كتب الأستاذ حليم الشيخ محمد:
شكراً لقادة طوفان الأقصى...
شكراً يحي السنوار، محمد الضيف، مروان عيسى وكل من يظهره التاريخ بطلاً من ابطال طوفان الأقصى...
شكراً ليوم السابع من أكتوبر المجيد...
كما الكثير من مواليد أوروبا من العرب، ومع والدة هي نفسها من مواليد هذه القارة، لم تكن مهمة الأب المهاجر في ربط الأولاد بالوطن الأم مهمة سهلة...
خاصة مع فساد النظام الرسمي العربي وانتشار الفوضى والاحتيال والكذب، وقلة الأخلاق وعقم التربية في كل نواحي المجتمع المحلي العربي في كل بلاد العالم العربي دون استثناء على ما نفهم من المهاجرين من كل بقاع هذا العالم العربي المنكوب...
عالم عربي منكوب بقادة هم من أرذل ما أنتجته البشرية حتى تاريخنا المعاصر على الأقل...
كل ملك، كل أمير، كل رئيس، كل وزير أو نائب أو مستشار يحمل من الآفات المنحطة ما يكفي لتعطيل أي نمو أو تطور قد يمكن أن يرى النور في بلاد الظلمات تلك رغم تغطية هذا الإنحطاط بديمقراطية الطوائف في أكثر من بلد عربي، أو مع برامج ترفيه غبية، أو شراء بعض الثقافة العالمية في أسواق الكيلو والأوقية كما تفعل دويلات الخليج...
يدخل في عداد هؤلاء مدراء ورؤساء المؤسسات العامة والخاصة الذي يحملون على ما يبدو نفس جينات الإنحطاط تلك...
عذراً على التعميم، لكن القليل النادر بين كل هؤلاء، ندرة حبة الماس في محيط، تجبر المرء على هذا التعميم...
لكن ماذا عن اوروبا؟
ماذا عن قارة الحرية والمساواة؟
ماذا عمن حمل شعلة الحضارة رغم حربين عالميين دمويتين؟
كاد حتى الأب يؤخذ بالديمقراطية الأوروبية المزيفة، وشعارات الإنسانية وحقوق البشر وحتى الحيوان، ناهيك عن حقوق المرأة والطفل!!...
تبين أن هيكل السلطة الظاهرة، والدولة العميقة في أوروبا، يخفي تحت البدلات الأنيقة والعطور الفرنسية وحوشا كاسرة تخفي رائحة الدم التي تخرج من أعماق فرانكشتاين...
خرجت تظاهرات، وعقدت ندوات ومؤتمرات من أجل حقوق المرأة التي تنتهك في إيران، رغم أن المرأة في إيران قياساً على بلدان الخليج يمكن وضعها في مصاف الملكات على عروش الدين والثقافة والحرية...
إلى أن جاء السابع من أكتوبر...
شعارات المساواة الكاملة وعدم التمييز العرقي والديني وأهم من كل ذلك، ذاك البند في ميثاق ما فوق الدستور حول احترام الذات الإنسانية إلى درجة أن لأي مواطن الحق ( حق خيالي على ما ظهر مؤخرا) في مقاضاة الحكومة أو أي مؤسسة تعتدي على الذات الإنسانية...
حتى المهاجرين الذين حملوا عبر أطفالهم دما جديدا لحمل أثقال أوروبا الاقتصادية بعد دخول معظم بلدان هذه القارة في مرحلة الكهولة، لهم نفس تلك الحقوق (نظرياً طبعاً لأن هناك من المسؤولين من خرج في أوروبا يهدد كل من يؤمن بحق فلسطين في الحرية والوجود، بسحب الجنسية والطرد...)...
تبين أن كل شعارات معاداة الفصل العنصري (الأبارتايد)، أو رفض التطهير العرقي، أو جرائم الحرب أو جرائم الإبادة تنطبق فقط حين تكون الضحية تلائم مواصفات النازيين أو الفاشيين أو الصهاينة...
الحقيقة يجب الاعتراف... لم تكن مهمة الأب سهلة على الإطلاق...
لم تستطع زوجتي تقبل العمليات الاستشهادية إلا بعد فترة ومع تسلسل مناظر ما يفعله الصهاينة كل يوم في فلسطين من تدمير بيوت، وقطع أشجار، وتكسير عظام الأطفال...
تطور الأمر إلى أن صارت زوجتي تنتظر وتتابع كلمات السيد نصرالله وحدها حتى حين اكون أنا في العمل أو خارج المنزل...
لكن ماذا عن يوم السابع من أكتوبر المجيد؟
فجأة انقلب وضع العائلة بالكامل...
ابنتي الصغرى التي كانت تذهب مع اصدقائها في المدرسة الى ماكدونالدز رغم مقاطعتي لهذه المؤسسة منذ زمن، لم تتوقف فحسب؛ بل نشرت ثقافة المقاطعة حتى عند هؤلاء الأصدقاء...
صارت، كما أشقائها، تخبرني عن هذه الماركة أو تلك التي تدخل في لائحة المقاطعة لBDS،
Boycott, Disinvestment, Sanctions...
بعد السابع من أكتوبر، صار ابني المهندس أو ابنتي الطبيبة يتصلون بي لمعرفة متى سوف يتحدث السيد نصرالله...
يستمع الجميع واحيانا مع الأصدقاء، واحيانا مع ترجمة بسبب عدم تملك اللغة العربية بالكامل...
كانوا في السابق لا يظهرون اهتماما أكثر من ظاهر بما حدث في فلسطين رغم معرفتهم بعمق علاقة الدم التي تربط كل انسان في بلاد الشام بهذه الأرض وهم من أصل بلاد الشام تلك أبا وأما...
اليوم، صاروا هم يزورون المواقع على الانترنت، يقرأون المقالات العلمية التي تتناول ما حدث بصدق، ودون تزوير...
صار المثقفون وكبار المناضلين الأوروبيين الذين يؤيدون القضية الفلسطينية معروفون جدا في بيتنا...
من الدكتور وليد الخالدي إلى ادوارد سعيد إلى الدكتور نورمان فيلكينشتاين... تطول اللائحة كل يوم...
لم تعد إيرلندا يتيمة في أوروبا...
مواقع فلاسفة ومفكرين بريطانيين و فرنسيين وحتى ألمان دخلت الى عالمنا...
شعرت اني مقصّر أمام ما وصلت إليه عائلتي، وما يفعله اصدقاء اولادي من أجل فلسطين...
لم يعد سوناك الحقير أو ماكرون المحتال أو شولتز الذليل يخيفونا...
قررنا إسقاطهم في الانتخابات المقبلة...
صار أنصار فلسطين أكثرية لأول مرة ضد انحطاط الدولة العميقة في بلاد الغرب...
هنا، صار طبيعيا أن يخرج من يقول إن حل الدولتين ليس حلاً عادلاً...
المطلوب دولة فلسطينية واحدة من النهر الى البحر كما وصفها ضيف البرلمان الأوروبي الدكتور ليبيد إبن الجنرال الصهيوني...
أدان الدكتور ليبيد تاريخ والده الاستيطاني واصفاً ما يجري اليوم بمحاولة تغطية نكبة جديدة يراد إلحاقها بالشعب الفلسطيني، رافضا بكل حزم إدانة حماس أو أي فلسطيني ينتفض ضد هذا الظلم التاريخي الذي لحق بهذا الشعب...
حليم الشيخ محمد
