كتب الأستاذ حليم الشيخ محمد: تبادل الرسائل بالنار لا يمنع تحقيق الأهداف...
مقالات
كتب الأستاذ حليم الشيخ محمد: تبادل الرسائل بالنار لا يمنع تحقيق الأهداف...
حليم الشيخ
6 آذار 2024 , 05:46 ص

كتب الأستاذ حليم الشيخ محمد: 

ما يبعث على القلق أن هناك في إعلام محور المقاومة من يصدق فعلاً أن هناك خلافات جوهرية بين الأميركي والإسرائيلي...

هناك من يطبل لزيارة غانتز إلى الولايات المتحدة الأمريكية بغير رضى نتنياهو وكأن بايدن يريد إيقاف الحرب أو تغيير هدفها الاستراتيجي...

هناك وهم ناتج عند البعض عن نوع من السذاجة، وهناك عمالة رخيصة عند أطراف تنخر عند البعض الآخر حتى العظم...

كل الخلاف بين بايدن ونتنياهو هو أن بايدن يريد التضحية بنتنياهو لصالح الكيان الصهيوني لا أكثر ولا أقل...

نتنياهو يسعى لاستمرار الحرب على قياسه وقياس طموحاته ومستقبله السياسي القائم على استباحة كل شئ من أجل نفس الهدف الذي يسعى إليه بايدن وهو تأمين مستقبل اسرائيل دولة يهودية خالصة من النهر الى البحر، لكن تحت لوائه هو...

حتى لو نجح بايدن في إزاحة نتنياهو، سوف تصر اميركا بشكل غير مباشر على استمرار نفس هذه الحرب حتى التهجير الكامل لأكبر كتلة ممكنة من الفلسطينيين...

التهجير هو جزء مهم من المشروع الأميركي الإسرائيلي...

نتنياهو يريد مشروع إسرائيل أولا حتى لو تم تدمير كل الأصنام التي زرعها الاميركيون خلال عشرات السنين، بينما يسعى بايدن إلى تنفيذ نفس هدف يهودية الدولة لكن بتنسيق كامل مع الأنظمة العربية التابعة للإمبريالية...

لقد بات معروفاً للجميع تقريباً أن عملية السابع من أكتوبر تمت بتوفيق من الله إلى درجة أن تخطت النتائج كل اهداف العملية التي كانت تقتصر على تحريك الأمور والقيام بعمليات أسر محدودة من أجل التبادل...

لكن، وكما في حرب تموز ٢٠٠٦، أتاح الله للمجاهدين صيداً أكبر بكثير مما كانوا يطوقون...

وكما في تموز ٢٠٠٦، وكما الأمور دائماً مع هذا الكيان الذي لا ينام كما ينام زعماء العالمين العربي والإسلامي، كانت لدى العدو الصهيوني خططاً جاهزة تنتظر الوقت المناسب للتنفيذ...

في تموز ٢٠٠٦، كانت الخطة أن تستغل اسرائيل أي عمل أو حتى أن تتذرع بأي شيء من أجل القيام بحرب مفتوحة شاملة لتصفية المقاومة الإسلامية في لبنان...

هكذا كان...

ما أن قام حزب الله بعملية الأسر، قررت اسرائيل تنفيذ خطة تصفية المقاومة وإعادة فرض نفس واقع لبنان الضعيف الذي ساد منذ الإستقلال وحتى ظهور هذه المقاومة الإسلامية...

فشلت اسرائيل سنة ٢٠٠٦؛ فشلت الخطة الاسرائيلية بفضل الله، وفضل المجاهدين في الميدان، وفضل قيادة المقاومة، وفضل الجمهورية الإسلامية وسوريا...

نفس الأمر حصل في السابع من أكتوبر...

ما أن حصلت العملية حتى قررت إسرائيل الذهاب فورا إلى الخطة المعدة سلفا بالتوافق والتضامن مع الأميركيين والغرب وبعض العرب، خصوصاً في الخليج...

تقوم هذه الخطة على وجوب تصفية كامل محور المقاومة وبالأخص في لبنان وفلسطين من أجل تنفيذ التهجير الجماعي للفلسطينيين من غزة والضفة بشكل أساسي لكي تنتقل اسرائيل إلى تثبيت حلف الناتو العربي القائم بينهما وبين دول التطبيع هذه، لما يحمله هذا المشروع من نفع للخط الهندي الذي يجب أن يوجه ضربة شبه قاضية الى مشروع الحزام والطريق الصيني، والشروع الفوري في استخراج الكميات الهائلة من الغاز على شاطىء غزة وتصديرها إلى أوروبا عبر الخط المصري القائم على معامل تسييل هذا الغاز ليتم تحميله على بواخر...

