معلومات استخبارية، تسديد ضربة "مدوّية" من احدى فصائل قوى محور المقاومة في وجه الولايات المتحدة "خارج الحدود المتوقعة!

المصدر: موقع إضاءات الإخباري