بيروت؛ ٦/٤/٢٠٣٤
ميخائيل عوض
طالت الحرب كثيرا واورثت سورية تركة ثقيلة ودمار وازمات وحافة الجوع وفوضى اجتماعية واقتصادية وانفلات لم تشهده من قبل.
قاتلت سورية ببطولة وبقيادة ابداعية وبجيش اسطوري تسجل لها الشهادات من العدو والصديق.
فما تعرضت له لو تعرضت امبراطورية لتبخرت.
احكام التاريخ والأزمنة ودروسها تقطع بان المنتصر يكتب التاريخ ويقود في المستقبل.
سورية انتصرت وتسير بخطى ثابتة نحو استكمال النصر بتحرير اراضيها وتصفية القوى الارهابية والاحتلالات.
فهل تستطيع قيادة المستقبل؟
كان في الامر شك؟!
بل بلغت الامور حد التشكيك بقدرتها على ادارة ازمتها بعد ان هيمن على خيارتها الاجتماعية الاقتصادية العشوائية والمصالح الضيقة والارتجالية وانفلات الدولار والاسعار وكان البلاد تركت للعبث.
قيل الكثير عن فقدان الرئاسة لقبضتها وانفصالها عن الواقع. وقيلت سرديات عن امساك لوبيات بالأمور وتفشى الفساد والمحسوبية على نحو مخيف.
جرت الامور على عكس الاقوال وتبين ان الجاري كان تحت النظر والمتابعة الدقيقة وعندما حانت اللحظة همش الجميع ممن تخيلوا او قيل عنهم اباطرة كبار يتحكمون.
حتى ورثتهم الذين لمعت اسمائهم وقيل انهم ممثلون للإيرانيين وحزب الله واو للروس فقد طالتهم يد المحاسبة واستعيدت حقوق الدولة والمجتمع وتبين ان ليس من احد على رأسه خيمة.
على محور اخر جرت الامور بهدوء وثقة.
فالرئيس القائد كان قد سجل لنفسه مأثرة غير مسبوقة في الرؤساء والملوك.
عندما بدأت الازمة اجرى اكثر من الف وخمسمائة ساعة حوار مع كل فئات المجتمع السوري ووضع يده على كل التفاصيل وبجراته المعهودة قالها؛ اكتشفنا اكثر من الف ومائة مشكلة وازمة. ووجود اكثر من ٧٥ الف من الفارين والمطاردين وتاليا الازمة طويلة والحرب قاسية وسننتصر فيها وبذلك عاكس كل ما قيل عن خلصت وانتهت.
قائد رئيس يحاور شعبه بمختلف الفئات والاطياف ويصافحهم ويسمعهم ويناقشهم...
انها ممارسة ديمقراطية شعبية اجتماعية عصرية كمنتج شامي غير مسبوق.
ذاتها التقانة الابداعية يمارسها منذ حين.
فقد بدا حوارا صريحا شفافا مع اللجنة المركزية للحزب قال فيه كلاما نوعيا واستراتيجيا عن غزة وحربها وسورية والقضية الفلسطينية، والحزب والانتخابات والتحضير للمؤتمر لإنجاز تغيرات جوهرية بنيوية في الحزب ورؤيته وبنيته ووظيفته ودوره.
ثم اجتمع بالفنانين والادباء وصناع الدراما واستمع باهتمام للآراء وحاورهم بشفافية واجاب على الاسئلة وعالج الهموم.
واجتمع بالإعلامين والاهم بالاقتصادين من الخبراء واساتذة الجامعات البعثيين وكان اجتمع مع الامنيين والعسكريين لتدارس اعادة هيكلة الاجهزة ودورها ووظائفها .
في اللقاء مع الاقتصادين بحسب المقتطفات المنشورة قال كلاما نوعيا في مؤشراته ودلالاته.
الاشتراكية والعدالة والفقراء والتزاماتنا لن نغيرها لكن ستتغير وسائط تحقيقها.
الدعم واجب ويستحق لكنه يجب ان يكون في صلب الخطة الاقتصادية وكذا القطاع العام ووظائفه.
الاهم ما قاله عن الحزب ودوره وعلاقته بالحكومة وكيف ان الامور سارت هرما مقلوبا على رأسه والتوجه ان تجري عملية التقويم بإعادة الهرم الى قاعدته.
والقاعدة ان الحزب الحاكم يضع الرؤية والخطط الاستراتيجية اما الحكومة فهي السلطة التنفيذية.
كانت الحكومة تضع الخطط والحزب السلطة التنفيذية وهذا مخالفا لأبسط القواعد وللعلاقة بين الحزب والدولة.
وفي لقاء مطول نادر اجتمع الرئيس لما يزيد عن اربع ساعات مع قادة وضباط متقاعدين جلهم ممن ثبتوا في المواقع وقاتلوا ببطولات نادرة واسهموا بصناعة النصر بعد ان خاضوا تجربة الاعداد الاداري والتنموي.
درجا على ما سبق من انفتاح الرئيس على شعبه بكل فئاته ومحاورته والتعرف على ادق التفاصيل يمكننا الجزم بان سورية تؤهل نفسها وبنيتها وادارتها وحزبها ودولتها ومؤسستها العسكرية الى حقبة جديدة.
( اللافت ان الاعلام السوري يحجم عن نشر لقاءات الرئيس للعموم برغم قيمتها الاستثنائية وتوق السورين لسماعه ومعرفة ماذا يخطط لمستقبلهم ولتلبية حاجاتهم)
فما يسعى اليه الرئيس تجهيز وتأهيل سورية لحقبة اكمال النصر والنهوض وتاليا القيادة وريادة العربية المؤسسة في العروبة تمهيدا لاستنهاض العرب واعادتهم الى التاريخ والجغرافية.
فلقاءاته وتوقيتها وطبيعتها وما يقوله فيها ليست حملة علاقات عامة ولا هي خطب تعبويه انما تجري في سياق مخطط وهادف لحشد الهمم والتمكن من الرؤية والمشروع.
المؤتمر الحزبي على الابواب وفيه تجري عملية تأهيل وتجديد الحزب وتحديد دوره ووظيفته، وبعده انتخابات تشريعية يؤهل فيها المجلس التشريعي للحقبة الجديدة وبعد هما حكومة من طابع وطبيعة وتركيب ومهام جديدة تتساوق مع الجديد ووضع الهرم على قاعدته بفصل الحزب عن الحكومة والسلطات وعن مهام التنفيذ وتحريره من بيئات المولدة للفساد وحرمان الفاسدين من بيئات الحماية والتامين.
فحرب سورية اسست لنصر غزة ولنهوض اليمن ولانكشاف نظم وجغرافيا سايكس بيكو على فقدان الدور والوظيفة والحاجة للبدائل.
وبدائل امريكا هزمت في سورية وتتم تصفيتها في غزة. والعرب والاقليم في حقبة اعادة هيكلة والشام قد حجزت مكانتها رائدة منذ بدء التاريخ ويعود زمنها.
التتمة؛ سورية ناضجة لثورة من فوق ولحركة تصحيح عميقة فهل دنت ساعتها.
اية ثورة تصحيح تليق بها.