هل فشل المشروع الإسرائيلي؟

لا يستطيع أي كان نفي التضحيات العظيمة وغير المسبوقة في التاريخ الحديث التي يقدمها الشعب الفلسطيني في غزة...

كما لا يستطيع أي كان تشويه الانتصارات التي تحققها المقاومة الفلسطينية في كل المعارك التي تدور على كامل مساحة غزة...

من معارك حي الزيتون، إلى معارك خان يونس التي حاكت لنفسها أسطورة تشبه كثيرا أسطورة ستالينغراد...

لكن هدف المشروع الأميركي الاسرائيلي القائم على الانتهاء بتهجير كل أهل غزة من تلك البقعة قبل الانتقال الى تهجير سكان الضفة إلى شرق نهر الأردن؛ هذا المشروع لم يمت...

لا يزال نتنياهو يعمل عليه...

كما لا تزال اميركا تعمل لأجله لكن بتمهل، وعلى مراحل...

كل مسرحيات نظام الأردن أو نظام السيسي أو الفرنسيين أو الأميركيين حول رمي المساعدات بالمظلات لا يمكن أن تخفي أموراً واضحة من مثل قيام النظام المصري ببناء أكثر من جدار من أجل ضبط الجموع الفلسطينية التي قد تتدفق إلى رفح المصرية ضمن مساحات ضيقة صغيرة ريثما يتم قبول الهجرة إلى كل البلدان التي أوقفت دعم الأنروا...

ينص مشروع الأنروا على بند يلزم الدول المانحة التي تتوقف عن هذا المنح، إلى استقبال كل لاجئ فلسطيني يمل بطاقة أونروا...

هكذا يتم الالتفاف على عملية التهجير إلى سيناء وشرق النهر بحيث يكون هذا الوضع مؤقتا بانتظار أن تصبح أميركا وكندا واستراليا وألمانيا وفرنسا وبريطانيا وغيرها من الدول بلدان لجوء الفلسطيني حتى لا يبقى في سيناء أو في شرق النهر ويتسبب بعد ذلك في نشوء مقاومة في المستقبل تعود وتطالب من جديد بما لا تريده لا اميركا ولا إسرائيل ولا هذه الدول...

حتى الآن، يمكن القول إن اسرائيل ومن ورائها أميركا لا تزال تعمل لنفس هدف التهجير...

أما بالنسبة للقضاء على محور المقاومة، لا تزال الأمور على الأرض تجري كل يوم بيوم...

صحيح أن الأميركيين والغرب تفاجأوا جميعا بمدى انتقال شعلة التصدي هذه إلى شوارع هذا الغرب والكثير من مواطنيه؛ إلا أن الخطة لا تزال تحاول تخطي العقبات دون الاهتمام إلى تعرج سير التنفيذ...

يبدو واضحا أنهم مصممون على استمرار الحرب حتى ملل الناس والضغط على الفلسطينين بالقتل والجوع والعطش وانتفاء الحياة البشرية والشعور الإنساني...

يظهر هذا بوضوح عبر ذهابهم في البحرين الأحمر والعربي إلى آفاق حرب أكثر تدميرا...

أما في لبنان، يمكن القول إن أميركا نجحت في خلق مشاكل داخلية لحزب الله عبر عملاء الداخل بدءاً من البطريركية المارونية وصولا إلى مطرانية بيروت الأرثوذكسية ومرورا بشخصيات لها وزن عند المسيحيين مثل سمير جعجع وسامي الجميل وجيران باسيل وحتى ميشال عون بالإضافة إلى شخصيات سنية محسوبة على أميركا والخليج كما أشرف ريفي وفؤاد مخزومي كما شخصيات متفرقة من أمثال مروان حمادة وفارس سعيد وغيرهم...

هؤلاء لم يتوقفوا ولا للحظة عن التحريض ضد المقاومة الإسلامية وضد الانخراط في حرب إسناد الفلسطينيين...

يكفي الاستماع الى أبواق هؤلاء على ال OTV وال MTV، حتى يجد المرء إلى أي منحدر وصل العملاء في هذا البلد ( مقابلة جويل بو يونس مع الشيخ صادق النابلسي تظهر مدى عمق العمالة لدى هؤلاء... الأمر ليس تخوين بقدر ما هو توصيف لحالات عمالة فاقعة...)

لا يتصرف أي واحد من هؤلاء من منطلق لبناني محض في المطالبة مثلاً بأن يطبق العدو القرار ١٧٠١ وينسحب فورا من النقاط ال ١٣ ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا...

لا يجرؤ أي واحد من هؤلاء جميعا أن يطالب بتسليح الجيش حتى يكون عنده أسنان للدفاع عن الوطن...

أساساً، لا يرى هؤلاء في اسرائيل عدوا بشعا بالفعل لا بالقول...

كل هم هؤلاء الهجوم على المقاومة لأن الهدف هو خدمة المشروع الأميركي...

لم يتلفظ بطرك الموارنة حتى بصلاة من أجل عشرات آلاف الشهداء ومئات آلاف الجوعى والعطشى...

كل هم هؤلاء هو التركيز على أن خيار المقاومة يؤدي إلى الموت والدمار والهزيمة...

أما كيف ينظر هؤلاء الهزيمة والنصر، فتلك قصة تحكى:

ينسى هؤلاء أن السيد المسيح الذي مشى على درب الآلام وعانى الجوع والعطش وسالت دماؤه وخسر كل ملذات الدنيا هو الذي انتصر في النهاية...

يقولون عكس سيرة السيد المسيح ثم يدعون الانتماء إلى كنيسته...

وجوه بشعة تشبه وجوه التجار الذين طردهم السيد المسيح نفسه من قلب الهيكل...

تحت ادعاءات التعاطف الإنساني مع الفلسطينيين يريد هؤلاء تقديم شعب السيد المسيح أضحية لمشاريع أميركا والغرب...

بين بشارة الراعي وهارون بوشنيل الذي أحرق نفسه هوة يقع في جحيمها كل من يتطاول على المثل الإنسانية العليا...

بطرك باع نفسه للشيطان... ومطران يخدم الشيطان... ومجموعة غوغاء يعملون ليل نهار على انتصار الدجال ومُثُل الدجال في عالم الإمبريالية القذر...

كلما حان وقت مجئ مندوب سيدهم الأميركي، يرفعون عقيرتهم...

هذه المرة جاء هوكشتاين يزيد من عيار التهديد...

يقول ان الحرب أو الهدنة لا يرتبطان بغزة...

يهدد بأن محدودية الحرب غير مضمونة...

جاء وقد رافقه تصعيد وصل إلى محاولة التسلل...

هذه اوراق يكشفها هوكشتاين، علّ ذلك يزرع الخوف في قلوب اللبنانيين...

طبعاً، يسارع العملاء والأذناب إلى التطبيل...

يرد الحزب بزيادة جرعات القصف دون التمادي الكثير إلى درجة أن اللبنانيين سوف يفاجأون بأن الخسائر قد تكون عندنا أكثر مما هي عند العدو...

لماذا يقف الحزب عند هذا الحد؟

وحده حزب الله يملك الخطط ويمشي على وتيرتها...

هو بالتأكيد يفضل ترك المفاجآت إلى يوم لا يمكن فيه التراجع...

قد يتمادى كاتب هذه الأسطر إلى التمني كما الدكتور حبيب فياض أن تقع الحرب الكبرى اليوم قبل الغد، لأن انتصار الحق وانتصار الشعوب لا بد آت، مهما بلغت التضحيات ومهما علا عدد الشهداء...

لكن يبدو كما هو ظاهر فعلاً، وكما يتأكد كل يوم أن هناك تنسيقا كاملا داخل محور المقاومة...

اليوم، لا تزال يد المقاومة الفلسطينية هي العليا في الميدان، لذلك، وكما قال السيد نصرالله، تبقى الكلمة للميدان...

حتى اليوم، يقول الميدان أن شعب فلسطين ومقاومة غزة قد كسرت كل الخطوط الأميركية الإسرائيلية...

الذي يده في النار هو في الحقيقة دول التطبيع والنظام العالمي...

ليس عند الفلسطيني ما يخسره...

لذلك، وبغض النظر عن كل الأوراق التي تكشف أو التي لا تزال مستورة...

الورقة الأهم... تظل في أيدي المقاتلين في غزة...

وكما قالت إحدى المواقع المؤيدة لفلسطين، ليس المهم أن يرتكب نتنياهو المجازر والقتل...

كما ليس المهم ان ياتي ترامب أو بايدن...

فحتى لو قتل آلاف الشهداء من حماس...

لن يستطيع أي كان قتل فكرة رفض الاحتلال والاستيطان...

لن يستطيع أي كان قتل فكرة المقاومة...

لذلك حماس باقية لأن في كل يوم ومع كل مجزرة يخلق جيل هو سوف يكون حتماً أكثر إصراراً من حماس الأمس أو حتى حماس اليوم...


المصدر: موقع إضاءات الإخباري